IMLebanon

شهر على سريان مفعول قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الخارجية “FATCA”

Nahar

موريس متى

دخل في الاول من تموز الماضي حيز التنفيذ “القانون الاميركي الخاص بالالتزام الضريبي للحسابات الأجنبية” المعروف بـ”فاتكا” والذي صدر عام 2010. ويهدف القانون الى ملاحقة حملة الجنسية الاميركية او حملة حق الاقامة في الولايات المتحدة والذين يعيشون خارج الاراضي الاميركية ولا يدفعون الضرائب المتوجبة عليهم للسلطات الضريبية، ما سيساعد واشنطن في تحصيل الضرائب المستحقة على الاميركيين في الخارج والمقدرة بأكثر من 100 مليار دولار سنويا.

يفرض قانون “فاتكا” على جميع المصارف والمؤسسات المالية في العالم ويلزمها الافصاح سنويا للسلطات الضريبية الاميركية المعروفة بـ (IRS) عن حسابات عملائها الذين يحملون الجنسية او حق الاقامة على الاراضي الاميركية. وفي حال مخالفتها هذا الامر، فإن هذه المؤسسات ستخضع لعقوبات اميركية تصل الى حجز 30% من قيمة الاموال الناتجة من عملياتها في الولايات المتحدة في وقت تصل عقوبة عدم تقديم الاقرار المالي من دافعي الضرائب الى نحو 100 الف دولار او 50% من رصيد الحساب غير المصرح عنه، بالاضافة الى العقوبات والغرامات التي يمكن ان تفرض لعدم دفع الضريبة المستحقة. وفي هذا السياق، بلغ عدد الدول التي وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقا ثنائيا “فاتكا” على مؤسساتها المالية ومصارفها او عبرت عن التزامها رسميا توقيع الاتفاق قبل نهاية 2014 حوالى 99 دولة، لكن هذا لا يعني ان القانون لن يسري الا في هذه الدول، بل سيسري على جميع الدول التي تتعامل مع النظام المصرفي الاميركي.

المصارف اللبنانية
وقد باشرت المصارف اللبنانية تطبيق قانون الامتثال الضريبي على حسابات الاميركيين اعتبارا من اول تموز 2014، اذ بدأت بالتدقيق بشكل معمق في جميع حسابات الزبائن القدامى والجدد. وبدأت المصارف بالزام المواطنين الاميركيين الذين يمتلكون حسابات لديها او الذين يرغبون في فتح حساب، ان يوقعوا نموذجا خاصا وضعته مصلحة الضرائب الاميركية يتضمن جميع بنود قانون “فاتكا”، كما يفرض عليهم توقيع رفع السرية المصرفية عنهم فقط لمصلحتها. وفي ما يتعلق بزبائن المصارف القدامى، يؤكد قانون الامتثال الضريبي وجوب ابلاغ الخزينة الاميركية خلال سنة واحدة بما يخص حسابات الاميركيين التي تتجاوز المليون دولار، اما بالنسبة الى الزبائن الذين لا تتجاوز حساباتهم المليون دولار فأمهلتهم واشنطن سنتين للابلاغ عنها.

لا يستهدف قطاعنا المصرفي
في هذا السياق، يؤكد رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل لـ”النهار”، ان قانون “فاتكا” لا يستهدف “القطاع المصرفي اللبناني كما يعتقد البعض وليس له علاقة بالاجراءات الاخرى مثل العقوبات الاميركية على بعض البلدان والاشخاص والمؤسسات. كما ان هذا القانون لا يتطلب الغاء السرية المصرفية في لبنان كما يشاع. وبما ان القطاع المصرفي اللبناني حريص على شفافيته وعلى انخراطه في المنظومة المصرفية والنقدية والمالية العالمية، فإن المصارف اللبنانية ملتزمة تطبيق القانون وهي تدرك ان تطبيقه يتطلب اجراءات خاصة وقد استعدت لذلك”. وبحسب باسيل، يبقى الهدف الاول والاخير لهذا القانون هو مكافحة التهرب من دفع الضرائب من المواطنين الاميركيين المقيمين في الخارج او الذين يملكون حسابات مصرفية في مؤسسات خارج الولايات المتحدة.
وعن كيفية التزام المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية هذا القانون، يقول باسيل: “اصدر مصرف لبنان اعلاما يطلب فيه من المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية وهيئات الاستثمار الجماعية العاملة في لبنان اتخاذ الاجراءات المناسبة في ضوء احكام القانون، كما طلب من القطاع المالي والمصرفي القيام بالاستعدادات المواتية واتخاذ كل الاجراءات ضمن المهل المحددة في نص القانون بغية التحوط للنتائج التي قد تنعكس على علاقاتها مع المراسلين في الولايات المتحدة او المراسلين خارجها المتقيدين بأحكام القانون عند بدء العمل به،وذلك تلافيا لما قد يتعرض له القطاع المالي والمصرفي من مخاطر سمعة، وحفاظا على المصلحة الوطنية العليا ولاسيما على سلامة الاوضاع المصرفية واستقرارها”. وبعد ذلك تعين على كل مصرف التوقيع مباشرة مع الدائرة المختصة في الخزانة الاميركية (Internal Revenue Service)، لان مصرف لبنان لم يدخل في اتفاق عام ومعقد بطبيعته مع الحكومة الاميركية على هذا الصعيد، بحسب باسيل. والدليل على ذلك تسجلت 122 مؤسسة مالية ومصرفية لبنانية مع الـ Internal Revenue Service قبل بدء سريان القانون في الاول من تموز 2014. اذا، فالقطاع المالي عموما والقطاع المصرفي خصوصا يقوم بكل الاجراءات اللازمة لالتزام التطبيق الكامل لقانون fatca، وذلك للحفاظ على سمعة القطاع الممتازة وعلى علاقاته الدولية.

المصارف العربية
في ما يتعلق بالمصارف العربية وجهوزيتها لالتزام تطبيق هذا القانون، يؤكد الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح لـ”النهار” ان الاتحاد ساهم في توفير ارضية صلبة لهذه المصارف لتطبيق “فاتكا” بنجاح ومنع اي تداعيات سلبية محتملة قد تنشأ من تطبيقه. ومن ناحية اخرى، وفي الشأن اللبناني، يقول فتوح: “اعتبرت مصلحة الضرائب الاميركية IRS والمجلس الدولي للضرائب الاميركية ان لبنان من الدول السابقة في تطبيق قانون FATCA، وابدى المجلس ارتياحه الى الاجراءات التي قامت بها المصارف اللبنانية نحو التحضير لتطبيق القانون”، وذلك خلال الاجتماعات واللقاءات الرسمية التي عقدها وفد الاتحاد في الولايات المتحدة اخيرا وشرح خلالها الجهود التي بذلها الاتحاد حيال التوعيةوالتدريب والتأهيل للمصارف العربية ووضع الاطار العام الذي يساند المصارف العربية عند تطبيق “فاتكا” بما يحفظ مصالحها وعلاقاتها بالنظام المصرفي الاميركي، كما قدم الاتحاد المعونة التقنية لبعض الدول العربية، منها ليبيا واليمن والسودان والجزائر وتونس، معتمدا بذلك على الخبرات اللبنانية، ويؤكد فتوح ان معظم المصارف العربية اصبحت مهيئة لتطبيق هذا القانون.
وفي سياق متصل، توقع فتوح ان تبدأ واشنطن في الاشهر القليلة المقبلة بالتعرف الى مساوئ قانون “فاتكا” الذي اربك الاميركيين العاملين في الخارج وتسبب بصعوبة عند فتح الحسابات وقال: “كاتحاد مصارف كنا نفضل ان يتم توقيع اتفاق بين هيئة رسمية عربية ووزارة الخزانة الاميركية لتطبيق “فاتكا” بدلا من التوقيع بشكل فردي مع المصارف، “في وقت شدد على الاولوية التي كان يجب ان تعطيها السلطات الاميركية وتحديدا مصلحة الضرائب لمكافحة التهرب الضريبي على الاراضي الاميركية في خطوة كانت لتحصل لها ايرادات اكبر من التوقع تحصيلها من خلال تطبيع قانون “فاتكا” الذي اعتبره فتوح مجرد سيطرة رقابية على الحسابات من دون اي جدوى ضريبية.

التنازل عن الجنسية
في الاشهر القليلة بعد اقرار قانون “فاتكا”، تقدم مئات الاميركيين بطلبات من اجل التنازل عن جنسيتهم، ولا بد من الاشارة الى ان التنازل عن الجنسية لن يعفي المتنازل عنها عن دفع الضرائب المستحقة عليه قبل التنازل، وبالتالي هذه الخطوة لا تحمي الفرد المتنازل عن جنسيته من ملاحقات مصلحة الضرائب الاميركية. فالسلطات الاميركية لن تعترض بالطبع على طلب التنازل عن الجنسية. ولكن عند صدور وثيقة فقدان الجنسية يتم ارسال نسخة عن الوثيقة الى السطلات الضريبية الاميركية ومكتب التحقيقات الفيديرالية وادارة خدمات الهجرة على ان تبدأ مصلحة الضرائب بفحص السجل الضريبي لهذا الشخص، وفي حال تم اكتشاف عدم ايفائه الضرائب المستحقة عليه خلال الفترة التي تسبق تنازله عن الجنسية سيتم الطلب منه دفع كل المستحقات عليه بالاضافة الى الفوائد والغرامات. كما ستعتبر السلطات الضريبية جميع الاصول التي يملكها مباعة بقيمتها السوقية قبل يوم واحد من تاريخ التنازل عن الجنسية وايضا سيتم فرض ضريبة على جميع الارباح الرأسمالية التي جناها جراء تملكه لهذه الاصول.