IMLebanon

من هو «الداعشي» يا جنرال؟

لا يجد الإعلام البرتقالي حرجاً في ممارسة «تكفيره السياسي« وفي مواصلة حملته على من يصفهم بـ«دواعش الحريري«. لماذا؟ لأن رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون يستسهل رمي هذه الشتيمة على كلّ من يغلب على ظنّه انه من الطائفة او الفريق الذي ساق في حقّهما الكلام البذيء المنشور في موقع «ويكيليكس«! هكذا يتكلم عون وجماعته في السياسة. الآخر بالنسبة إليه «فريق داعشي«، لأنه، بحسب الجنرال، يأكل «حقوق المسيحيين« كما يأكل «داعش« الأكباد. فمن هو هذا «الداعشي« الذي يهدّد الوجود المسيحي في لبنان؟ 

عون، الذي وصل إلى حد غير مسبوق في إثارة النعرات والتحريض الطائفي باسم «حقوق المسيحيين«، لا يرى على الاطلاق مشكلة في التنازل عن الأسس والثوابت التي تحفظ الوجود المسيحي في التركيبة اللبنانية منذ أكثر من نصف قرن. تنازل الجنرال عمّا لم يجرؤ مسيحي من قبله على التنازل عنه. نادى بانتخاب الرئيس الماروني من الشعب، أي بصريح العبارة، من الأكثرية العددية المسلمة. لماذا؟ لأنه يُهيّأ له أن بإمكانه الاستقواء بأعداد جمهور حزب الله. أعطى الجنرال للطوائف المسلمة حق «الفيتو« على انتخاب أي ماروني لا يعجبها لرئاسة الجمهورية، من خلال بدعة تعطيل نصاب الانتخاب من قبل أي طائفة تجد أنها لا تستطيع إيصال رئيس ماروني على هواها. هكذا فضّل الزعيم المسيحي «الأعظم في تاريخ المسيحيين(!)» شغور الرئاسة المسيحية مرتين على انتخاب غيره. لماذا؟ لأنه يُهيّأ له أنه قوي بعضلات حزب الله.

جملة مقولات ساقها عون منذ عودته من المنفى عام 2005، وخاض تحت ستارها حربه وحرب حلفائه على «الطائف«. ألم يقل الجنرال إن تيار المستقبل يأتي بنوابٍ مسيحيين، الأمر الذي اعتبره منافياً لأصول «المناصفة«؟ ألم يعتبر الجنرال أن الأغلبية الشيعية تأتي برئيس للبرلمان وبأن الأغلبية السنية تأتي برئيس للحكومة، وبالتالي يحق للمسيحيين أن يأتوا برئيسهم كما تفعل الطوائف الأخرى؟ الجنرال الذي تحدّث عن كلّ ذلك، هو نفسه الذي يطالب اليوم بانتخابه من الشعب ليأتي بصوت حليفه الشيعي. كيف يرضى، مَن يطالب بحق المسيحيين في انتخاب رئيسهم ونوابهم، أن يأتي بالصوت المسلم؟ 

في آخر تصريح له، لم يجد «الجنرال« غضاضة بالقول «إنه مع الطرف المنتصر«. ما يعني أنه ليس منتصراً، بل هو بذمة المنتصر! الذميّة السياسية تجوز مع نوع آخر من أصحاب اللحى طالما أنهم يعدونه بمنصب متصرف جبل لبنان وسائر المشرق، فيما هو يقسم بشرفه السياسي أن الداعشي يمكن أن يكون حليق الذقن ومرتدياً ربطة عنق ويحب اللون الأزرق! 

صحيح أن تنظيم داعش الإرهابي هجّر مسيحيي الموصل، كما قال الجنرال سابقاً، لكن هناك «دواعش« لبنانيون يقامرون بـ«حقوق المسيحيين«، ويضحّون بثوابت الموارنة الاساسية حفاظاً على «حقوق العائلة«. هي نفسها الجهة التي تعطّل انتخاب الرئيس وتوقف اصدار قرارات في الحكومة وتُجمّد التشريع، تقوم بإيهام شارعها بأن التاريخ المسيحي والماروني في لبنان مرهون بحقوق الجنرال وأصهرته! الجنرال يحلم بوطن فيه قانون، كما يدّعي، أم أنه يحلم بدولة تستوعب أصهرته وعائلته على حساب الوجود المسيحي؟