IMLebanon

البنك الدولي «يفتح ذراعيه» للبنان

يدعم البنك الدولي فكرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان، ويعتبر انها الطريق الصحيح نحو إنجاح مشاريع تطوير قطاعات البنية التحتية في مقدمها الكهرباء والاتصالات… الانطباع العام لمن يتابع نشاط البنك في هذه الفترة، أن لبنان بات موجودا على رأس قائمة اهتماماته، لأسباب وخلفيات متنوعة.

الاهتمام الذي يبديه البنك الدولي بالوضع اللبناني واضح في هذه الحقبة. ويمكن الاستناد الى مجموعة مؤشرات في هذا الصدد، من أهمها :

اولا- الزيارة التي قام بها رئيس البنك الدولي قبل عام بالتحديد الى لبنان برفقة الأمين العام للأمم المتحدة في حينه، بان كي مون.

ثانيا – سياسة «طول البال» التي اعتمدها البنك مع مشاريع ظلت مجمدة لسنوات بسبب عجز الدولة اللبنانية عن إصدار التشريعات واتخاذ الاجراءات المناسبة للاقلاع بها.

ثالثا- الزيارة التي قام بها نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط حافظ غانم وجال خلالها على الرؤساء لاطلاعهم على استعداد البنك الدولي لزيادة تعاونه مع لبنان، والاتفاق على مشاريع جديدة.

ما هي خلفيات هذا الاهتمام؟

لا يخفي حافظ غانم تأثيرات قضية النزوح السوري في هذا الموضوع. وهو وإن تحدث عن علاقات تعاون طويلة وقديمة مستمرة بين لبنان والبنك الدولي، الا انه يشير بوضوح الى ان تداعيات النزوح السوري على لبنان، دفعت البنك الى تزخيم نشاطه في اتجاه البلد، وتنويع المساعدات والقروض لتشمل قطاعات مرتبطة بالنزوح بشكل مباشر مثل التعليم. ويؤكد غانم ان البنك الدولي يأخذ في الاعتبار مساعدة النازحين ومساعدة المجتمع اللبناني الذي يحتضنهم.

يكشف غانم في اللقاء الذي جمعه مع مجموعة صغيرة من الاعلاميين، في مقر البنك في وسط بيروت في حضور المدير الاقليمي في البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط فريد بلحاج، انه لاحظ في جولته اللبنانية الحاجة الى مشاريع تطوير الطاقة والاتصالات. وهو يعتبر ان تطوير هذه القطاعات يجب ان يتم عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص، من خلال اشراك القطاع الخاص في الاستثمار والتمويل.

ومع ان غانم ينفي ان تكون لدى البنك الدولي أي شروط مثل الخصخصة لكي يتعاون مع الدولة اللبنانية في هذه المشاريع، الا انه لا يخفي ان البنك الدولي يحاول ان يقدم الافكار التي تساعد في إنجاح اي مشروع. وعلى سبيل المثال، مشروع تطوير الكهرباء يحتاج الى إشراك القطاع الخاص، لأن ذلك أفضل من ان تقترض الدولة 5 مليار دولار لانجاز هذا المشروع.

عن دور البنك الدولي في الرقابة على المشاريع التي يمولها ويشارك فيها، يقول غانم: طبعا نحن نشرف على المشاريع لضمان عدم وجود هدر او فساد في المشاريع. لكن اريد ان ألفت الى ان لدينا في البنك الدولي جهاز خاص بالتحقيقات في هذه المواضيع. وبالتالي، اي شكوك في وجود فساد يمكن نقلها عبر الـHot line الى هذا الجهاز الذي يتولى التحقيق.

وعن صلاحيات هذا الجهاز في حال اكتشاف الفساد يقول غانم: هناك ثلاث انواع. التحقيق الداخلي في حال تبين ان موظفا في البنك متورط. والاجراءات هنا تشمل طرده وملاحقته قضائيا. وفي حال تبين وجود فساد لدى شركة خاصة منفذة للمشروع يتم وضعها على اللائحة السوداء بحيث يتوقف تعاون البنك الدولي معها بشكل دائم. كما ان وضعها على اللائحة السوداء يؤثر على تعاون الدول والمنظمات عبر العالم معها.

الحالة الثالثة في حال تبين وجود فساد من قبل موظف حكومي يتعاطى بالمشروع، يتم تزويد حكومة بلاده باسمه لكي يتم التحقيق معه واتخاذ الاجراءات اللازمة معه. كما تشمل الاجراءات، في حال تبين ان الحكومة فاسدة، وقف المشروع واسترداد الاموال التي يكون دفعها البنك الدولي.

هل من نماذج في لبنان عن اكتشاف البنك الدولي لحالات فساد في المشاريع التي يدعمها، يجيب غانم بالنفي! لكنه يؤكد وجود نماذج في دول أخرى.

اعادة اعمار سوريا

عن دور لبنان في مشروع اعادة اعمار سوريا، والذي سبق وتحدث عنه البنك الدولي، يقول غانم ان دور لبنان مهم وحيوي وهو سيكون منصة لاعادة الاعمار، خصوصا منطقة الشمال اللبناني والموانئ اللبنانية.

ويشير الى ان دراسات البنك الدولي أظهرت بوضوح مدى التاثير السلبي للأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني. وبمجرد توفر حل سياسي في سوريا وبدء مرحلة اعادة الاعمار، فان الاقتصاد اللبناني سيكون مستفيدا، اولا من انتفاء الاسباب التي أدت الى اضعافه، وثانيا من خلال الدول الذي سيلعبه لبنان والشركات اللبنانية في اعادة الاعمار.

حول وجود تصوّر لدى البنك الدولي عن حجم كلفة اعادة اعمار سوريا، يكشف غانم ان البنك الدولي يتابع هذا الملف ويجري تحديثه باستمرار، من خلال مراقبة الاضرار بالاقمار الصناعية، لكن لا يوجد رقم ثابت حتى الان حول الكلفة. لكن دور اللبنانيين سيكون مهما، خصوصا شركات المقاولات اللبنانية الكبيرة القادرة على المساهمة في هذه الورشة.

أخيرا، يرى غانم ان دول المنطقة كلها تمر في مرحلة صعبة، من سوريا الى اليمن، العراق، ليبيا، ونحن في مرحلة تغييرات كبرى في العالم. من هنا نعلّق أهمية كبيرة على ان ينجح لبنان، وهو البلد الذي كان عبر تاريخه نقطة التقاء في المنطقة، نريده ان يستعيد هذا الدور، هذا ما نتمناه ونعمل له.