IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم الأحد في 28/06/2020

إنه التحدي بين الحرية واللاحرية، وبين الدولة واللادولة. عندما اتخذ القاضي محمد مازح قراره أمس، كان دقيقا، فهو لم يمنع السفيرة الأميركية من الإدلاء بتصاريح، إنما استصوب الإعلام ومنعه من نقل تصريحات دوروثي شيا.

وقع مازح في المحظور، فطريق تحصين السيادة والانتفاض لكرامة لبنان لا يمر بالإعلام، إنما بالطرق الديبلوماسية.

ليس تحت شعار خط الحرية الأحمر الفضفاض، تتحدث الـ lbci عن الحريات، باسمها وربما باسم كل الإعلام، إنما تحت شعار الخيط الرفيع الذي يفصل الحرية عن اللاحرية. فالقاضي مازح عندما أصدر قراره، تلاعب بهذا الخيط الرفيع، وهو بطلبه منع نقل تصريحات شيا، مس بحرية الرأي التي كفلها الدستور، وفرض على الإعلام الرقابة المسبقة، وجاء قراره شاملا يشبه التعميم، ما جعله بالمنطق القضائي ساقطا.

خطير التلاعب بحرية الإعلام، تماما كما خطورة التلاعب باستقلالية القضاء، وبين الاثنين لا بد من العودة إلى البدء، إلى كل مرة وقفت فيها الـ lbci، مع حرية الإعلام، ولعل أبرز الوقفات كانت عندما حاولت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، منع تلفزيون “الجديد” من تغطية تحقيقات مرتبطة بقضية الشهود الزور، فاختارت “المؤسسة اللبنانية” يومها في العام 2013، مثلما تفعل اليوم، رفع تحدي الحرية أمام اللاحرية.

أما تحدي استقلالية القضاء، فباحترام نسلمه للجسم القضائي، الذي يعرف أكثر منا جميعا، كيف يرد ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

التحدي الأول صوب، أما التحدي الثاني فهو الأصعب، فهل نحن في دولة أو لا دولة؟، السؤال يطرح انطلاقا من حال الإرباك التي غرق فيه السياسيون منذ الأمس. فالسفيرة الأميركية وبعد القرار، أكدت تلقيها اتصالا رسميا تطمينيا بأن ردا مناسبا سيتخذ على هذا الحكم غير اللائق، وهنا ضاعت البوصلة، وضاعت الدولة.

من اتصل بشيا، رئيس الحكومة، وزير الخارجية، وزراء آخرون، أم من؟. مرت الساعات ثقيلة، بين نفي وزاري من هنا وآخر من هناك، حتى جاء التبني. سليم جريصاتي، مستشار رئيس الجمهورية، وعن رئاسة الجمهورية، اتصل بشيا وقال: إن القرار قضائي ولم يأت بإيعاز سياسي، وأي قرار رسمي، ستتبلغه السفيرة عبر وزير الخارجية ناصيف حتي الذي استدعاها غدا إلى قصر بسترس.

ماذا سيقول حتي لشيا؟، وماذا سيطلب منها بموجب الأعراف الديبلوماسية؟. هل سيخبرها عن إرباك الحكومة اللبنانية، الواقعة بين واشنطن من جهة و”حزب الله” من جهة أخرى؟. هل سيخبرها بأن جزءا من اللبنانيين يساندها مع بلادها، وجزءا آخر يعاديها مع بلادها، بعد إطلالاتها الأخيرة، وأن الانقسام بين الفئتين عاد إلى الواجهة؟.

هل سيذكرها، بحسب ما قال النائب حسن فضل الله للـ lbci، أن كلامها مس بمشاعر اللبنانيين الذين صوتوا لصالح “حزب الله”، وهم 220343 شخصا، جعلوا الحزب جزءا لا يتجزأ من مجلس النواب والحكومة؟.

وماذا ستقول شيا لحتي؟، هل ستخبره أن ما استدعى كلامها على قناة “الحدث” هو ما تعتبره الكلام التهديدي الذي ساقه الأمين العام ل”حزب الله” عبر خطابه الناري منذ أسبوعين، والذي تناول فيه مواضيع كقتل الناس وأمور مماثلة، حسب ما قالت اليوم للـ lbci، مع الإشارة إلى أن السيد نصرالله كان أعلن في خطابه ذاك: إذا جوعتونا سنقتلكم.

خطير التلاعب بين الدولة واللادولة، فنحن اليوم أقرب إلى اللادولة، التي لم يكن ينقصها، فوق أزماتها، سوى إعلان خبر عبر شاشة “العربية الحدث”، عن حادث أمني وقع لدى مرور موكب الرئيس سعد الحريري في البقاع الغربي منذ أسبوع، تحسم نتائج تحقيقاته لاحقا ليتبين ما إذا كان الانفجار الذي حصل منذ أكثر من عشرة أيام ناجم عن انفجار خزان طائرة مسيرة، أو هو استهداف للموكب؟.

البلد في عين العاصفة، وعلى أبواب الفتنة، وبين الدولة واللادولة، قد نسير إلى ما هو أخطر من الجوع.