IMLebanon

لماذا لا يستخدم الحزب الرئاسة لـ”تعويم” نفسه؟ انتخابات نيابية بلا رئيس تزيد تهميش الموقع

ينبغي الإقرار بأن “حزب الله” يمتلك في يده أوراقاً يمكن أن يلعبها في الظروف الحالية التي قد تكون الأنسب له، ويستطيع من خلالها “تعويم” نفسه على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهذه الأوراق تمكنه من “تمنين” الدول القلقة على لبنان من استمرار الفراغ الرئاسي، والتي تود فعلاً الإنتهاء من هذا الملف وبيعها حسم هذه الأزمة.

كما ينبغي الإقرار بأن الوضع الذي يواجهه الحزب ليس سهلاً، أياً تكن المكابرة التي يبديها على هذا الصعيد، مع أن المسألة لا تتصل بمقتل أبرز قياداته في سوريا تباعا، بل بقانون العقوبات الأميركي الذي يضيق عليه جداً، كما بالإجراءات العربية التي أصابت من لبنان مقتلاً، فضلاً عن خنق صوته إعلامياً في الخارج، والبيان الذي أصدره الحزب والمتعلق بالتحذير من عزلته المحلية يشكل دليلاً بارزاً على عزلة أخرى يفرضها الخارج ويود استمرار حمايته منها عبر مؤسسات الدولة اللبنانية.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار: لماذا لا يفرج الحزب عن ورقة الرئاسة وهو في ذروة قوته، بدلا من تنازلات يقدمها لاحقا من اجل المحافظة على ما تبقى وهو يدرك ان تمسكه بالعماد ميشال عون لا يمكن ان يؤدي الى وصول الجنرال الى قصر بعبدا، أيا تكن درجة الوفاء له. فالرسالة التي وجهها الرئيس سعد الحريري من أمام باب قصر الاليزيه ردا على سؤال عن احتمال لقائه والعماد عون في اشارة الى مضمون الاقتراحات المتداولة، ولعل من بينها اقتراح انتخاب عون رئيساً لسنتين كمرحلة انتقالية، كانت رسالة حاسمة وواضحة وتستبق ايضا التقاء الزعماء اللبنانيين بمن فيهم عون والحريري لدى السفير السعودي علي عواض العسيري غداً. وهذا يعني ان لا تغيير في مواقف الافرقاء بما يؤمن لعون الإجماع او التوافق الذي يريده، ولعله بات على الحزب أن يحسم موقفه، ما لم يشأ استمرار انتظار الخارج ليأتي بحل، وهذا لا يبدو واضحا او محتملا في المدى المنظور، او اقله في انتظار ان تظهر بوادر ايجابية ملموسة وجدية من المفاوضات اليمنية في الكويت دليلاً على انفتاح قنوات الحوار او التواصل بين المملكة السعودية وايران.

وما أثاره رئيس مجلس النواب وعاد وطرحه على طاولة الحوار لجهة الدفع في اتجاه انتخابات نيابية محتملة قبل الانتخابات الرئاسية انما يؤدي الى جملة امور، قد يكون ابرزها في ظل رغبته في تحريك الامور استبعاد حصول توافقات تؤدي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور، ناعيا في طريقه المساعي الفرنسية، فيتم ترحيل الرئاسة الى ما بعد الانتخابات النيابية التي ستجرى وفقاً لقانون الستين على الأرجح. والأمر الجيد في ذلك ان لا تمديد محتملا او ممكنا لمجلس النواب الحالي الذي سيفتقد عبر موقف بري النصاب لإقرار أي تمديد جديد. وهذا يلبي تطلعات اللبنانيين الى انتخابات نيابية. وإرجاء جلسة الحوار الى 21 حزيران يعني ان بت الموضوع اي الذهاب الى انتخابات نيابية قبل الرئاسية لن يطرح في مجلس النواب قبل الدورة العادية في الخريف، مما يقفل الباب امام امكان انتخابات مبكرة لأن الانتخابات في هذه الحال ستجرى في الربيع المقبل.

وتميل اوساط سياسية عدة الى عدم التعامل بخفة مع مبادرة الرئيس بري انما من دون التعويل كثيرا عليها. فهذا الموضوع وجد اصداء متضاربة لدى “تيار المستقبل” على رغم اعلانه التشديد على انتخابات رئاسية قبل الانتخابات البلدية. والمنطق الذي يجد صدى لدى بعض من اهل التيار وسواهم من خارجه هو كيف يمكن اجراء انتخابات بلدية ثم انتخابات نيابية في غياب رئيس للجمهورية. ولماذا الحاجة عندئذ الى رئيس يؤخذ منه حتى حق ابداء الراي في قانون انتخابي تجرى على اساسه الانتخابات، على رغم ان بري كان رافضا لمنطق الاتفاق على قانون انتخابي من دون رئيس للجمهورية فكيف الحال مع اجراء الانتخابات؟

وتاليا هل المطلوب هو رئيس شكلي للبروتوكول بحيث يعزز الافرقاء مواقعهم واوراقهم فلا يجد الرئيس بعد انتخابه سوى ما يترك له من مساحة سياسية ضيقة ومحدودة؟ وثمة من يتساءل عما اذا كان طرح الرئيس بري ينطلق من شعوره بأن قانون الستين لم يعد يشكل مشكلة لدى الافرقاء المسيحيين، إما نتيجة للاعتقاد بان التحالف بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” يمكن ان يؤمن لهما وفق هذا القانون نوابا اكثر من السابق، او ان الافرقاء لمسوا ان الدفع في اتجاه قانون على اساس النسبية قد يفقدهم الكثير من التأثير في ظل معارضات برزت في الانتخابات البلدية. والأهم أن اي اتفاق على حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية بعد الانتخابات النيابية انما يخضع لاتفاق مسبق لن يستطيع احد ضمانه اذا استمر التشنج الإقليمي وتاليا المحلي مما قد يؤدي عمليا الى حكومة تصريف اعمال وموقع شرعي منتخب ووحيد هو رئاسة المجلس النيابي. اما في حال وافق بعض الافرقاء على الذهاب الى انتخابات نيابية بخلفية انه يمكن ان يؤمن اكثرية لاحقا تضمن له ان يأتي برئيس الجمهورية الذي يريد، علما ان قانون الانتخابات والانتخابات في ذاتها هي أهم بكثير من موقع الرئاسة بالنسبة الى البعض خصوصا في قوى 8 آذار، فان السؤال الذي سيبرز هل أن حال التوافق لانتخاب رئيس مطلوبة من الأفرقاء والطوائف في الداخل، ام من الخارج ؟