IMLebanon

الشركات المالية تستهدف كبار السن للحصول على مصدر جديد للإيرادات

FinancialTimes
مارتن أرنولد وباتريك جنكينز ونورما كوهين وكاميلا هول

منذ أن تم تغريم HSBC وباركليز وسانتاندر بسبب الغش في عمليات بيع منتجات الادخار إلى العملاء كبار السن قبل بضع سنوات، كان كثير من المصارف عازفا عن التركيز على مثل هذه الشريحة الحساسة من السكان.
جاءت الغرامات في أسوأ وقت بالنسبة لهذه المؤسسات المالية. فقد كانت المصارف وشركات التأمين وشركات إدارة الأصول تواجه آفاقا كئيبة في أعقاب الأزمة العالمية، وكانت مستميتة من أجل الحصول على مصادر جديدة للنمو. وفي الوقت نفسه كانت فئة كبار السن تواجه حاجة حقيقية من أجل منتجات وخدمات أفضل.
مع ذلك، فإن جاذبية هذه السوق المتوسعة تعمل على إقناع كثير من شركات الخدمات المالية بأن تضع مخاوفها جانبا.
في الشهر الماضي في ميلانو طالب فيديريكو جيزوني، الرئيس التنفيذي لبنك يوني كريديت، بعقد مؤتمر قمة يضم 30 من كبار موظفي البنك من أجل يوم من العصف الذهني حول احتياجات قاعدة البنك من العملاء كبار السن، في الوقت الذي تشرع فيه إيطاليا في تنفيذ اقتطاعات كبيرة على نظام التقاعد الحكومي الذي كان يتسم بالسخاء في الماضي. وقال أحد الحاضرين في الاجتماع: “هذا يعد تحديا ضخما وفي الوقت نفسه فرصة كبيرة”.
قسم استشارات الاستثمار في يوني كريديت يعكف الآن على تدريب 2000 موظف ليعملوا في إدارة العلاقات من خلال زيارات المنازل، حتى لا يضطر كبار السن إلى زيارة الفروع. وفي الأثناء يعمل قسم إدارة الثروات في البنك على تنمية أطفال وأحفاد الزبائن كبار السن من الذين يمكن أن يصبحوا عملاء مهمين حين يمتلكون ثروة خاصة بهم. تعتبر إدارة الثروات – بما لها من إمكانات واضحة في توليد إيرادات كبيرة – مجالا خصبا للتفكير الجديد.
تقول كاترين كوتش، رئيسة قسم الحلول الدولية للمحافظ العالمية في جولدمان ساكس لإدارة الموجودات، إن الجمع بين فئة كبار السن والتحول نحو مسؤولية فردية أكبر في مدخرات التقاعد تخلق فرصا من أجل نطاق من المنتجات التي تتسم بدرجات مختلفة من المخاطر. وتضيف: “كلما زاد الوقت المتوافر لك حتى تصل إلى سن التقاعد، من المفترض أن تزداد قدرتك على اتخاذ المخاطر”.
جولدمان واحد من مجموعة مصارف تشمل دويتشه بانك ومورجان ستانلي، تسعى للتعويض عن المخاطر في أقسام المصرفية الاستثمارية الأساسية فيها، وذلك من خلال اجتذاب الزبائن الأكثر مالا للدخول في أنشطتها في إدارة الأصول. بعض شركات إدارة الأصول ذهبت أبعد من ذلك، باستهدافها الاستثمار في الشركات التي تستفيد من زيادة عدد كبار السن في أغنى البلدان في العالم.
يقول يوهان أوترمان، وهو مدير محافظ في صندوق العصر الذهبي التابع لمؤسسة لومبارد أودييه، إن التغير السكاني أمر مؤكد، على خلاف الجوانب الشاذة لأسعار النفط أو التضخم، التي يمكن أن تطغى على الاستراتيجيات التي تركز على قطاعات معينة. ونحن نعلم على وجه اليقين أن هذه الاتجاهات العامة تحدث الآن”.
ومع تقدم العالم في السن، من المتوقع أن تتوسع الأصول الخاضعة للإدارة من 64 تريليون إلى 102 تريليون دولار بحلول 2020، وفقا لبرايس ووترهاوس كوبرز.
في اليابان، حيث التحول السكاني سيكون من أكبر التحولات العجيبة، فإن الزيادة المقررة للعام المقبل في ضريبة المواريث تشعل النشاط في عدد كبير من المبادرات. وكانت المصارف تعرض خدمات خاصة مثل حلقات بحث حول المواريث، ومجموعة أوراق للمساعدة في التدرب على إعداد الوصايا، وخدمات التبرعات.
ويقول ماساهيرو ياماساكي، نائب الرئيس لتطوير المنتجات والتخطيط في نومورا للأوراق المالية: “هذا موضوع كبير للغاية”. ويضيف أن القيمة السنوية للأصول الموروثة في اليابان تبلغ نحو 50 تريليون ين (487 مليار دولار).

وفي استبيان برعاية HSBC أجري على 15 ألف شخص في 15 بلدا هذا العام، وجد أن واحدا من كل ثمانية أشخاص يتوقع ألا يكون قادرا أبدا على التقاعد.

ومن المفترض أن يعتبر هذا فرصة لشركات التقاعد وشركات التأمين. واحد من أقوى الاتجاهات العامة يبدو أنه في سبيله ليكون الاستخدام المتزايد للقيمة الكامنة للعقارات من أجل تعزيز الدخل التقاعدي.

وتشير حسابات شركة التأمين البريطانية L&G إلى أن 1.3 تريليون جنيه من الثروة مربوطة في مساكن البريطانيين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما. وفي استبيان أجرته مؤسسة بيرينج لإدارة الأصول، تبين أن رقما قياسيا يعادل 7 في المائة من البريطانيين يعتزمون بيع مساكنهم من أجل تمويل دخلهم التقاعدي.

لكن رود ألدريدج، من قسم توزيع الجملة في بيرينج، يحذر من مثل هذه الحلول التبسيطية ويقول: “الأمر المثير للقلق أن عدد الأشخاص الذين يعولون بصورة حصرية على عقاراتهم من أجل تمويل الدخل التقاعدي آخذ في الارتفاع من جديد (…) يمكن أن تكون أسعار العقارات متقلبة، وبالتالي الاعتماد على مسكنك لتأمين جميع دخلك التقاعدي يعتبر نوعا من المخاطر.

وبالنسبة إلى بانك أوف أمريكا ميريل لينتش، يعتبر جيل مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، المتقدمين في السن، من الأعمال المهمة للغاية. ويبلغ من أهميتها أن ذراع إدارة الثروات في البنك وظفت مختصة في دراسة كبار السن، في مسعى منها للبقاء متقدمة خطوة واحدة على المنافسين.

وعملت سيندي هاتشينز مستشارة مالية لأكثر من عقدين، حين قررت الدراسة للحصول على ماجستير في علم كبار السن، وهي تعمل الآن في المساعدة في تدريب المستشارين على كيفية الوفاء باحتياجات العملاء المتقدمين في السن. وقالت في مقابلة أجريت معها: “دوري في الواقع يتركز على إعطاء صورة واضحة عن الكيفية التي تغيرت بها فكرة التقدم في السن وكيف نستطيع ترجمة ذلك الفهم إلى إرشاد للعملاء”. وتعد هاتشينز وبانك أوف أمريكا من الرواد في صناعة ناشئة تخدم فئة كبار السن الذين يعملون والذين يعيشون فترة أطول.
وفي عالم إدارة الثروات يتم التركيز على جيل مواليد ما بعد الحرب – الذين ولدوا بين 1946 و1964. وتوازن معظم الشركات في هذا القطاع على كيفية استهداف الأنماط المتغيرة للإنفاق والادخار للعملاء الذين يزدادون تقدما في السن. وتقول هاتشينز: “كل ذلك يتوقف على التمويل حين نفكر في أولوياتنا. المال أساسي في تقرير الأولويات التي تدور حولها الأهداف الأخرى”.
ويكمن التحدي في الوفاء بأهم الاحتياجات لدى العملاء من كبار السن، سواء كان ذلك هو تغيير المسار في التقاعد، أو كون الشخص في وضع يؤهله للمساهمة في المجتمع المحلي، أو في قضية جيدة من خلال التطوع. وتقول هاتشينز: “إنهم يطلبون منا أن نساعدهم في وضع السمات المالية بصورة مرتبة حتى يحدث ذلك”.
كذلك يحمل مواليد ما بعد الحرب العبء المالي المتمثل في مساندة عدة أجيال من عائلاتهم، وليس فقط والديهم. في استبيان حديث لميريل لينتش، أكثر من نصف الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 45 سنة أو أكثر توقعوا تقديم المساندة لأبنائهم وبناتهم البالغين، و35 في المائة للأحفاد.
وقالت باميلا فيلاريال، من المركز الوطني لتحليل السياسة: “غالبا ما نتصور كبار السن على أن كل ما يفعلونه هو الاختيار بين أكياس البقالة والفواتير الطبية. لكن كثيرا منهم في وضع أفضل من ذلك”.
ومن الناحية التقليدية، يقبل المستثمرون الأكبر سنا عوائد أدنى مقابل الاستثمارات المأمونة. لكن، كما تقول فيلاريال: “من المهم التعامل مع استراتيجيات أخرى، لأن هذا يصبح الآن أنموذجا عتيقا من الاستثمار، وهذا بحاجة إلى أن يتغير”.