IMLebanon

توقعات بازدهار الاقتصاد السعودي غير النفطي في 2015

SaudiKSAEcon

سيستمر الاقتصاد السعودي في النمو خلال العامين 2015 و2016 ولكن بمعدلات أكثر اعتدالاً، بعد أن سجل نموا سنويا بلغ 5.5٪ في المتوسط خلال الأعوام الخمسة الماضية. وتشير توقعات إدارة البحوث الاقتصادية فى بنك الكويت الوطني ، وفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي ، إلى أن القطاع غير النفطي سيكون المحرك الأساسي في دفع عجلة النمو وتعويض التباطؤ المتوقَّع في نشاط القطاع النفطي، مستفيداً من الاستثمار الحكومي وخطة التنويع التي تهدف إلى تحفيز التوظيف والطلب على السلع الاستهلاكية ونشاط القطاع الخاص.

ومن المرجَّح أن تستمر السياسات المالية والنقدية الميسرة ما من شأنه أن يدعم النمو، وذلك من خلال أسعار الفائدة المنخفضة والنمو القوي في الائتمان المصرفي وزيادة الإنفاق من قبل مؤسسات الائتمان المتخصصة. كما سيبقى معدل التضخُّم تحت السيطرة في سياق اعتدال مستوى أسعار المواد الغذائية والطاقة عالميا. كما تشير التوقعات إلى تحقيق تحسن إضافي في ما يتعلق بالعجز الإسكاني والمعدلات المنخفضة لمشاركة المواطنين في القطاع الخاص، وذلك بعد أن أدخلت الحكومة لوائح جديدة للإسكان وإصلاحات لسوق العمل. لكن من المحتمل أن يتسبب انخفاض الإيرادات النفطية في تسجيل عجز مالي خلال السنة المالية 2015 -2016

تخفيضات بسيطة في إنتاج النفط
تشير التوقعات إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4.2٪ تقريباً في العام 2014 إلى 3.6٪ في العام 2015 قبل أن يعاود الارتفاع إلى 4.2٪ في 2016. وبالنظر إلى تراجع أسعار النفط العالمية؛ قد تضطر السعودية لخفض إنتاج النفط في عام 2015 سواء من جانبها وحدها أو بالتنسيق مع بعض الدول الأعضاء في منظّمة أوبك من أجل الحد من هبوط الأسعار على نحو إضافي. وقد هبطت الأسعار بأكثر من 50٪ منذ منتصف شهر يونيو من العام 2014 بسبب ضعف الاقتصاد العالمي ووفرة النفط الخام في السوق. كما قررت السعودية تخفيض سعر البيع الرسمي لنفطها الخام إلى الولايات المتحدة والأسواق الآسيوية خلال النصف الثاني من العام 2014 لحماية حصتها السوقية. وقد بلغ متوسط إنتاج النفط السعودي 9.7 مليون برميل يومياً في العام 2014 بزيادة قدرها 100ألف برميل يومياً عن العام 2013.

ازدهار نمو الاقتصاد غير النفطي
تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد غير النفطي سيحافظ على نموه المتسارع بمعدل 5٪ خلال العامين 2015 و2016. ولطالما كان الإنفاق الرأسمالي الحكومي أحد ركائز الاقتصاد السعودي في الأعوام الأخيرة حيث جرى الاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية، ابتداء من قطاعي النقل والإسكان وانتهاء بقطاعي الطاقة والخدمات المالية. ومن المتوقع ضخ استثمارات في البنية التحتية بقيمة 1.1 تريليون دولار أميركي في العديد من المشروعات البارزة التي من ضمنها مترو الرياض ومترو مكة بقيمة 23 مليار دولار و7 مليارات دولار على التوالي، ومشروع توسعة مطار الملك عبد العزيز الدولي بتكلفة 4 مليارات دولار، ومشروع محطة الشُقيق لتوليد الكهرباء بقيمة 3.3 مليار دولار، ومشروع أبراج كدي متعددة الاستخدامات بمكة والبالغة قيمته 3.5 مليار دولار. وعلاوة على ذلك، فإن الحكومة بصدد الكشف عن خطتها التنموية للفترة 2015 – 2019؛ حيث ستلقي المزيد من الضوء في تلك الخطة على استراتيجية التنويع التي تتمحور حول تطوير خمسة قطاعات صناعية وهي قطاع السيارات وقطاع الأجهزة المنزلية وقطاع البلاستيك ومواد التعبئة، وقطاع التعدين ومعالجة المعادن وقطاع الطاقة الشمسية. وتأمل السلطات في أن يعمل الاستثمار في هذه القطاعات على توسيع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الواردات وتوفير فرص عمل.

قوة النشاط الاستهلاكي يعكس توسع النشاط في القطاع غير النفطي
يظهَر القطاع الاستهلاكي حيوياً وبحالة جيدة نظراً لاستفادته من الإنفاق الحكومي، حيث أن مقاييس النشاط الرئيسية، مثل صفقات أجهزة نقاط البيع، ومؤشرات مديري المشتريات، ونمو الائتمان المصرفي للقطاع الخاص، تعكس ازدهارَ القطاع غير النفطي نسبيا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2014. إلا أن وتيرة نموه قد تبدو في تباطؤ؛ فقد ارتفعت مبيعات أجهزة نقاط البيع بنسبة 10٪ على أساس سنوي في شهر أكتوبر، مقارنة مع 26٪ على أساس سنوي في شهر سبتمبر. ولا يزال مؤشر مديري المشتريات الذي بلغ 59.1 في نوفمبر، يعكس زيادة إنتاج القطاع الخاص ولكن بمعدلات أبطاً، إذ سجل هذا المؤشر سابقاً أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات.

قوة نمو الائتمان تدعم توسُّع القطاع الخاص
حقق الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، الذي يشكِّل 98٪ من إجمالي الائتمان المصرفي، نمواً كبيرا بلغ 13٪ على أساس سنوي في الربع الثالث من العام 2014 بقيادة الائتمان الممنوح إلى قطاعات التصنيع والتجارة والبناء والإنشاءات وبعض القطاعات الأخرى. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي القروض المستحقَّة التي أصدرتها مؤسسات الائتمان المتخصصة (SCIs)، بما في ذلك البنك السعودي للتسليف والادخار وصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية العقارية، 9٪ على أساس سنوي في الربع الثاني من العام 2014. ولا تزال فرص زيادة خطوط الائتمان من البنوك ومؤسسات التمويل المتخصصة جيدة جداً في ضوء مجموعة مشاريع الإنشاءات ومشاريع البنية التحتية المرتقبة التي تقودها الحكومة.

الحكومة تولي اهتماماً كبيراً لقطاع العقار وقطاع المشروعات الصغيرة ضمن خطتها للتنويع الاقتصادي
أطلقت الحكومة عددا من المبادرات الموجهة إلى قطاعي العقارات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة كجزء من خططها الرامية إلى تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد. ففي قطاع العقار، تحرص الحكومة على زيادة كل من العرض وقدرة المواطن على تحمُّل تكاليف السكن، إذ تُعد نسبة تملُّك المنازل البالغة 36٪ منخفضة نسبياً وفقا للمعايير الدولية. كما أطلقت السلطات في العام 2011 برنامج إنشاء الوحدات السكنية الجديد بغرض إنشاء 500 ألف وحدة سكنية جديدة، وكشفت عن قانون الرهن العقاري الجديد في العام 2012، كما كثفت جهودها لتشجيع الإقراض العقاري من خلال القطاع المصرفي ومؤسسات الائتمان المتخصصة مثل صندوق التنمية العقارية، حيث بلغت قيمة القروض العقارية التي قدمتها البنوك 36 مليار دولار أميركي بنهاية الربع الثاني من العام 2014؛ أي بزيادة سنوية بلغت 26.5٪، وقد حصلت شريحة التجزئة على 63٪ من كافة القروض العقارية.
وعلى مستوى قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يعد تنشيط ذلك القطاع وإنماؤه عنصراً حيوياً في جهود تنويع الاقتصاد وبالتالي زيادة فرص العمل للمواطنين السعوديين. وقد دأب كل من البنك السعودي للتسليف والادخار وصندوق التنمية الصناعية السعودي على دعم توسع هذا القطاع من خلال تقديم قروض حسنة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم ضمانات ائتمانية على القروض المقدمة من البنوك. وقد ارتفعت نسبة القروض المستحقَّة الصادرة من هاتين المؤسستين 22.4٪ و8٪ سنوياً على التوالي في الربع الثاني من العام 2014

التوقعات تشير إلى ارتفاع معتدل في التضخم بعد تراجعه في 2014
يبدو أن معدل التضخم قد تراجع إلى نحو 2.7٪ في العام 2014 بعد أن بلغ 3.5٪ في العام 2013. ويعد ارتفاع أسعار الغذاء والسكن والمرافق والأجهزة المنزلية العوال الرئيسي للتضخم في المملكة حيث تشكل هذه المكونات جميعها 51٪ من مؤشر تكلفة المعيشة. وبينما تشير التوقعات إلى أن أسعار المواد الغذائية والطاقة العالمية ستظل على حالها، لاتزال الضغوط النابعة من نقص المساكن ذات الأسعار التي يمكن للشباب السعودي تحمُّلها، قائمة. علاوة على ذلك، وفي ظل التوسُّع المستمِّر للمملكة في القطاعات غير النفطية، يظهر مؤشر مديري المشتريات وجود زيادة في تكاليف الموظفين وأسعار المنتجات، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في قطاع المستهلك. وبوجه عام، من المتوقع أن يرتفع التضخم خلال العامين المُقبلين ارتفاعا تدريجيا إلى 3.0٪ في العام 2015 و3.2٪ في 2016.

انخفاض الإيرادات النفطية واستمرار الإنفاق الحكومي ينعكسان على الحساب المالي
إن هبوط أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام 2014، من 115 دولارا للبرميل في شهر يونيو إلى أقل من 50 دولارا أميركي للبرميل ، واحتمال استمرار الأسعار عند مستوياتها المنخفضة خلال العام 2015، سيكون له بطبيعة الحال انعكاسات مالية على الدول المُصدِّرة للنفط. وبالتالي، من المتوقع أن تشهد السعودية، التي تحقق 88٪ على الأقل من إيراداتها الحكومية من النفط، انخفاضاً في إيراداتها المالية وأن تسجل عجزا في عامي 2015 و2016 بواقع 6.8٪ و8.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، نتيجة انخفاض أسعار النفط وارتفاع المصروفات المحلية. إلا أن تعديل السياسات المالية سيتم على نحو تدريجي حيث من غير المرجح أن تغير السلطات سياساتها المالية التوسُّعية على نحو جذري على المدى القريب بالنظر إلى مقتضيات الإنفاق على خطة التنمية وتوفير فرص عمل.
ورغم مطالبة صندوق النقد الدولي بضرورة أن تقوم السعودية بالدمج المالي، إلا أن المملكة تتمتع بهامش واسع للتحرك نظرا إلى ضخامة حجم إجمالي الودائع الحكومية البالغ 1631 مليار ريال سعودي (435 مليار دولار) ووجود احتياطيات أخرى، كما إن نسبة الدين الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 2.1٪.

تراجع متوقع في فائض الحساب الجاري
ومن المتوقع كذلك انخفاض فائض الحساب الجاري من نسبته المتوقعة عند 15.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014 إلى 5.7٪ و4.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2015 و2016 على التوالي. وفينما ستشهد إيرادات تصدير النفط تراجعا، ستستمر الواردات في الارتفاع وذلك بفضل قوة الإنفاق الحكومي. بالإضافة إلى ذلك، ومع طرح الحكومة خطتها التنموية، واستمرار قوة الطلب على العمالة الوافدة للعمل في المشاريع الإنشائية، من المتوقع أن ترتفع تدفقات التحويلات المالية؛ الأمر الذي من شأنه إبطاء وتيرة تراكم الاحتياطيات الأجنبية. لكن مع امتلاك السعودية صافي أصول أجنبية بقيمة 774 مليار دولار أميركي، أي بنسبة 102٪ من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2014، فإنها تمتلك ما يعادل قيمة 34 شهراً من الواردات على أقل تقدير، وهو احتياطي آمن جداً.

أداء سوق الأسهم
تباين أداء المؤشر الرئيسي للسوق السعدوية (تداول) في العام 2014 ؛ فقد بلغ 11000 نقطة في شهر أغسطس محققاً أعلى مستوى له منذ ست سنواتعلى خلفية أنباء حول فتح البورصة السعودية أمام الاستثمار الأجنبي في العام 2015، قبل أن يعكس مكاسبه لينخفض إلى 8.333 بحلول نهاية العام، منخفضا بواقع 12.3٪ على أساس سنوي، وذلك بسبب قلق المستثمرين إزاء هبوط أسعار النفط. ومن المفترض أن تساهم قوة قطاع المستهلك وزيادة التدفقات الأجنبية في توفير الدعم للأسهم السعودية مستقبلاً خلال العام 2015.

انخفاض أسعار النفط يمثل أكبر التحديات
يُمثِّل استمرار انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة ومستمرة أهم التحديات التي تواجه السعودية على المدى القريب، لما لذلك من أثر على إيرادات الحسابين المالي والجاري وكذلك على الاقتصاد غير النفطي، الذي يرتبط نموه ارتباطا وثيقا بالإنفاق الحكومي، إلى جانب تأثيره على مستويات الثقة في القطاع الخاص. لكن السعودية في وضع مالي إجمالي قوي يمنحها هامشا واسعا للتحرك ويمكنها من مواصلة سياساتها المالية التوسعة في المدى القريب وجهودها لتنويع الاقتصاد.