IMLebanon

ماذا يمكن أن تفعل دور النشر للرد على أكبر عملائها؟ …بناء الجسور فوق «أمازون»

FinancialTimes

هنري مانس وشانون بوند

ماذا يحدث إذا كان أكبر زبائنك هو أيضاً أسوأ كوابيسك؟ تلك هي المعضلة التي تواجه دور نشر الكتب التي تتعامل مع شركة أمازون. تُقدّر دور النشر أن شركة جيف بيزوس تشكّل نحو ثُلث مبيعات الكتب الأمريكية، كما أن عملاقة التجارة الإلكترونية قد أدخلت الكتب إلى العصر الرقمي، دون أي مشكلات قرصنة كبيرة.

على أن شركة أمازون تتقاضى الآن ثمناً باهظاً. ذلك أن نجاحها يعمل على إفلاس بعض زبائن دور النشر الآخرين، ومتاجر الكتب، حيث تردع الداخلين على الإنترنت من خلال الحفاظ على هوامش ربحها منخفضة وسلبية، كما أنها تدفع دور النشر إلى تخفيض أسعار الكتب الإلكترونية.

جيمس باترسون، مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً لدار هاشيت، قال أخيراً: “إن دور النشر ليست مربحة بشكل كبير. وإذا تقلصت تلك الأرباح أكثر، فإن دور النشر ستنتج كتباً ودراسات أقل جدّية”.

صحوة دور النشر الرئيسة حتى الآن – نموذج تسعير جديد للكتب الإلكترونية مع شركة أبل – استبعدتها الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية لانتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار، من خلال استخلاص المزيد من الأموال من الزبائن.

شركة أبل وخمس دور نشر – وهي هاشيت، وهاربركولينز، وهولتزبرينك، وسايمون آند تشاستر، بنجوين (الأخيرة في ذلك الوقت كانت مملوكة بالكامل لمجموعة بيرسون، التي تملك صحيفة فاينانشيال تايمز أيضاً) – تخلّت عن اتفاقيات التسعير تلك. إذن ماذا يمكن أن تكون الاستراتيجيات الأفضل؟

تهديد عرض البيع الفريد لشركة أمازون

لطالما أراد بيزوس أن يكون ابتكاره بمثابة أكبر مكتبة في العالم. ذلك الطموح قد ساعد بجعل شركة أمازون كبيرة؛ كما تركها أيضاً عرضة للمخاطر. إذا سحب الناشرون الأفراد كتبهم من شركة أمازون، فإن واحدة من نقاط البيع الفريدة في الموقع ستصبح ضعيفة.

يقول بين إديلمان، وهو أستاذ مشارك في كلية هارفارد للأعمال، الذي أبرز هذا الضعف في مجلة هارفارد بيزنيس ريفيو: “إن الجميع يتوقع أن تكون شركة أمازون شاملة”.

ما لا شك فيه أن الناشرين سيكونون حذرين من تخفيض الكثير من مبيعاتهم. وفي الماضي استطاعت شركة أمازون الحصول على المنتجات من أطراف ثالثة، لكن الناشرين ربما يكافحون في التفاوض مع شركة أمازون الآن، إلا إذا كان بإمكانهم المجازفة بقول لا. إن القيام بذلك قد يدفع الزبائن نحو منافسي شركة أمازون الناشئين، مثل تجربة تسوق جوجل للتسليم في اليوم نفسه مع بارنز آند نوبل في بعض المدن.

الدخول بقوة

المشكلة مع تهديد شركة أمازون هي أن معظم دور النشر صغيرة جداً بحيث لا يمكنها أن تُحدث فرقاً يذكر، لكن بعض التكامل قد حدث أخيراً. اندمجت شركتا بنجوين وراندوم هاوس لإنشاء مجموعة نشر واحدة تشكل نحو ثُلث مبيعات سوق الكتب التجارية (أي الطبعات العادية) في الولايات المتحدة. (تملك شركة بيرسون حصة تبلغ 47 في المائة في المجموعة الموسّعة). كما أقدمت كل من شركتا هاربركولينز التابعة لمجموعة نيوز كورب وهاشيت، التي تملكها لاجاردير، بعمليات استحواذ كبيرة.

مع ذلك، لم يتحقق المزيد من الإندماج – مثل صفقة يُشاع أنها ستتم بين شركتي هاربركولينز وسايمون آند تشاستر التابعة لشبكة CBS، وفي الأسبوع الماضي انهارت صفقة تقدمت بها شركة هاشيت لشراء دار النشر المستقلة بيرسيوس.

الحجم لن يساعد دور النشر فقط على التفاوض مع شركة أمازون، لكنه أيضاً سيُتيح المجال لاستثمارات أكبر في منصات الإنترنت الجديدة والعلامات التجارية ومنتجات الوسائط المتعددة، مثل الألعاب.

على الجانب السلبي، يقول أنجوس فيليبس، وهو أكاديمي في جامعة أكسفورد بروكس، إن الشركات الكبرى يمكن أن تكون أقل حساسية نحو المؤلفين الناشئين.

البيع مباشرة للمستهلكين

يقول الأستاذ إديلمان: “في سياق الإنترنت، بإمكان المرء التصوّر أنه في يوم ما ستزود دور النشر الكتب مباشرة إلى المستهلكين”. إن ذلك يمكن أن يُضعف حصة شركة أمازون في السوق وقوتها الشرائية.

بعض دور النشر تتفق مع هذا الرأي. يقول ستيفن بيج، الرئيس التنفيذي لدار النشر البريطانية فابر آند فابر: “يجب أن تكون لدينا علاقة مع المستهلك، فجميع الأحاديث، في معرض لندن للكتاب هذا العام، كانت عن البيانات”. إن فهم عادات المستهلكين يمكن أن يساعد دور النشر على أن تقرر بشكل أفضل الكتب التي يجب الحصول عليها وكيفية تسويقها. على أن هناك عقبات حتى من خلال البيع المباشر، من غير المرجح أن تتمكن دور النشر من منافسة أسعار شركة أمازون.

كذلك فإن دور النشر الفردية تفتقر لاسم شركة أمازون وامتدادها. تقول شانتال ريستيفو أليسي، كبيرة الإداريين للرقمية في شركة هاربركولينز، التي بدأت ببيع الكتب مباشرة للمستهلك الأمريكي الشهر الماضي: “إن خلق موقع وجهة أمر صعب للغاية لأننا لا نمثّل مُجمل السوق”. الاكتشاف، والاكتشاف، ثم الاكتشاف. لماذا يحتمل نجاح أي موقع منافس لشركة أمازون؟

تعتبر شركة بيزوس مثالية للعثور على الكتاب الذي تعرف أنك تريده، لكنها ليست مثالية للعثور على الكتاب الذي لا تعرف بعد أنك تريده. يقول بنديكيت إيفانز، شريك في شركة رأس المال الاستثمارية أندريسين هوروويتز: “إن جزءاً كبيراً من الأرباح في الصناعة يأتي من القائمة الخلفية – وهي الأشياء الموجودة في الجزء الخلفي من المكتبة وتُباع بشكل موثوق لأعوام، وهذا يخاطر بأن يكون غير مرئي على شركة أمازون. مصدر القلق هو أنه مع غياب [بيع الكتب] المادية، فإن المزيد من المبيعات تتركّز على الكتب الأفضل مبيعاً، سواء للكتب المطبوعة أو الكتب الإلكترونية.

ذلك يترك فرصة لدور النشر التي ترغب “بإعادة ابتكار صدفة تصفّح مكتبة”، بحسب عبارة أندرو رومبيرج، مؤسس موقع اكتشاف الكتاب الإلكتروني. مواقع الاكتشاف المخصصة يمكن أن تصبح منافساً محتملاً لشركة أمازون. في الشهر الماضي، استحوذت شركة أبل على مثل هذا الموقع، وهو بوك لامب BookLamp، ومن ثم أغلقته؛ واشترت شركة أمازون آخر، هو جودريدز، في العام الماضي. كذلك فإن الشركة الناشئة القائمة في لوس أنجلوس، سمول ديمنز، التي تبيع كتب من شركة راندوم هاوس البريطانية، تم إغلاقها العام الماضي بعد فشلها في العثور على مشترٍ.

يقول رومبيرج إن الصعوبة الوحيدة هي أن العدد الكبير من شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل يعني أن “أغلبية الأشخاص يكتشفون الكتب عبر وسائل أخرى غير تصفّح موقع إلكتروني مخصص”.

دور النشر، التي مضت إلى تأسيس أقسام حول آراء المستهلكين، ينبغي أن ترى الاكتشاف بأنه أرض خصبة للمنافسين لـ أمازون.