IMLebanon

أيّهما أخطر… التمديد للمجلس النيابي أم اعتماد «الستين»؟!

لا يختلف إثنان على القول إنّ «الجهاد الأكبر» الذي سيلي تأليف الحكومة سيكون في الإعداد لقانون انتخاب جديد يعتمد النسبية، وهو ما سيفرض تمديداً، ولو تقنياً، لمجلس النواب. وفي حال أبقي على قانون الستين ستجرى الإنتخابات في موعدها. وعليه سيكون الفصل سهلاً بين وجود تفاهم لإبقاء القديم على قدمه أو التجديد. فكيف سيتجرّع العهد الجديد التمديد مرة ثالثة؟

الى المساعي المبذولة لتأليف الحكومة الجديدة، والتي يقودها الرئيس المكلف سعد الحريري ومعه فريق من المستشارين بالتعاون والتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مستئنساً بآراء رئيس مجلس النواب نبيه بري كمفاوض وحيد عن الطائفة الشيعية والقيادات السياسية والحزبية، هناك بحث جدي في قانون جديد للإنتخاب استعداداً لإعطائه الأولوية في سلّم اهتمامات الحكومة بعد نيلها الثقة وانطلاق عملها.

لا يخفي الساعون الى توليد قانون الإنتخاب حجم الصعوبات والتعقيدات السياسية في الطريق اليه، فكلّ الجهود والوعود التي بذلت وقطعت منذ ثلاث ولايات للمجلس النيابي لم تنتج قانوناً جديداً، ومردّ ذلك الى رغبة الساعين اليه كما الى أيّ قانون مهما كان شكله في أن يكون ضامناً لأكثرية يتسابقون اليها من دون النظر الى أبعاده الوطنية.

فإقرار هذا القانون بات ملحاً لما يُسمى «صحّة التمثيل» ليس المسيحي فحسب، وانما صحة التمثيل الوطني. فالمظلومون جراء القوانين المعتمدة حتى الآن هم من كلّ الطوائف والمناطق اللبنانية، والقول إنّ الأمر يتوقف على صحة التمثيل المسيحي فيه كثير من الظلم وسوء الفهم لشكل ومضمون قانون عادل يتساوى فيه اللبنانيون في السباق الى الندوة النيابية.

وعليه فإنّ سعي العهد الى قانون جديد كان من أبرز ما قطعه من وعود تلاقيه أكثرية لبنانية نعت قانون الستين ووضعت حجراً كبيراً على قبره لا يمكن أحد إزاحته. لكنّ المواقف التي رافقت البحث في هذا القانون طرحت وما زالت تطرح أكثر من علامة استفهام حول صحتها وصدقيّتها.

ففي الكواليس كلام آخر يتعارض والسعي الى قانون يعتمد النسبية مثلاً أو يكون مختلطاً يمزج في دوائره المختلفة بين الأكثرية والنسبية بدليل أنّ بعضها، وتحديداً المختلط، تمّ تقسيمه بما يعيد إنتاج ما يُتوقع أن ينتهي اليه النظام الأكثري بوضوح وبلا مواربة.

وعليه يتوقف المراقبون أمام المساعي المبذولة لقانون جديد بعدما فشل مجلس النواب في إقرار أيّ من مشاريع القوانين العشرين المطروحة عليه والتي يصعب الفرز بينها سوى على خلفية اعتماد أيٍّ منها للنظامين الأكثري أو النسبي أو الخلط بينهما وهو ما يطرح سلسلة من الأسئلة الوجيهية التي تمسّ النتائج المترتبة على أيٍّ من هذه الخيارات المطروحة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– إنّ اعتماد النظام النسبي أو المختلط يفرض بحسب الخبراء السياسيين والأمنيين تمديداً تقنياً للمجلس النيابي الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران من العام المقبل إذا نجح الساعون الى القانون الجديد في إقراره بالصيغة النهائية قبل نهاية السنة الجارية.

فالمهل الدستورية الفاصلة عن موعد الانتخابات والتي تحدّد مواقيت توجيه الدعوة الى الهيئآت الناخبة لإنتخاب المجلس الجديد ما بين 20 نيسان أو 20 أيار 2017 لن تكون كافية لتعميم القانون وترجمة آلياته المعقدة في حالتي النسبية الكاملة أو المختلط.

وهو ما سيفرض تمديداً تقنياً على الأقل للمجلس النيابي لأشهر عدة الأمر الذي يتناقض والتعهّدات التي قطعها الرئيس ميشال عون ومثله أطراف التسوية التي انتهت بانتخابه رئيساً للجمهورية.

ولا يمكن له من موقعه كرئيس للجمهورية التعامل معه بواقعية وهو الذي سعى من موقعه رئيساً لتكتل الإصلاح والتغيير الى الطعن مرتين بقانوني التمديد للمجلس النيابي بعد العام 2013 لولاية كاملة على مرحلتين.

– إنّ اللجوء الى تأكيد إجراء الإنتخابات النيابية في ربيع العام 2017 على أساس قانون الستين أمر لا يعوق إجراءها في موعدها. لكنه وإن كان متوقعاً ويرضي كثراً ممّن يرفضونه علناً ويتمسّكون به سراً، سيسيء الى سمعة العهد بالدرجة الأولى وأكثرية الأطراف التي نادت بموته ونعته فيما هي تحلم بأكثريتها ببقائه الى أبد الآبدين وليس لولاية المجلس الحالية فحسب. لكنه ورغم ذلك ما زال الإطار الواقعي المطروح لأيّ انتخابات تجرى في موعدها باعتراف المعنيين.

وأمام هذا الواقع الذي تفرزه أيّ من الحالتين ثمّة مَن «وشوش» في أذن رئيس الجمهورية والمسؤولين العاملين من أجل قانون انتخاب جديد أنّ البقاء على قانون الستين ليس كارثة على أن يسبق إقراره تعهّد من الآن بأنّ القانون الجديد سيحكم انتخابات 2021 أيّاً كانت الظروف التي ستواكبها، وأنّ انتخابات الربيع المقبل لا يمكن أن تُجرى في موعدها بقانون جديد ولا مفرّ من الإبقاء على القانون الحالي – أي الستين – منعاً للتمديد مرة ثالثة للمجلس الحالي لأيّ سبب تقنياً كان أم أمنياً أو سياسياً. وفي هذه النظرية ما يخفّف من وطأة الإبقاء على الستين معبراً الى الإنتخابات في موعدها.

فإنّ تأجيلها يعد بكلّ المقاييس السياسية والأخلاقية والوطنية كارثة على العهد في بداياته والتمديد للمجلس الى حين إقرار القانون الجديد يعد بالمقاييس عينها كارثة أكبر بكثير تتجاوز سلبيات أيّ قرار آخر.