IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”lbci” المسائية ليوم الاحد في 12/05/2019

القديسون يثبتون عجائبهم التي يصنفها العلم على أنها معجزات، بعد الوفاة. البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ثبت معجزات وطنية كمن يحفر الجبل بإبرة.

من كان يجرؤ على توفير الغطاء لاتفاق إنهاء الحرب الذي سمي اتفاق الطائف عام 1989؟ من كان يجرؤ على إطلاق نداء بكركي عام 2000 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على الإقدام على مصالحة الجبل عام 2001 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على إطلاق لقاء قرنة شهوان في ربيع العام 2001 غير البطريرك صفير؟ من كان يجرؤ على رعاية ثورة الأرز في ربيع عام 2005 غير البطريرك صفير؟

معايشة تلك التواريخ، في لحظتها، لم تكن تعكس كل هذه الأبعاد، ولكن مع مرور الزمن يتأكد أن البطريرك صفير كان رجلا استراتيجيا، يعرف كيف يوقت موقفه وسقفه، فانتظر الإنسحاب الإسرائيلي في أيار من عام 2000 ليطلق نداءه الشهير في أيلول: النداء في بداية الألفية الثالثة، وانطلق صعودا، فكان القائد والملهم والراعي والمثابر، لا يلويه تهديد ولا يثبط عزيمته تهويل.

سلاحه “عظة يوم الأحد”، وتحديدا الفقرة الأخيرة منها، فكانت الناس تنتظرها كأنها خريطة طريق، وكان المسؤولون والسياسيون يتعقبونها ليعرفوا “شو قال سيدنا بالوعظة”.

كثر كانوا يزورونه السبت ليثنوه عن إطلاق موقف في العظة، لكن ثوابته كانت صخرة لا تلويها وشوشة أو همسة.

وما كان يسقط من العظة كان يقوله في البيان الشهري للمطارنة الموارنة. فكانت العظة والبيان السلاح الأمضى الذي لا يضاهيه سلاح ولا يعلو فوقه أي صوت. وإذا كانت ثمة تحولات في تلك الفترة، فإن الفضل الأكبر فيها يعود لهذا السلاح الأمضى: العظة والبيان.

هناك رجال يسببون الأزمات ورجال يديرون الأزمات ورجال يعالجون الأزمات أو يشاركون في معالجتها. البطريرك صفير كان من الرجال الذين يعالجون الأزمات. لم يكن على الحياد بل انحاز إلى الحق والصح.

ولد في سنة إعلان لبنان الكبير، وغاب عشية الذكرى المئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير.

جاء إلى الدنيا في 15 أيار 1920، وسيلقي عليه اللبنانيون نظرة الوداع، ليدخل في التاريخ، في 15 أيار 2019. وداعا البطريرك صفير.