IMLebanon

غرفة التجارة الدولية عن لبنان: الإستقرار السياسي والأمني ضرورة لطمأنة رأس المال بدل التفجيرات والفراغ

china economy

ميريام بلعة

لفت التقرير الإقتصادي الأسبوعي لبنك الإعتماد اللبناني إلى أن «التراجع في حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة الوافدة الى لبنان يعود تحديداً الى تراجع محفظة استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في القطاع العقاري في ظل التوترات السياسية والامنية التي سادت في لبنان وسوريا المجاورة» بحسب ما ورد في «تقرير الاستثمار العالمي 2014» لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية ? الاونكتاد المؤرخ في 24 حزيران 2014.
واستحوذ لبنان على حصة 6,40% من مجموع الاستثمارات الوافدة الى المنطقة (44,28 مليار د.أ) و0,20% من مجموع الاستثمارات الوافدة على صعيد عالمي (1,451 مليار د.أ) خلال العام 2013. واستحوذت تركيا (12,87 مليار د.أ) على حصة الاسد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة الوافدة الى منطقة غرب آسيا، تلتها الامارات العربية المتحدة (10,49 مليارات د.أ) والمملكة العربية السعودية (9,30 مليارات د.أ). اما في ما يختص بالاستثمارات الخارجة من بلدان المنطقة، فكانت حصة لبنان 2,22% (690 مليون د.أ) من مجموع الاستثمارات الاجنبية المباشرة الخارجة من المنطقة (31,10 مليار د.أ) و0,05% من مجموع الاستثمارات الخارجة على نطاق عالمي (1,410 مليار د.أ).
في ضوء هذه الأرقام، تتساءل الأوساط الإقتصادية عن مصير مستقبل الإستثمار الداخلي مع نشوء الإرهاب «الدخيل» على الساحة اللبنانية، وكيفية طمأنة رأس المال «الجبان» إلى توظيف أمواله في هذا الجوّ الطارئ الذي تبدّد مخاطره الجهود الحثيثة للأجهزة الأمنية اللبنانية وفاعلياتها، وتحدّ من تداعياته.
رئيس غرفة التجارة الدولية وجيه البزري الذي تمنى في حديث إلى «الشرق»، «توقف العمليات الإرهابية مع حلول شهر رمضان المبارك»، أكد أن «التفجيرات الإجرامية التي حصلت في الأيام الأخيرة تركت بصماتها السوداء على الدورة الإقتصادية، لا سيما على الحركة السياحية، بعدما بدأنا نتلمس المنحى الإيجابي للإقتصاد الوطني وعودة السياح العرب والخليجيين إلى لبنان. لكن العمليات الإرهابية المتتالية في ضهر البيدر والطيونة والروشة، ولّدت «نقزة» في صفوف السياح فساورهم القلق والخوف من الوضع القائم، الأمر الذي أدّى إلى تراجع نسبة الحجوزات في الفنادق اللبنانية لا سيما في العاصمة بيروت».
وقال البزري: «تشكّل السياحة عصب الإقتصاد اللبناني، ونأسف لأن تؤدي تداعيات هذه التفجيرات الى إفراغ أسواقنا من السياح، وتبديد أمل المؤسسات السياحية في موسم واعد، لكننا نتمنى أن يكون الوضع قد انتهى عند هذا الحدّ وعادت الأمور إلى طبيعتها. وهنا أحيي الأجهزة الأمنية ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي، لاتخاذهم إجراءات وقائية تقلل من حدّة نتائج التفجيرات وتداعياتها، ما يجعلنا نشعر بوجود الدولة ونتلمس هيبتها ونقتنع بسهرها على استتباب الأمن سعياً إلى تحقيق الإستقرار على الساحة الداخلية. فالحملة الأمنية الوقائية الجارية تحدّ على الأقل من أضرار الأحداث الأمنية الإرهابية وتجنّب مخاطرها. وهذا أمر إيجابي بوجود أجهزة أمنية تسهر على مكافحة الإرهاب وتمنع انفلاشه، بتوجيه من المسؤولين في الدولة، وتمنع تجوّل عناصر الشبكات الإرهابية من مكان إلى آخر بسهولة، وتعرقل بالتالي تنفيذ مخططاتهم».
وتابع: «كل ذلك يُبعد شبح هذه التفجيرات عن مقوّمات الإقتصاد اللبناني، ويجنّب تعرّضه لمزيد من الجمود. وأولويتنا كقطاع خاص توفير الأمن قبل الإزدهار الإقتصادي، لانه من دون أمن لن نرى سائحاً ولن يبقى لبناني في البلد. برغم كل ما حصل، نطمئن إلى أن المنحى إيجابي، واهتمام الدولة وأجهزتها الأمنية بالوضع وجهودهما الجبارة في توفير الأمن عززت الثقة لدى المواطنين بدولتهم التي أظهرت أن الأمن ليس متفلتاً من قبضتها».
وإذ لم يغفل التأكيد أن «انتخاب رئيس للجمهورية لا يزال الأولوية»، دعا جميع القوى السياسية «إلى التعالي عن المصالح الشخصية والتفكير في مصلحة البلد، ونرى اليوم أن الفراغ لا يفيد مصلحة البلد، بل تحل مكانه الفوضى، من هنا من الأهمية بمكان ملء الفراغ الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن تتوافق عليه كل القوى السياسية، ويأتي كائن من كان فذلك يبقى أفضل من الفراغ».
وعن السبب الذي لم يدفع الهيئات الإقتصادية حتى اليوم، إلى تشكيل «لوبي» ضاغط على المسؤولين السياسيين لحلحلة الوضع القائم، قال البزري: «نحن نقرّ بضرورة التحرك، إنما في العادة نتحرّك في اتجاه رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة، ونسمع كل يوم وعوداً بقرب انتخاب رئيس للجمهورية وأن الأجواء إيجابية، ويدعوننا إلى التريّث والبدء بالتحرك مع عهد جديد. لكن إذا طال الفراغ، فهناك واجب على الهيئات الإقتصادية التحرّك في الحدّ الأدنى، لإسماع صوت لبنان».
وعن تأثير الفراغ الرئاسي على نشاط غرفة التجارة الدولية في الخارج، قال البزري: «للفراغ تأثيرات سلبية كبيرة، إذ كلما توجّهنا بالدعوة إلى الإستثمار في لبنان أو أي مشروع اقتصادي، يبادروننا القول «إذا كانت الدولة لا تستطيع انتخاب رئيس للجمهورية، فكيف لها أن تؤمّن لنا البيئة المواتية للإستثمار؟!». قد نتمكّن من إقناع شركائنا في الخارج بالسياحة في لبنان وتمضية عطلة الصيف في ربوعه إذا كان الوضع الأمني مستتباً، لكن فكرة الإستثمار ليست واردة لديهم إذا لم يتأمّن الإستقرار السياسي إلى جانب الإستقرار الأمني. صحيح أن الأولوية هي للإستقرار الأمني، إنما إذا أردنا جذب الإستثمارات فعلينا أيضاً تأمين الإستقرار السياسي، عندها يشعر المستثمر بأن المشروع الذي يستثمر فيه في لبنان، لن يمتد لسنة أو سنتين فقط، بل مبني على مدى طويل. فالتخطيط والتنفيذ لأي مشروع يلزمهما استقرار أمني وسياسي على السواء، هناك كثير من المستثمرين يرغبون في الإستثمار في لبنان، لكن لا نستطيع إقناعهم بذلك في الوقت الراهن في ظل غياب الإستقرار السياسي والمتمثل أولاً في فراغ سدة الرئاسة».
وعما إذا كانت الغرفة تخطط لفتح منافذ إلى الخارج لتنفيس الجمود الإقتصادي في الداخل، قال: «نظمت غرفة التجارة الدولية منذ نحو أسبوعين مؤتمر «التكامل الإقتصادي» بالتعاون مع البنك الدولي ومجلس رجال الأعمال المتوسطي لفتح مجالات وآفاق الإستثمار لرجال الأعمال اللبنانين إلى الدول الشرق أوسطية. ودلّت أهمية الحضور لا سيما من دول الشرق الأوسط، إلى أن أمل ممثلي تلك الدول لا يزال قائماً في دور لبنان في الشرق الأوسط، ولا سيما لجهة موقعه الجغرافي والسياسي والإقليمي غير المنحاز لأي فريق في المنطقة».
وعما إذا كانت هناك اتفاقات مشتركة بين غرفة التجارة الدولية مع الخارج، قال البزري: «بالطبع، عقدنا مجالس رجال أعمال مشتركة مع دول عدة في المنطقة، مثل تركيا واليونان ومصر. فمجالس رجال الأعمال تعمل بجهد وفعالية، لكن المهم تأمين الإستقرار السياسي والأمني لترجمة هذه الجهود والأعمال في الواقع».
وعن رأيه في آلية تمويل سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، قال: «السلسلة حق لموظفي القطاع العام، لكن السؤال هل الدولة قادرة على تأمينها؟ وإذا كانت قادرة فلتباشر بإعطاء القطاع العام حقه، وإذا لم تكن كذلك في الوقت الراهن، فلتصارحهم بذلك وتحدّد لهم متى تستطيع إعطاءهم السلسلة وتعمد إلى جدولتها كما يجري في القطاع الخاص. والأهم في هذا الموضوع وفي الظرف الراهن تحيداً، أن تكون الدولة صريحة مع موظفي القطاع العام بعيداً من التجاذبات والمزايدات السياسية على حساب الدولة وموظفي القطاع العام على السواء. ورأى أن «من الأفضل ألا يكون تمويل السلسلة من الضرائب، لأن الأخيرة تضرّ الإقتصاد الوطني كما الدولة، وهناك باب للتمويل تتفق عليه الجهات الإقتصادية والنقابية كافة ومسؤولو الدولة، وهو إجراء الإصلاحات ووقف الهدر الحاصل في الإدارات العامة. هذا هو الباب السليم، وكي يتهرّب المسؤولون في الدولة من وقف الهدر، يلجأون إلى اقتراح الضرائب التي تشكّل عبئاً على الإقتصاد والمواطنين وحتى على الهيئات النقابية. فلماذا لا نعتمد الباب الذي نتوافق عليه وهو باب الإصلاحات ووقف الهدر؟!».