IMLebanon

ديوان المحاسبة يحسم الخلاف: عقد دير عمار يتضمن الـ TVA

LebanonFinancialJustice
فراس أبو مصلح
رفض ديوان المحاسبة طلب وزارة الطاقة والمياه فتح اعتماد لتغطية الضريبة على القيمة المضافة لمشروع الإنشاءات الكهربائية لمعمل إنتاج الكهرباء في دير عمار بقيمة 72.4 مليار ليرة، في رأي استشاري يحمل رقم 1603/ر.م. أصدره بتاريخ 4/9/2014 لاعتباره طلب الوزارة «غير صحيح وغير واقع في موقعه القانوني»، واعتباره أن إضافة المبلغ المذكور مخالفة لدفتر الشروط الخاص بالمشروع ولقرار لجنة المناقصات وقرار مجلس الوزراء ذي الصلة ولكتاب تعليمات صادر عن وزير المال بتاريخ 31/7/2004، ولكونه «بمثابة تعديل لسعر العارض»، ما من شأنه «المس بمبدأ المنافسة بين العارضين».

وفيما لم تتمكن «الأخبار» من الحصول على تعليق من وزير الطاقة والمياه آرثور نظاريان حول قرار ديوان المحاسبة، رأى رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النائب محمد قباني أن القرار «يُظهر أن الخطأ ناتج من تواطؤ، وليس أي أمر آخر»، قائلاً إنه «لا يمكن لوزارة تضم 45 مستشاراً أن تغفل ذكر الضريبة على القيمة المضافة، ثم تطلب دفعها للمقاول من خزينة الدولة»، وإن الأمر يشكل «المثال الأوضح» على كيفية اقتطاع «الكبار» لحصصهم من الصفقات العامة «باللعب على النصوص والقانون».

المعروف أن نزاعاً نشب بين وزارتي المال والطاقة والمياه أدّى الى عدم المباشرة بإنشاء المعمل الجديد في دير عمار، إذ ادّعت وزارة الطاقة والمياه أن العقد الذي أبرمته مع شركة J and P Avax S.A بقيمة 360 مليوناً و966 ألف يورو لا يتضمن الضريبة على القيمة المضافة، وأن الاتفاق مع الشركة الفائزة يقضي بأن تسدد الدولة هذه الضريبة عن الشركة، إلا أن وزارة المال رفضت ذلك، وادّعت أن دفتر الشروط ينص على أن الضريبة محتسبة ضمن قيمة العقد الإجمالية، وبالتالي على الشركة تسديد هذه الضريبة.
في ظل هذا النزاع، أودع مراقب عقد النفقات لدى وزارة الطاقة والمياه بتاريخ 8/8/2014 كتاباً لدى ديوان المحاسبة يتضمن ملف مشروع دير عمار _ 2، ويطلب فيه رأيه الاستشاري حول قانونية فتح اعتماد جديد «لتغطية قيمة المبالغ العائدة للضريبة على القيمة المضافة على مشروع دير عمار، والذي سبق لديوان المحاسبة أن وافق عليه». وكانت نتيجة قرار الديوان أن «مشروع مطالبة الإدارة بالضريبة على القيمة المضافة على المبلغ الإجمالي للتلزيم الأساسي غير صحيح وغير واقع في موقعه القانوني».
يستند القرار بالأساس إلى أن «دفتر الشروط الخاص كان واضحاً وصريحاً بالنسبة لهذه الضريبة، ذلك أنه خصص لها فقرة مستقلة تؤكد أن عدم ذكرها في تحليل الأسعار يؤدي إلى اعتبار العارض قد احتسبها حكماً ضمن السعر الإجمالي لعرضه». ويذهب الديوان أبعد من ذلك، فيقول إن «دفتر الشروط الخاص هو بمثابة قانون الصفقة المنظم للعقد الجاري بين الإدارة والمتعهد، وإن توقيع العارض على كل صفحة من صفحاته هو تأكيد على أنه اطّلع على مضمون دفتر الشروط، وهو ملتزم بتطبيق أحكامه»، قاطعاً الطريق على محاولة تصوير الشركة الملتزمة على أنها ضحية صراعات سياسية؛ ويحسم الديوان هذه المسألة بالقول إنه «يقتضي تطبيق أحكام دفتر الشروط في ما خص الضريبة على القيمة المضافة، وعدم الاستناد إلى معلومات أدلى بها مندوب الإدارة لإخراج هذه المسألة من إطار دفتر الشروط الخاص بالصفقة»! كما رفض القرار الحجة القائلة بأن الصفقة ستمول من مصادر خارجية، وأنها بالتالي معفاة من الضريبة المذكورة، قائلاً: «تبين لنا أن حجز الاعتمادات (الخاصة بالصفقة) قد تم على حساب موازنات السنوات ذات العلاقة، ما يعني توفر الاعتمادات اللازمة بتاريخ الحجز، وإلا يكون حجز الاعتماد غير صحيح، وتكون النفقة قد عُقدت دون توفر الاعتماد اللازم لها، ما يخالف أحكام المادة 57 من قانون المحاسبة العمومية»!
يشير قرار ديوان المحاسبة الى أن لجنة المناقصات راعت شرط «التأكد من تطبيق أحكام دفتر الشروط الخاص» في قرارها الصادر في 21/2/2013 بـ»إرساء التلزيم مؤقتاً على العارض J and P Avax S.A بمبلغ إجمالي قدره 360 مليوناً و966 ألف يورو»؛ وبالتالي جاء في قرار مجلس الوزراء الموافقة على نتائج المناقصة (رقم 17 بتاريخ 12/3/2013) «أن قرار لجنة المناقصات الذي تم إرساء التلزيم المؤقت على أساسه كان متطابقاً بالكامل مع دفتر الشروط الموضوع» لجهة تقييم العروض من النواحي التقنية والمالية والفترة الزمنية للتنفيذ. أما بالنسبة لـ»ما ورد بعبارة صغيرة «من أن الأرقام الواردة في التقرير لا تتضمن الضريبة على القيمة المضافة»»، فيشير القرار إلى أن العبارة «وردت في كتاب وزير الطاقة والمياه الذي أورده مجلس الوزراء كما هو، وليس في بناءات القرار (أي نتيجة القرار) التي جاءت فيه الموافقة على أساس المبلغ الإجمالي، دون أي إشارة إلى الضريبة على القيمة المضافة».
يلفت ديوان المحاسبة في قراره إلى الرأي الاستشاري الصادر عنه، رقم 69 بتاريخ 23/5/2003، والذي «خلص إلى أنه في حال الخضوع للضريبة على القيمة المضافة في الصفقة الجارية مع الإدارة، فإنه يجب إضافة هذه الضريبة على السعر المقدم من المتعهد عند إجراء التلزيم، ومن ثم احتساب عرضه على هذا الأساس لتحديد السعر الأدنى لإرساء التلزيم». ويوضح القرار بما لا يحتمل اللبس أنه «في حال عدم إضافة قيمة الضريبة على القيمة المضافة وفقاً لما تقدم، ورسو الالتزام على العارض، فلا تصح الإضافة لاحقاً. ويعتبر السعر متضمناً كافة الأعباء بما فيها الضريبة على القيمة المضافة»!
يلفت القرار كذلك إلى كتاب تعليمات صادر عن وزير المال، رقمه 1356/ص1 بتاريخ 31/7/2004، ينص بوضوح على أنه «لا يحق للمتعهد في حال خضع للضريبة على القيمة المضافة إلزامياً أو اختيارياً بعد تاريخ رسو الالتزام إضافة الضريبة على قيمة الصفقة. وبالتالي تبقى قيمة الصفقة على ما هي عليه، ويُعتبر السعر الإجمالي للصفقة متضمناً قيمة الضريبة، وذلك في ما خص الجزء المنفذ من الالتزام بعد تاريخ خضوع المتعهد»؛ وبالتالي يعتبر القرار أنه يجب على المتعهد «أن يبادر إلى احتساب قيمة الضريبة المتوجبة على الكشوفات»؛ كما يطلب كتاب وزير المال من الموظفين المكلفين تنفيذ النفقات العامة التأكد من قيام المتعهدين الخاضعين للضريبة «ذكر قيمة الصفقة بالنسبة إلى قيمة الضريبة على القيمة المضافة بشكل واضح منعاً لأي التباس عند التلزيم»!