IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم السبت في 27/06/2020

نحن فعلا في زمن تاريخي، سواء بأحداثه أم بأسمائه أم بقراراته. وحين نكون في زمن تاريخي، فالأسماء تصبح تاريخية والأحداث تصبح تاريخية.

اليوم ثلاثة أسماء دخلت التاريخ: الإسم الأول: السيدة فاتن علي قصير، الإسم الثاني: القاضي محمد مازح، الإسم الثالث: دوروثي شيا.

السيدة فاتن علي قصير لأنها تقدمت باستدعاء عبر البريد الإلكتروني لمحكمة صور للقضايا المستعجلة.

القاضي محمد مازح لأنه قرر البت بالإستدعاء، على رغم أنه ورد يوم عطلة رسمية، لكن بالنظر إلى خطورة الموضوع، قرر البت فيه. وفي تعليل القرار أن حديث السفيرة شكل تعديا على حقوق المستدعية، السيدة فاتن علي قصير.

الإسم الثالث الذي دخل التاريخ هو السفيرة الأميركية دوروثي شيا، لأن القرار طاولها وقضى بإلزامها بالامتناع عن الأحاديث المسيئة للشعب اللبناني، ومنع أي وسيلة إعلامية من إجراء أي مقابلة معها لمدة سنة.

هنا نفتح مزدوجين لنسأل: من هي السيدة فاتن علي قصير التي تقدمت بالاستدعاء عبر البريد الإلكتروني لمحكمة صور؟. إذا كان اليوم هو عطلة رسمية، فما هو وجه الخطورة الذي دفع القاضي إلى البت بالموضوع في يوم عطلة رسمية؟، كيف يتم تحديد “الأحاديث المسيئة للشعب اللبناني”؟، ومن يحددها؟، وما هي المعايير؟، هل يكفي أن تعتبرها السيدة فاتن علي قصير مسيئة لتصبح مسيئة؟، لماذا منع إجراء أي مقابلة مع السفيرة هو لمدة سنة فقط؟، لماذا ليس أكثر أو أقل؟.

أبعد من هذا القرار التاريخي واستهدافاته التاريخية، هل يدخل اتخاذ موقف من تصريح السفيرة الأميركية من ضمن صلاحيات قضاء العجلة؟. هل في تاريخ القضاء اللبناني، المستعجل منه والبطيء، أي قرار مشابه؟، هل القرار ينحصر بالسفيرة الأميركية أم بكل السلك الديبلوماسي العامل في لبنان؟. هل يكفي أن ترسل مواطنة لبنانية رسالة بالبريد الالكتروني إلى أي محكمة، حتى في يوم عطلة رسمية، ليتحرك القضاء؟. إذا كان الأمر كذلك، فيا حضرة قضاء العجلة “لحق على رسائل إلكترونية من يوم ورايح”؟.

هل القرار تجاوز لصلاحيات وزارة الخارجية: باستدعاء السفيرة، بتوجيه احتجاج لها، بطردها؟. كلمة “هزلت” لم تعد تكفي. هل نحن في بلد؟، هل نحن في دولة قانون؟.

إسمحوا لنا: هذا ليس بلدا، هذه ليست دولة قانون! أزعجكم تصريح لسفيرة؟، هناك طرق مراجعة: يستدعيها وزير الخارجية، يوجه لها احتجاجا، يطردها، يطالب دولتها بتعيين سفير أو سفيرة بديلا منها، أما أن يمنعها من الكلام، ويحدد لها مدة المنع، فما هو المصطلح الذي ينطبق على هذا التصرف؟، هل تكفي كلمة هرطقة؟.

وليكتمل “النقل بالزعرور”، يتضمن القرار منع أي وسيلة إعلامية من إجراء أي مقابلة مع السفيرة تحت طائلة وقف الوسيلة عن العمل وإلزامها دفع غرامة مالية، وبالدولار الأميركي، ولم يعرف على أي سعر: سعر مصرف لبنان أو سعر المنصة أو سعر الصيارفة أو سعر السوق السوداء؟.

أظرف ما في هذا القرار انه يستهل بجملة: “باسم الشعب اللبناني”! فهل هذا ما يريده الشعب اللبناني؟.

فعلا هزلت، لكن هذا القرار لن يمر، لا قضائيا ولا إعلاميا، والمطلوب أوسع حملة استنكار للإستخفاف بالعقول واستنباط قرارات غب الطلب. طليعة الإستنكارات جاءت من “المؤسسة اللبنانية للارسال انترناشيونال” التي رأت أن قرار القاضي تدخلا في قدسية وحرية العمل الاعلامي التي يصونها الدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء، وترى فيه أيضا قرارا غير ملزم وغير نافذ، وبالتالي ستتقدم بطعن بوجهه، أمام السلطات القضائية المختصة.

فلا قضاء العجلة ولا القضاء البطيء قادر على المس بالحريات الإعلامية، وإذا كانت هناك تصفية حسابات سياسية، وارتضى بعض القضاء أن يكون جزءا منها، فإن الحريات الإعلامية ليست جزءا من هذه التصفيات ولا هي مكسر عصا: هذا القرار، قرار القاضي مازح، مسيئ للبنان، لحرية اعلامه، لقضائه، لصورته لدى المجتمع الدولي، ولعلاقته مع الدول، #الحرية_الاعلامية… إما أن تكون وإما… أن تكون.

ومنذ بعض الوقت غردت السفارة الأميركية في لبنان فكتبت: نحن نؤمن بشدة بحرية التعبير والدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام الحرة في الولايات المتحدة ولبنان. نقف مع الشعب اللبناني.