IMLebanon

هل لا يزال تطبيق الحكومة الإلكترونية في لبنان حُلماً بعيد المنال؟

Egovernment2
سلوى بعلبكي

تقدّر كلفة الوقت المهدور على المعاملات الرسمية التي يجريها المواطن بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً، إذ يمضي معظم المواطنين ما معدله سبعة أيام في السنة ليتابع المعاملات الرسمية.

هذه المعطيات تبرز الحاجة إلى وجود الحكومة الالكترونية بغية تبسيط الاجراءات الحكومية وتسهيلها عبر استعمال الاتصالات وتقنية المعلومات في اطار الادارة العامة للدولة. واذا كان لبنان لا يزال متأخراً عن اللحاق بركب الدول المتقدمة في هذا المجال، إلا أنه وضع اللبنة الاولى لهذا المشروع عبر الموقع الالكتروني “دولتي” لتسهيل حصول المواطنين على المعلومات والاجراءات المطلوبة للمعاملات الرسمية، وفق ما قال وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج لـ “النهار”.
التوجهات العامة لوزارة التنمية هو التنسيق بين الوزارات باشراف وزارة التنمية الادارية، وفي حال وضعت خطة لتنفيذ “الحكومة الالكترونية”، سيكون وفق ما يقول دو فريج “عبر درس اشراك القطاع الخاص (التعهيد Outsourcing) في مسألة الامور التقنية والبنى التحتية المطلوبة لتطبيق المشروع وتوزيعها على شركات عدة عبر مناقصات، على أن يكون لدى كل وزارة قدرة على تطوير اجراءاتها بما يتناسب مع التكنولوجيا. وإذ يؤكد أن هذا المشروع سيستغرق بعض الوقت، لفت إلى أن ثمة “مشروع قانون يناقش حاليا في لجنة المعلوماتية ويتعلق بالمعاملات الالكترونية وحماية المعلومات الالكترونية والمعاملات التجارية والعقود، إلا انه لا يشمل الحكومة الالكترونية. لذلك نحتاج الى قانون جديد يأخذ في الاعتبار سرية المعلومات، والضوابط، واسس التعامل مع المعاملات الرسمية”.
وفيما يتم العمل حالياً على تفعيل الرقم الموحد للمواطنين لإستخدامه بالمعاملات الالكترونية، كشف دو فريج أن ثمة مشروعاً يجري العمل عليه مع الامن العام يتعلق بالاجراءات المطلوبة لإستقدام عاملات المنازل واجراء إجازات العمل لهن عبر القيام بنسخ الاوراق والمستندات المطلوبة وتقديمها عبر موقع الالكتروني الى الامن العام. وعندما تنتهي المعاملة يتم اعلام صاحب المعاملة بموعد تسلمها عبر البريد الالكتروني أو بواسطة رسائل نصية على هواتفهم.

حاصباني: كلفة الوقت المهدور 1,2 مليار دولار
بما أن انتشار الشبكات الالكترونية وأدوات المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة في لبنان أصبح بمستوى عال، بات من الممكن اعتباره في مصاف الدول التي تتحول مجتمعاً رقمياً بوتيرة عالية، لذلك لا بد للدولة من أن تواكب هذا التحول وتوفر خدمات بطريقة تتماشى وهذه الثورة في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
الحاجة إلى وجود الحكومة الالكترونية التي تتم عبر استخدام شبكة الإنترنت، لا سيما في نقاط الاحتكاك بين الادارة والمواطن، يبرز أهميتها الخبير في الاقتصاد والتكنولوجيا الدكتور غسان حاصباني عبر تأكيده ان هذا المشروع “يخفف على الدولة كلفة تقديم الخدمات ويحسن انتاجية المواطن حيال تسهيل المعاملات وتقليص أو الغاء الحاجة للتنقل بين المناطق والمراكز الادارية”.
وبناء على معطيات البنك الدولي، قدّر حاصباني كلفة الوقت المهدور على المعاملات الرسمية بنحو 1,2 مليار دولار سنوياً. إذ أن إعتماد “الحكومة الالكترونية” يوفر الوقت وتالياً زيادة عدد المعاملات بما يؤدي الى توفير “عائدات اضافية للخزينة نحو 740 مليون دولار سنويا، كما ينخفض الوقت المطلوب لمعالجة المعلومات بنحو 80%”. عدا عن ذلك فإن الحكومة الالكترونية تخفف من الفساد على المستوى الاداري، اذ تقلص الاحتكاك المباشر بين الادارة والمواطن وتمكنن الاجراءات مما يخفف العامل البشري في التعاطي مع الأمور الروتينية”.
هل من معوقات امام تطوير على هذا المستوى في القطاع العام؟
المعوقات كثيرة وفق حاصباني منها قلة التنسيق بين اعمال الوزارات المختلفة، اذ تقوم كل وزارة بمشاريعها بطريقة شبه مستقلة عن الوزارات الأخرى، في حين أن اطلاق الحكومة الإلكترونية يتطلب تنسيقاً كبيراً بين الوزارات وبرنامجاً متكاملاً. اضافة الى ذلك، فان تحديث الاجراءات ومكننتها هما عاملان اساسيان في نجاح الحكومة الالكترونية، كما تطوير البنى التحتية وتقنية المعلومات”.
لكن هذه المعوقات، وفق ما يقول حاصباني، “ليست مستعصية الحل اذا ما وجدت التشريعات اللازمة والتي تتماشى مع التطور في التكنولوجيا. فمع هذا التطوّر، لا بدّ للقوانين من ان تأخذ في الاعتبار ان الطباعة لم تعد هي الوسيلة الوحيدة للتواصل. فكما اصبح “الفاكس” وسيلة موثوقة لتبادل المعلومات، والصورة عن الأصل مقبولة كوثيقة اثباتية، فان الرسائل الالكترونية والمسح الضوئي (Scan) على سبيل المثال، أصبحا جزءاً اساسياً من التعاملات.
من هنا، يعتبر حاصباني، ان التعجيل في إصدار تشريعات بهذا الخصوص امر ضروري وحاجة ملحة، لأن لبنان أصبح من بين الدول القليلة، التي لم تصدر أي تشريعات في هذا المجال، وهو يعد متأخرا في مجال الحكومة الالكترونية رغم تقدم مواطنيه ومؤسساته الخاصة في استخدام تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات.
وفي حين لا وجود لدراسة معينة عن كلفة تطبيق المشروع، أكد حاصباني أن الحسنات والمنافع والارقام الايجابية التي يحققها للاقتصاد كبيرة جداً، أما التأخر عن القيام بذلك فيؤثر سلباً على أداء الدولة والاقتصاد من خلال ابطاء حركة وانتاجية المواطن وزيادة كلفة الدولة في تقديم خدماتها وتأخير عجلة الانماء المتوازن.