IMLebanon

الى جبران: لن نيأس ولن نُحبط.. ولن نستسلم! (بقلم طوني أبي نجم)

gebran-tueiny

بقلم طوني أبي نجم

لم يكن استشهاد جبران تويني حادثاً عابراً في الحياة السياسية والوطنية والصحافية في لبنان، لأن جبران لم يكن نائباً عادياً أو صحافياً عادياً ولا حتى مواطناً عادياً.

جبران تويني كان لبنان مصغّراً بكل ما للكلمة من معنى. بعنفوانه ووطنيته، بكبريائه وجنونه، بتطرّفه في حبّ هذه الأرض وتلك الأرزة وذاك العلم.

هو الثائر أبداً. هو رفيق بشير الجميّل حتى استشهاده. وهو أيّد ميشال عون يوم ظنّ أن “الجنرال” يريد فعلاً أن “يكسر رأس حافظ الأسد” قبل أن يكتشف زيف الشعارات. خاصم سمير جعجع يوم ظن أن جعجع أخطأ لكنه عاد واعترف بأنه أخطأ بحق جعجع وحالفه ودافع عنه حتى استشهاده، استشهاد جبران. وفي كل تحالفاته ومعاداته كان لبنان هو المعيار، لا المصالح الشخصية والانتهازية.

وكما في السياسة كذلك في الصحافة لم يكن جبران تويني يعرف اللون الرمادي. كان يقول كلمته ولا يمشي، بل يصرّ على المواجهة حتى الرمق الأخير… ولذلك عاد من باريس الى لبنان ليواجه باللحم الحي من صوّروه على أنه حاخام يهودي!

سلاحه كان الكلمة ومقالته وافتتاحية كل “النهار”، “النهار” التي كانت مع جبران عصب معركة الاستقلال الثاني ولم يقبل أن تدّعي يوماً الموضوعية، “فالموضوعية في معارك الاستقلال هي تواطؤ مع المحتل” كما كان يقول دائما.

جبران الانسان والزميل كان المدافع الأول عن زملائه في وجه الطبقة السياسية وزمرة الفاسدين الذين كانوا يستاؤون كلما ضبطهم زميل بالجرم المشهود، فكان جبران يقف الى جانب صحافيي “النهار” من دون تردّد، “واسألوا مجرّب وما تسألوا خبير” كما يقول المثل اللبناني الشائع.

يكفيني شرفاً في مسيرتي المهنية أنني عملت مع جبران تويني عن قرب، وأنني خضت معه معركة الاستقلال الثاني و”ثورة الأرز”، والمعركة الصحافية ضد التمديد للرئيس الأسبق إميل لحود ومعركة إبقاء صوت “القوات اللبنانية” صارخاً يوم أراد الجميع قمعها.

أذكر أنه قبل أسابيع من الذكرى الثالثة لاعتقال الدكتور سمير جعجع طلبت منه أن نُعدّ عدداً خاصاً من ملحق “نهار الشباب” عن “القوات اللبنانية” والحكيم. وافق من دون تردّد واضطر تحت الضغط الأمني أن يسافر لأيام ويتابع إصدار العدد من الخارج. وفعلا صدر العدد في 21 نيسان 1997 تحت عنوان “في الاضطهاد قوة”.

وكما أعرف جبران، أثق أنه من حيث هو اليوم يريد منّي أن أكتب عدداً خاصاً في هذه الظروف تحت عنوان “لن نيأس ولن نُحبط… ولن نستسلم”!