IMLebanon

الشكوك تحاصر وعود القاهرة باستصلاح مليون فدان

Egypt-Agriculture-land

يقول محللون مصريون إن حالة من الغموض تخيم على مشروع الحكومة المصرية الطموح لاستصلاح مليون فدان، خلال السنوات الأربع المقبلة، وقالوا إن ذلك يبدد حالة التفاؤل التي عمت المصريين بإمكانية زيادة الرقعة الزراعية في البلاد.

أكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن الحكومة المصرية لا تملك خطة محددة الملامح لتنفيذ مشروع استصلاح مليون فدان، رغم الإعلان عن دخول استثمارات جديدة في هذا المشروع. وتعهدت وزارة الزراعة المصرية بإعداد الدراسات الكاملة عن مخزونات المياه الجوفية المتوفرة في المناطق المستهدفة ودرجة الملوحة للإنتهاء منها خلال 3 أشهر.

وقال علاء دياب رئيس لجنة الزراعة بجمعية رجال الأعمال المصريين لـ”العرب” إن مشروع استصلاح المليون فدان غير واضح الملامح حتى الآن. وأكد أنه لم يتم تحديد المحاصيل الزراعية التي تحتاجها مصر بشكل كبير، لسد الفجوة الغذائية التي تعانى منها وتتجه النية لسدها عن طريق زيادة فاتورة الاستيراد من الخارج.

وأوضح أن المعلومات المتاحة حول المشروع، تقتصر على تخصيص نحو 500 ألف فدان لمستثمرين إماراتيين، سيتم زراعة غالبيتا بالبنجر، بهدف خدمة مشروع ضخم لإنتاج السكر في مصر باستثمارات إماراتية.

وقال بيان للجمعية السعودية المصرية لرجال الأعمال إن الشركات السعودية ملتزمة بالإتفاقيات التي تم التوقيع عليها مع الحكومة المصرية، خلال مؤتمر مصر الاقتصادي في مارس الماضي، لإستصلاح 300 ألف فدان باستثمارات تتجاوز 1.9 مليار دولار.

وأكد دياب أن مصر تفتقد إلى إستراتيجية زراعية تحدد الأولويات، مطالبا بضرورة تفعيل خطة التنمية الزراعية المستدامة 2030، لتحديد أولويات الاستثمار الزراعي خلال الفترة المقبلة.

وشدد الدكتور نادر نورالدين أستاذ المياه واستصلاح الأراضي في جامعة القاهرة على ضرورة ألا يقل المخزون الإستراتيجي للمياه الجوفية في منطقة إستصلاح الأراضي عن 150 عاما، حتى يكون استغلالها اقتصاديا، كما حدث في مشروع شرق العوينات.

وأضاف لـ”العرب” أن البنك الدولي أعلن أنه سيمول المشروع، لكنه طالب الدولة باستيفاء الدراسات اللازمة، بعد إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن 80 بالمئة من المليون فدان سيتم زراعتها بالمياه الجوفية، وأن النسبة المتبقية ستعتمد على مياه النيل وهي المساحة القديمة من مشروع توشكي.

ولفت إلى أن المليون فدان سوف تحتاج إلى كمية مياه تتراوح بين 5 و6 مليار متر مكعب على الأقل، في الوقت الذي تعاني فيه مصر عجزا في الموارد المائية يبلغ نحو 30 مليار متر مكعب.

وقال إنه وفقا لعدد السكان البالغ 90 مليون نسمة تقريبا، ينبغي أن تكون الموارد المائية المتاحة نحو 90 مليار متر مكعب، لكن المتوفر 60 مليار متر مكعب فقط، تنقسم على نحو 55.5 مليار متر مكعب حصة مصر من مياه النيل، و5 مليارات متر مكعب مياه جوفية.

وأضاف أن مصر تواجه تهديدا بشأن بناء سد النهضة، الذي من المتوقع أن يقلل موارد مصر المائية بمقدار 12 مليار متر مكعب، بجانب العجز القائم حاليا، وهو ما يزيد صعوبة مشروع المليون فدان.

وأكد أن نجاح المشروع يتوقف على وجود المياه الجوفية، والدراسات الخاصة بها تبين أن هذا المصدر في مصر غير متجدد، فالمياه التي يتم سحبها من الآبار تنتهي بعد فترة.

ونصح الخبير الزراعي بإجراء دراسات للمخزون الإستراتيجي، وإذا أثبتت توافر المياه في المناطق التي تم اختيارها، قبل البدء في الإستصلاح. وتم استصلاح نحو 23 ألف فدان خلال عام 2013 وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والأحصاء.

ويقول الخبراء إن المياه هي الأساس في الاستصلاح وليس الأرض، ولا يصح الاهتمام بوجود الأرض قبل المياه، لأن طمأنة المستثمر بتوافر المياه ونوعيتها، من أهم عوامل الجذب لاستصلاح الأراضي. وأكد نورالدين أن هناك 5 ملايين فدان في مصر قابلة للزراعة، لكنها متوقفة على دراسات المياه.

وأكد صلاح يوسف وزير الزراعة الأسبق لـ”العرب”، أن مصر تمتلك مقومات استصلاح الأراضي، لكن ذلك يتطلب دراسة كمية المياه المتوفرة. وأوضح أن التعامل مع المياه الجوفية لا بد أن يكون بحرفية وحكمة، وألا يتم استصلاح مساحات كبيرة في الموقع نفسه، حتى لا يحدث إهدار للمياه الجوفية.

وأشار إلى أن استصلاح الأراضي يتطلب تحديث دراسات المياه الجوفية واستكمالها، إلى جانب الحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل، وترشيد الري باستخدام الطرق الحديثة.

وكشف وزير الزراعة السبق أن حالة عدم الاستقرار السياسي، أعاقت مشروع استصلاح الأراضي في مصر، فضلا عن التغيير المستمر لوزراء الزراعة، إذ أن كل وزير يتولى الوزارة لا يستكمل خطط سابقيه.

واعتبر أن استصلاح الأراضي في مصر ليس إنجازا، لأن الحكومة تستصلح الأراضي بأموال كبيرة، كما أن الأفراد يبنون على الأراضي الزراعية الخصبة. وواصلت حالات التعدي على الأراضي الزراعية في مصر وقد شملت مساحة تصل إلى 39 ألف فدان منذ قيام ثورة يناير 2011، وتمت إزالة التجاوزات على نحو 5 آلاف فدان.