IMLebanon

تراجع دخل الأسر في عهد حكومة كاميرون الائتلافية

DavidCameronEconomy1

كريس جايلز وسارة أوكونور وفانيسا هولدر

بعد 13 عاماً من حُكم حزب العمال، شكل حزب المحافظين حكومة ائتلاف مع حزب الديمقراطيين الأحرار في عام 2010، على وعد بإعادة الاقتصاد إلى مساره في أعقاب الانهيار المالي عام 2008. وتركّزت خطتهم على تخفيض الإنفاق الذي قد يُلحق الضرر بالموارد المالية لكثير من العائلات. لكن كان من المأمول أن يعمل الاقتصاد الأقوى على جعل الأُسر في وضع أفضل بحلول عام 2015. وفيما يلي نظرة على مجمل النتائج.

الاقتصاد: ماذا كان متوقعا في عام 2010

حكومة الائتلاف تولت السلطة واعدةً بتوقعات اقتصادية صادقة يتم تقديمها من قبل “مكتب مسؤولية الميزانية” الجديد والمستقل. ومنذ البداية أنتج المكتب تقييما واقعيا للآفاق الاقتصادية أكثر من تقييم حكومة حزب العمال السابقة. الانتعاش سيكون سلساً وسيستقر النمو على 2.7 في المائة سنوياً، ما يكفي تقريباً للقضاء على الطاقة الإنتاجية الفائضة المُقدّرة في الاقتصاد بحلول عام 2015. بعد ذلك، كان من رأي مكتب مسؤولية الميزانية أن اقتصاد بريطانيا يمكن أن يتوسع بمعدل سنوي يبلغ 2.1 في المائة.

كان من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم من ارتفاع مؤقت يبلغ أكثر من 3 في المائة، مقارنة بهدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة، وأن يعود نمو الإنتاجية (حجم الناتج الاقتصادي لكل عامل)، وهو المحرك النهائي لرفع مستويات المعيشة، إلى مستويات “تتماشى على نطاق واسع مع الاتجاهات السابقة”.

ماذا حدث

تقريباً في الوقت الذي حصل فيه الائتلاف على السلطة، تعثر النمو. كانت هناك صدمة في نهاية عام 2010، عندما أثّرت الثلوج في نتائج الربع الرابع، لكن بعد ذلك بالكاد تعافى الاقتصاد ووصل إلى حالة من الركود في معظم عامي 2011 و2012. واليوم الناتج أقل نحو 5 في المائة من التوقعات الأولية لمكتب مسؤولية الميزانية. كذلك معدل التضخم تجاوز الهدف باستمرار في عامي 2011 و2012.

الأسوأ من كل ذلك أن نمو الإنتاجية، الذي كان مستقراً خلال الأعوام الـ 40 الماضية لم يكُن موجوداً أثناء فترة جورج أوزبورن وزيراً للمالية، ما عمل على تقويض الأجور والدخل. على الجانب الإيجابي، عدم القدرة على تحقيق مزيد من الإنتاج من الموظفين الحاليين شجع الشركات على التوظيف، الأمر الذي أدى إلى انخفاض معدل البطالة.

حُكم «فاينانشيال تايمز»

التوقعات الاقتصادية الأولية لمكتب مسؤولية الميزانية كانت صادقة، لكنها خاطئة، وبشكل سيئ. أكبر خطأ كان المبالغة في تقدير نمو الإنتاجية. الفشل في التنبؤ بأزمة اليورو وتحركات أسعار الطاقة يمكن أن يكون معذوراً فيهما، لاستحالة توقّع ذلك بأي قدر من الدقة.

لكن الفشل في فهم الإنتاجية ينبغي أن يقوّض من ثقة أي شخص بأن التوقعات الحالية ستكون أكثر دقّة للبرلمان القادم.

سوق العمل

ماذا كان متوقعاً في عام 2010

بلغ معدل البطالة 8 في المائة عندما شرعت المملكة المتحدة في خفض الإنفاق الحكومي في عام 2010. ومع فقدان وظائف في القطاع العام الذي يلوح في الأفق، حذّر بعض مختصي الاقتصاد من أنه سيصل قريباً إلى معدل مكون من خانتين. لكن مكتب مسؤولية الميزانية كان أكثر تفاؤلاً، إذ توقّع أن يبدأ معدل البطالة في الانخفاض مع تحسّن الاقتصاد. وأعرب عن اعتقاده أيضاً بأن اتجاهات الأجور ستعود إلى أيام ما قبل الأزمة، وتوقّع نموها سنويا بنسبة 5.4 في المائة في عامي 2014 و2015.

ماذا حدث

انخفض معدل البطالة بشكل أسرع مما توقعه أي شخص ويبلغ الآن أقل مما توقعه مكتب مسؤولية الميزانية في عام 2010. واقترب معدل التوظيف من مستوى قياسي مرتفع، بمساعدة ارتفاع حاد في التوظيف الذاتي.

طفرة الوظائف أصبحت أكثر من استثنائية لأن الاقتصاد نما بشكل أقل، وليس أكثر، مما اعتقد مكتب مسؤولية الميزانية.

هذا يعني أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً وقد تُرجِم ذلك إلى نمو ضعيف في الأجور وانخفاض لمدة خمسة أعوام في الأجور الحقيقية. ومتوسط نمو الأجور السنوي تجاوز التضخم أخيراً، لكن لا يزال يبلغ نحو 2 في المائة فقط.

حُكم «فاينانشيال تايمز»

كان أداء سوق العمل واحداً من أكبر المفاجآت في الأعوام الخمسة الماضية. نظراً للاقتصاد الأضعف، معدل البطالة المنخفض مع ضعف نمو الإنتاجية والأجور ربما كان النتيجة الأفضل من البديل المتمثل في معدل بطالة مرتفع مع نمو الإنتاجية ونمو الأجور.

بهذه الطريقة، تمت مشاركة الألم بتساو أكثر في أوساط السكان كافة، وعدد أقل من الأشخاص عانى آثار البطالة الدامية.

لكن الاقتصاد يتعافى الآن، والأجور والإنتاج في الساعة بحاجة إلى الارتفاع، وإلا ستتعمق المخاوف من أن المملكة المتحدة أصبحت اقتصاداً ذا أجور منخفضة وإنتاجية منخفضة بشكل دائم.

المالية العامة

ماذا كان متوقعاً في عام 2010

في حزيران (يونيو) 2010، اعتقد مكتب مسؤولية الميزانية أن تدابير الضريبة والإنفاق العام التي كانت ضمن خطط الائتلاف كانت كافية لموازنة الدفاتر المحاسبية (على أساس يتم تعديله دورياً للميزانية الحالية باستثناء الإنفاق الرأسمالي) بحلول العام المالي 2014/2015.

ويتوقع المكتب أن صافي اقتراض القطاع العام سينخفض من 10 في المائة من الدخل القومي في العام المالي 2010/2011 إلى 2 في المائة مع نهاية الدورة البرلمانية. من الانخفاض البالغ 8 في المائة في الاقتراض، اعتقد المكتب أن نسبة 6.5 في المائة ستكون مدفوعة من زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق، مع 1.5 في المائة من آثار الانتعاش السريع.

ماذا حدث

على مدار الدورة البرلمانية، انخفضت الإيرادات الضريبية أقل بكثير من التوقعات، الأمر الذي ترك الموارد المالية العامة في حالة أسوأ بكثير من المأمول.

وتنقسم الفترة إلى حلقتين متميزتين. في البداية، تخفيض العجز بقي تقريباً على مساره الصحيح، لكن بعد أن بدأ الانتعاش في عام 2013، تراجعت الإيرادات المتوقعة وسببت خيبة أمل متواصلة لوزارة المالية.

الإيرادات الضعيفة في فترة الانتعاش، ولا سيما في ضريبة الدخل – التي تعكس النمو الضعيف للأجور – قوضت سجل أوزبورن في تخفيض العجز. والأمر الأكثر إشكالية بكثير هو حُكم مكتب مسؤولية الميزانية بأن انخفاض الإيرادات هو أكثر من مؤقت ويتطلب مزيدا من تخفيض الإنفاق أو زيادة الضرائب لموازنة الدفاتر المحاسبية. هذا هو السبب على الأقل في إضافة أربعة أعوام أخرى إلى فترة التخفيضات المقررة.

حُكم «فاينانشيال تايمز»

يقول وزير المالية “إنه خفض العجز إلى النصف كنسبة من الدخل القومي”. هذا صحيح، لكن السجل هو أقل إثارة للإعجاب بكثير مما خططه في عام 2010، لذلك يجب اعتبار تخفيض العجز فاشلا.

لكن حدث الفشل بسبب الإفراط في التفاؤل بشأن قوة اقتصاد المملكة المتحدة، وليس تخفيضات الإنفاق والزيادات الضريبة التي نفذها وزير المالية. فليس هناك دليل يذكر على أن ذلك فشل بسبب خطط أوزبورن فيما يتعلق بالموارد المالية العامة.

الفائزون والخاسرون

ماذا كان متوقعا في عام 2010

عندما وصل الائتلاف إلى السلطة، لم يكُن هناك أي شك في أن خططه، التي تضمنت تخفيض المنافع ورفع ضريبة القيمة المُضافة، من شأنها إلحاق الضرر بالموارد المالية للعائلات. لكن الوزراء كانوا يأملون أن الاقتصاد الأقوى سيجعل الأُسر في وضع أفضل مع نهاية الدورة البرلمانية مما كانت عليه في عام 2010. فالألم اللازم لإصلاح الموارد المالية العامة يُقابله النمو. وعلى أي حال، خطة الائتلاف لتخفيض العجز لم تكُن أكثر صرامة من الخطة الموروثة من حكومة حزب العمال.

بعد الاستعراض الأول للميزانية والإنفاق، واجه الوزراء انتقادات من معهد الدراسات المالية. وقالت الشركة الاستشارية المستقلة “إن الأُسر الأكثر فقراً ستتضرر أكثر من الأُسر الأغنى بفعل التغيرات الضريبية، والحزمة كانت رجعية بشكل واضح”، نافيةّ زعم وزير المالية أنه سيضمن أن الجميع “في هذا الوضع معاً”.

ماذا حدث

بعد مضي خمسة أعوام، هناك ثلاث حقائق مهمة. الأولى، النمو الأضعف والإنتاجية الرهيبة يعنيان أن مستويات المعيشة أقل من المأمول. ويقدّر معهد الدراسات المالية أن صافي دخل الأُسر المتوسطة انخفض 2 في المائة عما كان عليه في عام 2010.

الثانية، أن التغييرات على الضرائب والمنافع ألحقت الضرر الأكبر بالأشخاص الأغنى والأفقر، الأمر الذي ترك أولئك الذين في المنتصف أقل تأثراً. الأشخاص الأغنى شهدوا ارتفاع الضرائب وإلغاء منافع الأطفال، في حين إن منافع الدولة لذوي الدخل المنخفض لم ترتفع مع التضخم. لكن خلال هذه الفترة لم يكُن هناك أي تغيير كبير في عدم المساواة سواء في الدخل أو الثروة.

مع ذلك، كان هناك تغير كبير، في توزيع الدخل بين كبار السن والشباب. الأُسر الكبيرة في السن هي المجموعات الوحيدة التي تتمتع بمستويات معيشة أعلى مما كانت عليه في عام 2010 وأكبر الخسائر كانت بين الشباب.

حُكم «فاينانشيال تايمز»

يمكن أن يكون وزير المالية على حق في قوله “إن الجميع هم في هذا الوضع معاً”، مع أنه لا يوجد شك في أن سياسة الحكومة على مدى الأعوام الخمسة الماضية كانت لمصلحة الكبار في السن نسبياً على الشباب. بالنسبة لأولئك الذين في سن العمل، خيبة الأمل الأكبر كانت التحسينات الضعيفة في مستويات المعيشة. وكان نمو الإنتاجية الضعيف هو الملوم، لأن هذا أدى إلى تخفيض وتيرة الانتعاش والأجور.

فرض الضرائب

ماذا كان متوقعاً في عام 2010

كان واضحاً أن زيادات الضرائب ستكون لازمة للمساعدة على سد العجز، لكن حكومة الائتلاف كانت قد وعدت أيضاً بأن تجعل النظام الضريبي “تنافسياً، وأبسط (…) وأكثر عدلاً”.

وقالت “إن هذا من شأنه مساعدة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط من خلال زيادة علاوة ضريبة الدخل الشخصية”. كما تعهدت بإصلاح ضريبة الشركات بطريقة من شأنها إرسال رسالة تفيد بأن المملكة المتحدة “مفتوحة للأعمال”. كذلك كانت تنوي أيضاً “كل جهد لمعالجة التهرب الضريبي”، وقالت إنها “ستحاول تضييق الفجوة بين المكاسب الرأسمالية ومعدلات ضريبة الدخل”. كذلك كانت تهدف إلى زيادة دور الضرائب البيئية.

ماذا حدث

التزم الائتلاف بوعوده فيما يتعلق باقتراحات الإصلاح الأكبر من خلال المضي قُدماً في تخفيضات ضرائب الشركات الكبرى وزيادة كبيرة في علاوة ضريبة الدخل الشخصية. وبشكل عام، زاد الضرائب نحو 16 مليار جنيه سنوياً. ومع ذلك، لم ترتفع الإيرادات كنسبة من الدخل القومي إلى حد كبير، لأن نمو الأجور المنخفض كان يعني ضعف المقبوضات من ضريبة الدخل. بسبب الغضب الشعبي غير المسبوق من التهرب الضريبي، شنت الحكومة حملات تشديد قوية على التهرب وتجنب دفع الضرائب. وزادت ضريبة المكاسب الرأسمالية على الشرائح العليا لدى دافعي ضرائب، لكنها لم تستطع مماثلة معدلات ضريبة الدخل. كذلك خفضت رسوم الوقود، لكنها زادت عددا كبيرا من الرسوم البيئية الأصغر.

حُكم «فاينانشيال تايمز»

يستطيع الائتلاف أن يدعي أنه حقق معظم أهدافه، رغم أنه لم يبرهن على أنه اختار الأولويات الصحيحة. فقد جعل نظام ضريبة الشركات أقوى من الناحية التنافسية، لكنه لم يعمل على زيادة الحوافز الرامية إلى اجتذاب الاستثمار من شركات التصنيع.

كذلك زيادة المخصصات الشخصية جعلت 44 في المائة من البالغين لا يدفعون ضرائب على الدخل، لكن الأسر الفقيرة لم تحقق أكبر المكاسب. المالية العامة ضعيفة أمام الاعتماد المتزايد على مجموعة صغيرة من كبار الأفراد الأغنياء، والميل إلى أن يتم تمويل التخفيضات الضريبية الدائمة من خلال زيادات ضريبية مؤقتة.