IMLebanon

أيّ «14 آذار» نُريد وتريدون؟

 

فتحتُ بريدي الإلكتروني صباح أمس، فوجدتُ هذه الرسالة من منسّق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» الدكتور فارس سعَيد، الذي أرسلها على ما يبدو إلى قيادات وناشطين في «14 آذار»، طالباً الإجابة عن سؤال مركزيّ محدَّد: أيّ «14 آذار» بعد عشرة أعوام على انطلاق هذه الحركة الاستقلالية؟

السؤال في حدّ ذاته يحمل معنى آخر، لم يسأله سعَيد مباشرةً، وهو: هل «14 آذار» ما زالت هي نفسها، بعد عشرة أعوام تعرّضَت خلالها لكلّ أنواع الاختبارات، وصنَعت عجائبَ عدة أوّلها قدرتُها على الاستمرار، لا بل قدرتها على أن تكون الجواب، على كلّ ما يحدث في لبنان والمنطقة.

لنترك فارس سعَيد يجيب بنفسه عن السؤال من خلال هذا النص الذي يختصر الأعوام العشرة الأولى. فأيّ «14 آذار» يريد سعَيد؟ يقول:

«14 آذار» الذي نريد بعد 10 أعوام من انطلاق انتفاضة الاستقلال هو:

1- 14 آذار قويٌّ متماسكٌ مبادرٌ أمام تهديدات القوى الرافضة قيام الدولة.

2- قادرٌ على مواكبة مرحلة المنطقة، وقادرٌ على التواصل والتفاعل مع القوى المدنية التي تواجه التيارات المذهبية في كلّ أنحاء العالم العربي.

3- متصالحٌ مع نفسه في تحديد رؤية واضحة للبنان 2050، من خلال تحديد برنامج حكم يتضمّن رؤية محددة حول قضايا الإنسان، من مستشفى، مدرسة، جامعة، فرَص عمل، واقتصاد.

4- عابرٌ للطوائف اللبنانية مع الحفاظ على خصوصية الأفرقاء، من خلال إنشاء مجلس وطني يضمّ 500 شخصية من كلّ المناطق والتيارات، محرّرٌ من القيود الطائفية والحزبيّة، ينبثق منه مكتب سياسي وأمانة عامة لمتابعة اليوميات.

5- متمكّنٌ من خوض انتخابات نيابية بإسم «14 آذار» وليس بإسم الأفراد أو الأحزاب، ومتمكّنٌ من الدخول إلى المجلس بكتلة نيابية واحدة تضمّ الجميع مع الحفاظ على خصوصيات المكوّنات الحالية.

6- متمسّكٌ باتفاق الطائف ومدافعٌ عنه، باعتباره اتفاق المصلحة الثابتة وليس الضرورة الظرفية، ومستعدٌ لتطويره في اتجاه إعطاء الحقوق للمواطن الفرد والضمانات للجماعات الطائفية.

7- متصالحٌ مع قضايا العرب، وعلى رأسها حقّ المواطن العربي في كلّ أنحاء العالم بالعيش الكريم بعيداً عن أنظمة الاستبداد والقهر وفي ظلّ مبدأ القانون والدستور وتداوُل السلطة والديموقراطية.

8- متصالحٌ مع المجتمع الدولي من خلال الحوار بين ضفّتي المتوسط، الذي أصبح حاجةً بعد اندلاع الربيع العربي وانعكاساته على العالم، ومن خلال الانخراط في النظام العالمي الجيّد المرتكز على الشرعية الدولية في كلّ مجالات الحياة.

9- 14 آذار لا يخجل مؤيّدوه من خياراته الوطنية والعربية والدولية، ومناضلٌ من أجل السلام في المنطقة على قاعدة العدالة واحترام الإنسان، ومدافعٌ عن قضية فلسطين التي تعاني منذ 70 عاماً، والتي شكّلت حتى اندلاع الربيع العربي القضية العربية المركزية.

10- 14 آذار شفّاف المالية والخيار والانتماء، واختيار القيادات من خلال انتخاباتٍ داخلية وتداوُل السلطة على مجلسه الوطني وأمانته العامة وإدارته السياسية.

عشر قضايا لا بدّ من إنجازها في «14 آذار»، يريدها سعَيد على قدر الأعوام العشرة، وهي تشكّل أسئلةً قد لا تأتي أجوبتُها، لكنّها في المقابل تفتح الباب من الآن وإلى 14 آذار 2015، لكثير من فتح الجروح واستذكار الإخفاقات والنجاحات، وتحَمُّل المسؤوليات.

للمرّة العاشرة يحاول سعَيد، أن يبادر. ففي المرّات التسع الماضية، وفي كلّ عام، كان يمسك مفاتيح الأمانة ويُهدّد بتسليمها، للصعود إلى قرطبا والتفرّغ للنُسك والكتابة.

لم يصدّق أحدٌ أنّ تلك المحاولات التسع كانت ستنجح، ولن يصدّق أحد اليوم أنّها ستأتي بنتيجة، خصوصاً في ما يتعلق بمطلب جمهور 14 آذار المزمن: إنشاء مؤسسات حقيقية تحتضن قياداتها ونُخبِها، خصوصاً غير الحزبيين منهم، وتعمل على بلوَرةِ برنامجٍ وطني شامل، يتجاوز هواجسَ ومطالب مكوّناتها الحزبية الثلاثية. كأنّ سعَيد يتوجّه بكتابه إلى القوى الثلاثية في «14 آذار» بالقول: هذا ما نريد من «14 آذار». فأيّ 14 آذار تريدون؟