IMLebanon

الروبل يغير وجهة السياح الروس من أوروبا الغربية إلى مصر وتركيا

RussiaEconomy2
كورتني ويفر

مارينا كوليسنيك، الرئيسة التنفيذية لموقع الحجز الروسي الشائع Travel.ru، اعتادت أن ترسل عملاءها إلى وجهات أوروبية بعيدة مثل لندن ومدريد وباريس. لكن ليس هذا العام.

على خلفية الأزمة الاقتصادية المتنامية في روسيا، والعقوبات الغربية وانخفاض قيمة الروبل بسرعة، اتجه السياح الروس إلى الحدّ من خطط العطلات والرحلات الخارجية. أولئك الذين تدفقوا ذات مرة إلى المنتجعات الأوروبية الراقية يعودون الآن إلى خيارات السوق الشعبية العامة في تركيا ومصر. بدلاً من باريس أو لندن، يختار الزبائن الآن أماكن بديلة “مختصرة التكاليف” مثل براغ.

قالت كوليسنك “السفر إلى الخارج أصبح مُكلفاً جداً بالنسبة لكثير من الروس. هذا هو الوضع المؤسف. كثير من الناس الذين لم يكونوا يرغبون في السفر داخل روسيا من قبل أصبحوا الآن يفعلون ذلك”. وأضافت “يسافر الناس الآن من موسكو إلى سانت بطرسبرج. هذا يعتبر بديلاً عن مدينة أوروبية”.

ولأعوام، عملت الشركات في قطاع تجارة التجزئة والخدمات في روسيا على بناء شركات برمتها من خلال ربط الروس الأثرياء إلى حد كبير، بالسلع المستوردة والخدمات الأجنبية – من الجبنة الفرنسية إلى الإلكترونيات الأمريكية والأزياء والعطلات الإيطالية. لكن بعد انخفاض الروبل بنسبة 40 في المائة مقابل الدولار هذا العام والركود الذي يلوح في الأفق، أصبحت الشركات في روسيا تكافح للتكيّف.

مثلا، بدأ موقع Travel.ru في تخزين نقوده بالعملة الأجنبية بدلاً من الروبل لحماية نفسه ضد التقلبات العنيفة. وقالت كوليسنك “في اللحظة التي نحصل فيها على الأموال من نظام الدفع بالروبل، نهرع لتحويلها”.

كذلك اتخذ الموقع خيارات البيع ضد الروبل للتحوّط من انخفاض العملة، وهو أمر لم يكن متصورا أبداً في بداية العام.

هناك شركات أخرى كانت أقل حظاً. فقد توقف خمسة من أكبر منظمي الرحلات السياحية للشركة عن العمل هذا العام ويتوقع بعض التنفيذيين في الصناعة أن يحذو مزيد من الشركات حذوهم بعد موسم العطلات.

ويوم الإثنين من الأسبوع الماضي أعلنت محكمة في سيبيريا أن شركة لتأجير الطائرات قدمت التماساً لإعلان إفلاسها. وينتظر أن تتخذ المحكمة قرارها بحلول نهاية هذا الأسبوع.

وقال كيريل ماكارينسكي، وهو صاحب مشاريع على الإنترنت ومؤسس مشارك لموقع السفر، أوستروفوك “إن تأثير ذلك في الطلب على السفر كان سلبياً للغاية، لأن الفنادق والسلع في الخارج بالنسبة للروس تضاعفت تقريباً (…) خلال العام الماضي، كما تم تخفيض الدخل التقديري لأن البضائع المستوردة اليومية أصبحت أكثر تكلفة”.

وأضاف ماكارينسكي، أنه “في حين إن أصحاب المشاريع الذين لديهم اتصالات وتمويل جيدان يحاولون استغلال الانكماش لتكثيف أعمالهم وصيد المواهب من المنافسين، إلا أن آخرين بدأوا إعادة تقييم آفاقهم طويلة الأجل في السوق الروسية.

وتابع “مصدر القلق الكبير هو أنه على المستوى الكلي، هجرة الأشخاص الطموحين والأذكياء ستصل إلى نقطة الأزمة ما لم تتمكن الحكومة من تحقيق استقرار الاقتصاد وضمان أن الركود لن يكون في نهاية المطاف شديداً جداً”.

في قطاع تجارة التجزئة، أعلنت مجموعة ماراتيكس الروسية للأزياء أنها ستغلق فروع امتيازها في إسبريت، وريفر آيلاند، في حين إن متجر التجزئة البريطاني، نيو لوك، قرر أيضاً الانسحاب من السوق.

مارتينا بوزادزيفا، من فورنتير استراتيجي جروب، المختصة في استشارات الأسواق الناشئة، قالت “بالنسبة لمتاجر التجزئة ذات الوضع الأضعف في السوق، هذه تعتبر فرصة لتخفيض خسائرها والمغادرة”.

وفقاً لشركة نايت فرانك للاستشارات العقارية، شهدت متاجر التجزئة الروسية انخفاضاً بنسبة 5 – 10 في المائة في الإيرادات في تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بالعام السابق. وقالت يوليا سوكولوفا، وهي مديرة في شركة نايت فرانك، “إن عديدا من المحال والمتاجر الإلكترونية حصلت على شهر جيد جداً في تشرين الثاني (نوفمبر)، نتيجة لاختيار بعض المستهلكين استثمار نقودهم بعملة الروبل في عمليات شراء ذات مستوى عال، بدلاً من مراقبتها تخسر قيمتها مقابل الدولار في الحساب المصرفي”. لكنها حذّرت من أن الارتفاع في الإنفاق ربما سيكون لفترة قصيرة.

وفي عصر أحد الأيام أخيرا في موسكفا سيتي، وهي جواب روسيا على منطقة المال في كناري وارف في لندن، كان العمال يتجولون في أنحاء مركز التسوق الرئيسي في المدينة أثناء استراحة الغداء، لكن قلة منهم هي التي خرجت وفي يدها بعض المشتريات. وفي محل Crate and Barrel، كان عدد الموظفين في المحل المختص بالديكور الداخلي يزيد على عدد الزبائن بنسبة 2 إلى 1.

داريا، وهي محاسبة في الرابعة والعشرين من عمرها لدى سبير بانك، كانت من بين القلة في المركز التجاري التي اشترت حقيبة وقالت “إنها لا تهتم بالمسار الهابط للروبل. وكانت قد دفعت مبلغا لا بأس به مقابل بنطال، وتعتزم شراء فستان أو بلوزة”. وقالت “إذا أردتُ أن أشتري شيئاً، أشتريه. لم أشعر بأي فرق”.

أشخاص آخرون كانوا أكثر احترازا. ديميتري سفيتلانوف، وهو مستشار أمني، قال “إنه سيشتري هداياه الموسمية من الأسواق في ضواحي المدينة التي تعرض أسعارا أدنى”. وقال “إنه هو وابنته البالغة من العمر 62 عاما كانا يعتزمان قضاء رحلة للتزلج مدتها عشرة أيام في جبال الألب بمناسبة رأس السنة. لكنهما في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) قررا إلغاء الرحلة. وقال “سعر الصرف الآن وصل إلى طبقات الجو العليا. ليس من الواقعي أن تدفع هذا المبلغ في الوقت الحاضر”.