IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد 10/03/2019

في البدء كانت الكرسي، والمتحرك فيها هو تداول السلطة، لكنها في الجزائر انقلبت “رئيسا على عقب” ومقعدا متحركا ينقل الزعيم إلى مشفاه السويسري ويرده كالسندريلا النائمة إلى الرئاسة.

هذه هي حال بلد المليون شهيد منذ أسابيع. وطن المقاومة والاستقلال والذي يقاوم بعضه بعضا اليوم وينقسم في الشارع. ومنذ أن قرر القيمون على الرئيس ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، والجزائريون لم يسمعوا سوى بالكرسي الناعسة والشاحنات المستوردة أوراقا للدستوري، واليوم الطائرة التي قد تقل الرئيس إلى مسقط الرأس، أما هو شخصيا فلا خطاب يوثق علامات الظهور.

وبعودة الرئيس الصامتة، فإن الشارع لا يبدو أنه سيعود إلى الوراء، وسط توقعات بالاضراب العام والعصيان المدني، في حال استمرت السلطة متمسكة بالولاية الخامسة لرجل سخرت منه مواقع التواصل ومنحته اسم “بوتلزيقة”. لكن الرئيس، ليس في هذا العالم، ووضعه الصحي لم يسمح له بالمعرفة، فيما تأخذ حاشيته السياسية وعائلته عنه القرار، تحكم وتترشح باسمه، وتدعو إلى الهدوء باسمه، وهذا ما استعجله رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح معلنا أن “الجيش الجزائري والشعب لديهما رؤية موحدة للمستقبل”.

هي حال دول عربية ما تزال تعاند شعوبها، ولا نية لها بأن تتعظ من شوارع قريبة سقطت لمجرد أن الشعب “أراد”، وليست السودان بأقل اضطرابا مع تمديد حال الطوارئ واستمرار حملات الاعتقالات والمحاكمات “المهداوية”، وأبرزهم مريم الصادق المهدي ابنة زعيم “حزب الأمة” المعارض وتسعة عشر آخرين من أعضاء الحزب، لمشاركتهم في احتجاجات تدعو الرئيس عمر البشير إلى التنحي.

وإذ كانت شعوب السودان والجزائر تجد لها مساحات تظاهر، فإن هذه الحريات ممنوعة من أساسها في دول أخرى، حيث يتم التعبير عن الرأي “بالتخاطر” وعن بعد وعبر الاشارات والايماءات ووسائل التواصل، كما يحصل في حملة “إطمن_إنت_مش_لوحدك”.

وعلى ضفة لبنان، فإن سياسة “لوحدك” تبدو الرائجة، لاسيما في التوجه إلى مؤتمر النازحين في بروكسل من دون اصطحاب الوزير المختص. ووفقا لوزير شوؤن النازحين صالح الغريب، فإن الحكومة تتجاوز جميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل. واعتبر أن البعض لا يروق له عودة النازحين إما نزولا عند رغبة بعض الأطراف الخارجية بشق الموقف الوطني الموحد، وإما تغليبا لبعض المصالح المشبوهة الضيقة أو الإثنين معا، وهذا يدل على الإصرار في اتباع سياسات مشرذمة لا تمت إلى مصلحة لبنان بصلة.

وكلام الوزير المختص ينبه إلى سلوك “غريب” لدى الحكومة في مقاربتها ملف النازحين. فالأموال والمساعدات مطلوب منحها لهم دوليا، لكن على قاعدة ضمان عودتهم إلى بلادهم واجراء الترتيبات اللازمة لايصال المعونات إلى حيث انتقالهم في المناطق السورية الآمنة، ومن خلال المواقف يتبين أن هذا الملف أحدث رأيين منقسمين: الأول تتبناه الحكومة ورئيسها، والثاني يدعمه رئيس الجمهورية من خلال تغريدة الوزير سليم جريصاتي الذي استغرب استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسل، وقال إن التنكر لاختصاصات الوزراء المعنيين أمر لا يساعد على التضامن الحكومي.

والتضامن لن يكون سوى سياسي يتصل بالحرب على الفساد للوقوف ضد المساءلة على مستويات عليا. واليوم نكشف أن الوزير الوحيد الذي دخل السجن بمضبطة اتهام، ظل للآن بلا حكم في القضية منذ ستة عشر عاما. ومن مآثر الماضي، كلام سيكشفه علي عجاج عبدالله ل”الجديد” عن “جنون البقر” وجنوح القضاء إلى القدر.