IMLebanon

استقالة ظريف

 

فاجأ محمد جواد ظريف الكثيرين بإعلانه عن تقديم استقالته من وزارة الخارجية الإيرانية بإستثناء «قلة قليلة من أصدقائه الغربيين» كما قالت وسائط أعلام أميركية أمس. إلاّ أنّ كبار المسؤولين الإيرانيين لا يمكن أن تكون هذه «الاستقالة الليلية» قد فاجأتهم. فمنذ نحو ثلاث سنوات والرجل يتذمر. يُقال إنّه بدأ يشعر بأنه واحد  من مجموعة وزراء خارجية لوزارة خارجية إيرانية واحدة، فالكثيرون من الموفدين الإيرانيين الى بلدان الخارج يتولون أدواراً هي في صلب مهام وصلاحيات وزير الخارجية من دون سواه.

 

وفي تقدير ظريف، وأيضاً في تقدير الكثيرين من المراقبين، أنّ الرجل نجح في الوزارة. وأنّ أبرز معالم نجاحه  توصله الى «الاتفاق النووي» مع مجموعة الــ5+1 بعد مفاوضات مضنَكة طوال عشر سنوات.

 

نكتب هذا الكلام قبل أن نعرف موقف الوزير المستقيل من رفض الرئيس روحاني استقالته. فهل سيصّر عليها أو إنه سيتراجع فيقبل استئناف مهامه. ولكننا لا نستطيع إلاّ أن نتوقف أمام كلامه في شرح بعض حيثيات الاستقالة فيقول إنه يعتقد بضرورة الحفاظ على مكانة الخارجية (الإيرانية) «كأمر مصيري» (…) لذلك رأى «من واجبه» أن يستقيل (…) «في مواجهة عدم مراعاة مكانة الخارجية الإيرانية».

 

والسؤال البدهي: من هو المرجع  أو من هي الجهة التي لا تحافظ على مكانة الخارجية؟ … واستطراداً من هو المرجع أو من هي الجهة التي لا تراعي مكانة وزارة الخارجية في إيران؟!

 

1 Banner El Shark 728×90

 

حتى الآن يبدو واضحاً أن الرجل يشكو من استباحة الخارجية ليصل به الأمر  الى حد القول: «لست حزيناً ولست منزعجاً من أحد ولست بحاجة الى ترضية من أحد».

 

وفي المعلومات أن الشعرة التي قصمت ظهر البعير واستعجلت الاستقالة هي أن ظريف فوجئ بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد مثلما فوجئ بها أي مواطن إيراني وأي مراقب خارجي… وأنه كان مفترضاً بمكتب الرئيس روحاني أن ينسّق معه في شأنها. واذا كانت الزيارة تتخذ الطابع السّري لأسباب عديدة فهذه السرية يجب ألاّ تشمل وزير الخارجية الذي يكفيه ما يعانيه  من قرض صلاحياته وتجاوز دوره على أيدي «وزارات الخارجية» البديلة أو الموازية الموجودة في رئاسة الجمهورية ولدى المرشد الأعلى السيد خامنئي ومواقع أخرى تتصرّف وكأنها مقار لوزارة الخارجية، خصوصاً لجهة الوفود الإيرانية التي تزور بلداناً عديدة ويتصرف أعضاؤها كأنّ كلاً منهم وزير للخارجية.

 

وإذا صحت المعلومات فإنّ الأزمة الفعلية هي بين ظريف والرئيس روحاني علماً أن الرجلين ينتميان الى «التيار الاصلاحي» داخل النظام الإيراني… إلاّ أنّ الواقع يثبت أنّ التيار الإصلاحي موجود  فعلاً ولكنه عاجز عن أي دور أو فعل. فالبرغم من كثرة المؤسسات الرسمية في النظام الإيراني فإنّ هناك قراراً واحداً لمرجع واحد هو المرشد الأعلى  السيد خامنئي وقد قال ظريف قبل أيام من استقالته: «إن أهم معيار في عملي هو تطبيق أوامر المرشد الأعلى».