IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “OTV” المسائية ليوم الاحد في 12/05/2019

على درب أسلافه الكبار، مشى البطريرك السادس والسبعون. تسعة وتسعون عاما أمضاها على هذه الأرض، وفي هذا الوطن، من بينها ربع قرن رأسا للكنيسة المارونية، قبل أن تقرر مشيئة الله أن ينتقل إلى السماء، فجر الأحد 12 أيار 2019، ليوافي البطريرك الأول يوحنا مارون والبطاركة الشهداء وبطريرك لبنان الكبير الياس الحويك، وسائر من كتبوا في حياتهم تاريخ شعب، وسيرة وطن، وصلاة كنيسة.

 

كتب الكثير في البطريرك الدائم، كما لقبه البطريرك الراعي، وسيكتب أكثر. قيل الكثير، وسيقال أكثر. والأهم انه قال الكثير، لكنه في مراحل كثيرة، قول أكثر.

 

هو البطريرك الذي تولى المسؤولية في أحلك الظروف، فكان دائما نصير الدولة. رفض ممارسات الميليشيات في زمن الحرب، ورأى في الطائف، الذي لم يطبق، فرصة لإحياء الدولة وهي رميم.

 

هو الراعي الصالح الذي رفض الاحتلال، فأصدرت رعايته نداء بكركي الشهير في 20 أيلول 2000، بعد الانسحاب الاسرائيلي، للمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان، ليشكل ذلك دفعا كبيرا لمسيرة استعادة ثلاثية الحرية والسيادة والاستقلال، التي فقدت ذات تشرين.

 

هو المدبر الحكيم الذي صنع مصالحة الجبل عام 2001، والأمل مستمر باكتمال العودة. في التكتيك، تباين معه أكثر من طرف، وفي أكثر من مرحلة. أما على المستوى الاستراتيجي، فلا يختلف اثنان على التزامه الخط الأساسي الذي سار عليه الموارنة بقيادة بطاركتهم على مر الأزمان سعيا الى ثلاثة: الوحدة في الإيمان، والاستقلالية الحرة في جبل لبنان ثم لبنان، والانفتاح على الآخر المختلف أو التعددية الثقافية الدينية.

 

إنه مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك الوطن لا الطائفة، والإيمان لا الأحزاب، والمصالحة لا التكاذب، والاستقلال لا استبدال التبعيات.

 

عنه قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم: “تفتقد الساحة الوطنية بفقدانه، رجلا عقلانيا، وصلبا في مواقفه الوطنية ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف”.

 

واعتبر الرئيس عون أن البطريرك صفير “سيبقى معلما بارزا في ضمير الوطن، وواحدا من رجالات لبنان الكبار على مر التاريخ”، داعيا إلى استلهام عظاته الغزيرة، ومواقفه السياسية، وروحانيته، تخليدا لذكراه، وحفاظا على مكانته في وجدان الأجيال الطالعة.

 

وتجدر الاشارة إلى أن رئيس الجمهورية كان تداول مع رئيس الحكومة في الخطوات الواجب اعتمادها بعد وفاة البطريرك صفير، لاسيما لجهة اعلان الحداد الرسمي والتوقف عن العمل في كل المؤسسات والادارات الرسمية والخاصة يوم التشييع حدادا على الراحل الكبير.