IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 11/10/2020

سعد الدين الحريري الثاني أمسك بخيوط اللعبة السياسية، فبدأ مشاورات اليوم رئيسا مكلفا قبل الغد اجتمع برؤساء الحكومات السابقين، أجرى اتصالين بكل من عون وبري، واتفق على مواعيد الاثنين، ليستكمل في الأيام المقبلة مرحلة “التطبيع” السياسي مع بقية الأفرقاء، بهدف تجميع الحاصل ليوم الخميس.

أداء محترف يقود زعيم تيار “المستقبل”، منتزعا من الرئيس ميشال عون بدعة احتجاز التأليف، وإطالة أمد الاستشارات والتي بلغت خمسين يوما في الطريق إلى حكومة حسان دياب.

وفي المسافة الفاصلة عن يوم الاستشارات في الخامس عشر من الجاري، فإن ترسيم ملامح الرئيس المكلف ظهرت للعيان، وأعطت رسما تشبيهيا للحريري نفسه وحده لا شريك حكوميا يوزايه، ودعما كنسيا مارونيا لوصوله، فبرزت التفاتة من بكركي باتجاه “بيت الوسط”، إذ رأى البطريرك الراعي أن القلق سيتعاظم إذا ما تعثر تكليف شخصية لرئاسة الحكومة الجديدة، وبخاصة إذا ما تعثر تأليف حكومة إنقاذية غير سياسية، تتمكن من المباشرة في الإصلاحات وفق مقتضيات مؤتمر “سيدر”.

وإذ تنطبق هذه المواصفات على الحريري، فإن مزايا رئيس الحكومة القوي سيتمكن من إسنادها إليه، لاسيما أنه سيقنع رؤساء الحكومات السابقين بأنه استعاد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء في التأليف، بعدما صادرها رئيس الجمهورية وأصبحت وديعة لديه.

وغدا، ولدى بدء الطلاب أولى صفوف الدراسة بعد انقطاع سبعة أشهر، سيلتحق الرئيس سعد الحريري بصف التعليم السياسي المدمج، لكنه سيكون محصنا بدروس فرنسية ومبادرة ماكرون واتفاق قصر الصنوبر، ما يؤهله لأن يرفع الأنقاض عما تبقى من ولاية العهد، ليفتتح عهدا خاصا به وليس برئيس الجمهورية.

ومن علامات نجاحه أنه ذهب إلى استيعاب رؤساء الحكومات السابقين، على الرغم من معارضته مبادرة نجيب ميقاتي، فهو تجرع سمهم أيضا وسحب عصبياتهم واندفاعهم نحو الإيقاع بين ثنائي شيعي ومفرد سني، في حينه، وقبل أسبوعين تم وقف النزيف بمبادرة زعيم تيار “المستقبل” التي أسندت وزارة المالية إلى الطائفة الشيعية لمرة واحدة ضمن أسماء يختارها الرئيس المكلف. وهو اليوم يبدأ الجزء الثاني لهذه المبادرة، والتي تأتي معزولة عن الانتخابات الأميركية والأدوار السعودية والإيرانية، وقبل الدور الروسي.

لكن خميس المشاروات يصادف وقوعه على تماس مع أربعاء الترسيم بين لبنان والعدو الإسرائيلي. والتزامن ليس على حقيبة ولا على انتزاع حقوق طائفية، إنما على تأليف وفدي تفاوض بعقلية الذاهب إلى تمثيل سياسي ومذهبي، وهذا الأمر كان كشفه المدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد عبيد ل”الجديد”، والذي شارك في اجتماعات رسمية في هذا الشأن، وقال إن هناك محاولة لزرع سياسيين وإداريين في وفد التفاوض بحيث تتشكل “لجنة.. ووفد”: اللجنة يرأسها المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، والوفد يرأسه العميد بسام ياسين.

ويتبين من هذا الأداء أن رئيس الجمهورية ورئيس “التيار” جبران باسيل، ينظران إلى الترسيم من زاوية طائفية، ويبتدعان ميثاقية المفاوضات، أي مساواة المفاوض المسيحي مع المفاوض المسلم، والكلام جارح في ملف وطني كترسيم الحدود، لكنه يشبه تجارب أخرى قاربها “التيار” ورئيس الجمهورية بالعقلية نفسها، من معادلة سلعاتا و6 و6 “مكهرب”، إلى ناجحي مجلس الخدمة المدنية وحراس الأحراج، وليس ختاما بقانون العفو العام، والذي حتى عندما تحول إلى عفو خاص، سأل رئيس الجمهورية وزيرة العدل عن الأسماء لا عن ارتكاب الجرم.

كل هذه الفئويات كانت تمرر وتنسى مع الزمن، “إنما.. للعهد حدود”، وترسيم هذه الحدود اليوم هو مسألة عابرة للطائفية، وتاليا لأي محاولة تطبيع. وإذا كان رئيسا الجمهورية ومجلس النواب يتوجسان من عقوبات أميركية جديدة، فإن الأثمان لا يمكن لها أن تمر من الخط البحري أو البري.