IMLebanon

قمّة الكويت: إيجابيات يُبنى عليها للمستقبل

إتصل سياسي عربي بشخصية كويتية صديقة له وهنّأها على انتهاء قمة الكويت العربية بـ”أقلّ الخسائر الممكنة”، إذ لم يكن متوقعاً لقمة تنعقد في ظلّ الحال العربية الراهنة وما يشوبها من انقسامات ونزاعات وتوترات أن تخرج بنتائج أفضل ممّا خرجت به.

ضحكت الشخصية الكويتية وقالت لهذا السياسي: “بالفعل كانت نتائج القمة اقلّ ممّا كان مطلوباً منها، ولكنها أفضل ممّا كان متوقعاً لها”. واكدت هذه الشخصية انّ “إعلان الكويت” الصادر عن القمة هو “إعلان الحد الادنى الذي راعى جميع الاطراف من دون ان يمكَّن طرفاً واحداً من فرض رأيه كاملاً”.

ففي الموضوع السوري مثلاً، دعت هذه الشخصية الكويتية البارزة الى ان تتمّ المقارنة بين البيان الصادر عن هذه القمة وبين ما ورد في بيان القمة السابقة. فقد نجحت الكويت في جعل سياستها الاصلية غير المعلنة تجاه الازمة السورية الإطار الذي خرج به بيان القمة، فلا دعوة الى إسقاط النظام ولا الى تنحّي الرئيس بشار الاسد، ولا تبنّيَ لدعم مجموعات المعارضة المسلحة.

وأصرّت الكويت، ومعها دول عربية ذات ثقل، على ان يبقى الموقف من التمثيل الرسمي السوري في القمة مقتصراً على تعليق المشاركة السورية، وليس على قاعدة إعطاء مقعدها لأيّ جهة أخرى. وشكّلت عودة علم الدولة السورية الى احتلال مكانه في المقعد السوري اشارة رمزية لها دلالات كثيرة، بل كانت تعبيراً عن احترام لجملة تطورات ميدانية وسياسية شهدتها سوريا، كذلك شهدتها المنطقة والعلاقات الدولية.

وعلى رغم اعتقاد بعض الذين تابعوا وقائع القمة انّ هجوم مسلّحي المعارضة على بلدة كَسَب في ريف اللاذقية الشمالي وذات الكثافة السكانية الارمنية وبتشجيع الحكومة التركية وعشيّة انعقاد القمة العربية، لم يكن سوى محاولة لتخفيف آثار الانجازات الميدانية التي حققتها الحكومة السورية في القلمون وريف حمص الغربي، فإنّ البعض الآخر من هؤلاء المتابعين رأوا أنّ التغيير الذي حصل في مصر بإسقاط حكم “الاخوان المسلمين” برئاسة الرئيس المخلوع محمد مرسي، أدّى دوراً مميزاً في استعادة التوازن الى قرارات جامعة الدول العربية من اجل اعادة هذه الجامعة الى بيت العرب الذي تحلّ فيه مشكلاتهم، لا الى إطار انفعالي يحوّلها مشكلة جديدة بدلاً من أن تكون حلاً.

وكان اللافت هنا انّ دمشق أيضاً لم تُعلن مواقف شبيهة بتلك التي اصدرتها في مناسبات مماثلة وتجاه قمم سابقة، ولا سيما منها قمة الدوحة التي جلس فيها الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب على المقعد السوري وأمامه علم المعارضة.

على أنّ ما يُقال عن التوازن في الموقف الصادر عن القمة في شأن الأزمة السورية يمكن أن يقال في الأزمة الخليجية الناجمة من الخلاف الدائر بين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة وقطر من جهة ثانية، إذ أكدت مصادر اطّلعت على ما دار في القمة انّ هذه الازمة الخليجية بُحثَت في كواليس القمة اكثر ممّا بُحثت في جلساتها العلنية، وقد تجلى هذا الأمر رمزياً في الصورة التي جمعت امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح ووليّ العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز وامير قطر الشيخ تميم بن حمد، وذلك في اشارة الى انّ أفق الحل الخليجي ما زال موجوداً، خصوصاً مع همّة الكويت صاحبة الخبرة في المصالحات الخليجية والعربية.

والى ذلك، فإنّ خطاب الرئيس المصري الموقّت عدلي منصور خلال القمة برزت فيه النبرة المصرية التاريخية التي تظهر انّ مصر تتصرف عن الامة كلها، إذ نادى بجعل المنطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ومن ضمنها السلاح النووي الاسرائيلي، وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي وتنقية العلاقات العربية ـ العربية. فبَدا الرئيس الموقّت، من خلال هذه المواقف، انه يعلن سياسة دائمة لمصر الجديدة.

هذه الايجابيات التي برزت في القمة يمكن البناء عليها في قابل الايام والاشهر المقبلة لخَلق واقع عربيّ خال من الخلافات والنزاعات يعيد التضامن بين الدول العربية في ضوء النظام الدولي الجديد الذي نشأ على أنقاض الأحادية الاميركية التي حكمت العالم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي مطلع التسعينات وحتى العام 2011 حيث تفجّرت الازمة السورية، ونشأت في ضوئها التحالفات الدولية الجديدة وعودة الدب الروسي متحالفاً مع التنين الصيني الى الساحة الدولية.