IMLebanon

أين الحركة النقابية في لبنان اليوم؟

Nahar
انطوان مسرّه

الحركة النقابية في لبنان شبه غائبة في البحوث والنقاش العام، كما هو غائب في النقاش العام المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وذلك حتى في مجالات البحث حول المجتمع المدني، الا في الحالات النقابية الاحتجاجية.
في سبيل الاستكشاف الميداني لحالة النقابات والهيئات المهنية في لبنان اليوم، اجرى طلاب الماجستير في إدارة الموارد البشرية في جامعة القديس يوسف تحقيقًا شمل اكثر من ثلاثين نقابة وهيئة مهنية في مختلف المحافظات.
يُستخلص من الجولة الميدانية، ومن خلال المناقشة الجماعية للتحقيقات بمشاركة كل الطلاب، اربعة معطيات جوهرية:
1. التباين في التنظيم والامكانات: لدى المقارنة بين النقابات النظامية الكبرى والنقابات الصغرى، أي بين نقابة الاطباء والمهندسين والمحامين… ونقابة الصيادين والسائقين العموميين… يظهر تباين شاسع في التنظيم والامكانات. تمكّنت النقابات النظامية من توفير امكانات مالية من خلال الاشتراكات الالزامية وحسومات لمصلحتها في بعض الرسوم. تحتاج مستقبلاً النقابات الصغيرة والحديثة النشوء، والتي تختص غالبًا بعاملين هامشيين او مهمشين، الى مزيد من الدعم.
2. العلاقة مع المجتمع: تخشى تنظيمات مهنية الشفافية. يصعب الولوج اليها الا من خلال بعض المعارف. بعض التنظيمات شديدة الحركة مع اجتماعات مكثفة في سبيل صياغة عقود جماعية”. تكتب طالبة: “تُعلم النقابة عن مجالات التوظيف مما يساعد العاطلين عن العمل في مجتمع يشكو من نسبة عالية من الباحثين عن عمل”.
3. الدفاع عن حقوق او مجرد امتداد لأحزاب؟ الحركة النقابية هي الاكثر نشاطًا في الفترات الانتخابية. ترافقت جولة الطلاب مع تحركات نقابية ابرزها اعتراض اطباء لبنان الشمالي على توقيف احد زملائهم، واحتجاج العاملين في شبكة سوبرمماركت حيث يتبيّن انه “حين يرفع العمال صوتهم تستجيب الادارة العامة”.
تواجه بعض النقابات اوضاعًا صعبة دفاعًا عن حقوق اساسية: الصيادون وغيرهم يفتقرون الى ضمانات وتقديمات اجتماعية. تفرض بعض التنظيمات شروطًا الزامية في عقود الضمان. وتسعى بعض النقابات النظامية الى مساعدة اعضائها المحتاجين. بعض المنتسبين الذين لم يقبضوا رواتبهم يأتون الى مقر النقابة التماسًا لدعمها.
ما هو واقع الخلقية المهنية؟ تصدر احكام تأديبية حول مخالفات مهنية بدون تشدد، في حين تراقب نقابة نظامية المخالفات بكثير من الدراية وتعمل على تنظيم دورات تدريب. وتسعى نقابة نظامية الى تعميم الثقافة الحقوقية الشعبية.
في موازاة اعمال ايجابية نموذجية تُظهر الوقائع ان الحركة النقابية في لبنان خضعت منذ الثمانينيات لاستتباع بحيث تحولت مجرد امتداد لاصطفافات حزبية على حساب استقلاليتها.
4. غياب البُعد العام: من النادر جدًا خروج النقابات والهيئات المهنية في لبنان عن حصرية الدفاع عن المصالح المباشرة لاعضائها ولوجًا في المشاركة في السياسات العامة التي تعني القطاع النقابي المهني وبصفتها عنصرًا فاعلاً في الحوار الاجتماعي.
يُستخلص من العديد من التحقيقات غياب البُعد العام في العمل النقابي. ويمكن تصنيف كل قضايا المجتمع بدون استثناء حسب التنظيمات النقابية والمهنية. لذا حين تكون هذه التنظيمات فاعلة ومشاركة في الشأن العام، وليس مجرد حركات احتجاجية، يصبح المسار الديموقراطي في لبنان اكثر تعميمًا وفاعلية.