IMLebanon

داغر: وقوع اليمن تحت نفوذ إيران تطوّر جيواستراتيجي خطير عربيا ودوليا

yemen-map

 

 

 

سألت صحيفة “الجمهورية” العميد السابق ريشار داغر عن قراءته السياسية والعسكرية لحوادث اليمن، فقال «إنّ التطوّر الأخطر من نوعه تمَثّلَ في ما جرى في الايام الماضية على يد الحوثيين والجماعات المنضوية معهم، والذي انتهى بمحاولة إسقاط عدن المقرّ البديل للشرعية اليمنية.

 

فإسقاط عدن والسيطرة كلّياً على اليمن هو الحدث الاخطر والاكبر من نوعه في المنطقة، فالإيراني موجود في العراق اليوم لكنّه لا يسيطرعليه سيطرة كاملة، كذلك هو موجود في سوريا ولا يسيطر عليها سيطرة كاملة. أمّا في اليمن فسقوط عدن يعني سيطرة إيران على الكيان اليمني بكامله، ما يشكّل أخطر وأعلى مستويات الهيمنة الإيرانية».

 

وأضاف: «مثلُ هذا الحدث ستكون له تداعيات سياسية وأمنية واستراتيجية كبيرة، فاليمن على المستوى السياسي سيصبح منطقة منفصلة عن الحيّز العربي وتابعة لنفوذ إيران في شكل كامل، وعلى المستوى الامني، السيطرة على اليمن تعني رأس جسر لضرب الاستقرار والأمن في كلّ شبه الجزيرة العربية، خصوصاً في السعودية.

 

وعلى المستوى الاستراتيجي فإنّ تداعياته أكبر بكثير، فمَن ينظر الى خريطة المنطقة يرَ أنّ وقوع اليمن تحت نفوذ إيران في شكل كامل ونهائي يعني انّ إيران باتت تسيطر على باب المندب، بوّابة العبور نحو البحر الأحمر ومنها الى قناة السويس، وهو تطوّر جيواستراتيجي خطير على المستويَين العربي والدولي، لأنّ إيران تسيطر راهناً على مضيق هرمز. فالسيطرة على اليمن تعني انّها أصبحت تسيطر على البوّابة البحرية الاستراتيجية الثانية في المنطقة، وهذا تطوّر جيواستراتيجي خطير لا يمكن أحد القبول به.

 

من هنا تتبيّن الأسباب والدوافع التي أدّت الى قيام هذا التحالف العربي ـ الإسلامي الواسع بضوء أخضر أميركي، لأنّ ما يحصل في اليمن خطير جدّاً بالنسبة الى المملكة ودوَل مجلس التعاون الخليجي، وله مؤشّر ودلالات كبيرة بالنسبة الى العالم الاسلامي السنّي من السعودية وصولاً إلى مصر وتركيا والسودان حتى باكستان التي انضمَّت الى هذا التحالف».

 

وأضاف داغر: «إنّ تطوّر الوضع الى حرب إقليمية واسعة يحدّده أمران: الاوّل، ما هي اتّجاهات التدخّل العسكري البرّي للتحالف في اليمن؟ فحتى الآن نرى تدخّلاًَ عبرقصف جوّي، ومعلوم عسكرياً أنّه إذا كانت السعودية وقوى التحالف تريد استتبابَ الامور في اليمن لمصلحة الشرعية اليمنية فإنّ التدخّل الجوّي لا يكفي، بل يجب ان يترافقَ مع تدخل عسكري برّي في شكل أو آخر.

 

لكنّ حدود هذا التدخّل ومستواه غير واضحين ومحدّدين، وأعتقد أنّ السعودية وقوى التحالف غير راغبة الدخول في حرب استنزاف طويلة الأمد في اليمن، بل سيكون من أهدافها حسم الوضع سريعاً، ما يقتضي شكلاً من أشكال التدخّل البرّي. أمّا الأمر الثاني الذي يحدّد مستقبل المنطقة فهو ردّة فعل إيران بعدما بدا واضحاً أنّ السعودية وقوى التحالف حسمَت أمرَها بالتدخّل العسكري».

 

وأضاف داغر: «أهمّية ما يجري اليوم أنّه يشكّل نقطة تحَوّل مفصلية في النزاع، فالسعودية كانت حتى الأمس تدير النزاع بالوسائل الديبلوماسية والدعم المعنوي، الى ان قرّرت التدخل العسكري المباشر، ما يحصل سيشكّل نقطة تحوّل أساسية في آلية النزاع، ليس في اليمن فحسب، بل في المنطقة، والسؤال الاساسي اليوم: ماذا ستكون ردّة فعل إيران؟

 

هل ستكون محدودة بمزيد من المساعدات للحوثيين أو عبر تصعيد الموقف خارج اليمن في الأماكن التي تهمّ السعودية؟ أم ستكون ردّة فعلها على المستوى الاستراتيجي، اي ان تقفل إيران مثلاً مضيق هرمز والتسبّب بأزمة عالمية؟ كلّ هذه التساؤلات هي اليوم موضع نقاش وبحث ومتابعة.

 

لكنّ هناك قراراً بإجهاض المشروع الحوثي للسيطرة على اليمن، وبالتالي إجهاض المشروع الايراني، وهنا تصبح القضية اكثر تعقيداً وخطورة، وطبعاً يجب ان لا ننسى انّ كلّ ذلك يحدث قبل ايام قليلة من عقد الاتفاق النووي مع ايران.

 

وأعتقد انّ جميع الاطراف الدولية تتحاشى الدخول في مواجهات مباشرة، ولا أرى أنّ ايران ستقدِم على مواجهة مع السعودية او ايّ طرف مشارك في هذه الحرب، ونأمل في ان يبقى لبنان نائياً بنفسه عمّا يحصل في اليمن. لكن أعتقد انّ الساحة اللبنانية ستبقى ضمن الانضباط».