IMLebanon

“الاستئناف في بيروت” تحسم موضوع قانون الإيجارات: نافذ ويقتضي تطبيقه

justicePalace
ناضر كسبار
أما لجهة سائر المساعدات والمساهمات من الصندوق الخاص الآنف ذكره، خاصة تلك المتعلقة بحق استرداد المأجور المعطي للمالك لقاء تعويض يدفع للمستأجر، فإن النصوص المحددة لآلية منح هذه المساعدات والمساهمات للمستأجر لم تفرض تعليق نفاذ الاسترداد لحين تنفيذ القرار القاضي بالموافقة على هذه المساعدة نتيجة الاسترداد (بعكس ما نصت عليه بالنسبة لدفع زيادات بدل الايجار)، باعتبار ان هذه المساعدة تتعلق بالمستأجر والادارة ولا علاقة للمالك بها، ما يعني ان قرار الاسترداد ينفذ ويسلم المأجور للمالك لقاء التعويض المحدد من المحكمة على ان يحفظ حق المستأجر بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها له بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع له عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية،
وحيث انه تبعاً لمجمل ما تقدم، فإنه يقتضي التأكيد على وجوب اعمال النصوص القانونية التي تضمنها قانون الايجارات الجديد الصادر باريخ 2014/5/8 باستثناء تلك المتعلقة بزيادة بدلات الايجار للمستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور اذا تقرر الموافقة على منحهم مساعدة الصندوق وذلك لحين تنفيذ قرار الموافقة المذكورة بعد انشاء الصندوق وتنظيم آلية عمله من قبل السلطة التنفيذية، وعلى ان يحفظ حق المستأجر بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها له بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع له عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية، وذلك في سائر حالات استحقاق مساعدة الصندوق ومنها حالات استرداد المأجور،
وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي رد ادلاءات الفرقاء المخالفة لهذه الجهة بالنظر لما اثبتته المحكمة فيما تقدم،
ب – في مدى تحقق شروط الاسترداد موضوع النزاع
حيث ان المالكة تطلب استرداد المأجور موضوع النزاع للضرورة العائلية المتمثلة برغبتها في السكن فيها لقاء تعوض تدفعه للمستأجرة، في حين تنازع المستأجرة في تحقق شروط الاسترداد في طلب المالكة،
وحيث ان طلب الاسترداد الراهن قدم في ظل سريان القانون رقم 92/160 بحيث يقتضي التثبت من شروط الاسترداد موضوع النزاع بالاستناد الى القانون المذكور،
وحيث لهذه الجهة، فإن المادة 8 فقرة «أ» من القانون الآنف الذكر نصت على حق المالك ان يطلب لأجل سكنه استرداد المأجور السكني شرط ان يثبت ضرورة عائلية تضطره الى الاسترداد، وان لا يكون مالكا مسكنا آخر ضمن النطاق البلدي او نطاق مجاور للمأجور المطلوب استرداده فضلا عن ان القانون الجديد كرس الحق بامكانية المطالبة بالاسترداد للضرورة العائلية،
وحيث ان المشترع لم يضع تعريفاً محدداً لفهوم الضرورة العائلية، وقد اعتبرت هذه الاخيرة مسألة واقعية يعود تقديرها للقاضي على اساس ان عنصر الضرورة يبقى رهنا بالظروف الاجتماعية المتنوعة والمتحركة باستمرار وهو يشمل كل ظرف ناتج عن استعمال المرء لحقوقه الطبيعية ويجعل استمرار الحياة صعبا ومرهقا،
وحيث ان الفقه والاجتهاد متفقان على ان الاسترداد يكون جائزاومحميا قانونا في كل مرة تكون فيها الحاجة المسند اليها طلب الاسترداد متوافقة مع الغاية الاجتماعية التي منح هذا الحق من اجلها ودون ان تكون مختلقة اختلاقا بقصد التحايل على القانون والتفلت من احكام مؤسسة التمديد الالزامي لعقود الايجار التي تخضع لها، وشرط ان تأتي ممارسة المؤجر لحق الاسترداد متوافقة مع ما هو متعارف عليه من اخلاقيات ومبادىء حسن النية في التعامل،
وحيث ان اعمال نص المادة 8 واجابة طلب الاسترداد يفترض توافر ثلاثة شروط مجتمعة هي:
1 – ان تكون لطالب الاسترداد الصفة اللازمة،
2 – ان يكون الاسترداد من اجل سكن المالك او سكن احد اولاده بالنظر الى ضرورة عائلية،
3 الا يكون طالب الاسترداد او المطلوب الاسترداد لمصلحته مالكا مسكنا آخر ملائما وصالحا للسكن غير مشغول ومعادلا في مستواه للمأجور المطلوب استرداده،
وحيث انه ثابت ان المالكة المستأنفة تملك كامل اسهم القسم المطلوب استرداده، ولم يثبت انها منفردة، ضمن النطاق البلدي عينه او نطاق بلدي مجاور للمأجور موضوع النزاع، مسكنا مستقلا وصالحا لتأمين سكنها، وان المسكن الذي تشغله كائن في محافظة الجنوب وهو ملك لابنها،مما يجعل الشرط الاول والشرط الثالث للاسترداد متحققان،
وحيث بالنسبة للشرط الثاني، فإنه يتبين ان المالكة التي يزيد عمرها عن 75 عاما تقيم في مسكن ابنها الكائن في بلدة قانا في محافظة الجنوب، وان ابنها موجود مع عائلته خارج لبنان، وهي مصابة ببعض الامراض وفق التقارير الطبية المودعة في الملف، بحيث ان سكنها في بيروت يؤمن لها الحماية الصحية والاستقرار في ملك لها بمعزل عن ضخامة وفخامة المسكن الذي تسكنه حاليا الذي لا تملكه ما يشكل الضرورة العائلية، ويكون الشرط الثاني للاسترداد متحققاً،
وحيث تبعا لما تقدم يقتضي اقرار حق المالكة المستأنفة المستأنف عليها باسترداد المأجور موضوع النزاع، ورد ما تدلي به المستأجرة المستأنف عليها المستأنفة، وتصديق ما تضمنه الحكم المستأنف لهذه الجهة،
ج – في مقدار التعويض لقاء الاسترداد
وحيث انه نتيجة لاقرار الاسترداد موضوع الدعوى، يقتضي تحديد التعويض المتوجب على المالكة دفعة للمستأجرة، وتطلب المالكةتحيده بمبلغ 18760 د.أ، بينما تطلب المستأجرة الاستعانة بالخبرة مجددا لتحديد قيمة المأجور،
وحيث لهذه الجهة فان القانون 160/92 حدد مقدار التعويض للاسترداد بما بين 25% حتى 50% من قيمة المأجور موضوع النزاع، بينما نص القانون الجديد للايجارات الصادر بتاريخ 8/5/2014 في المادة 32 منه فقرتها أ على ان تعويض الاسترداد للضرورة العائلية يحدد اثناء السنة الاولى من الفترة التمديدية يوازي بدل ايجار اربع سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده، والمادة 20 من القانون الجديد تنص على ان بدل المثل يحدد على اساس نسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور في حالته القائمة فيما لو كان خالياً.
وحيث يقتضي بالتالي على ضوء اختلاف اسس التعويض المشار اليها، تحديد اي من اسس التعويض يتوجب تطبيقها في النزاع الراهن،
وحيث لهذه الجهة، فانه يتبين ان المادة 55 من القانون الجديد للايجارات نصت على انه مع مراعاة المادة 22 من هذا القانون تبقى الدعاوى المقامة قبل اريخ العمل به خاضعة لاحكام القوانين التي اقيمت في ظلها، بينما نصت المادة 32 من القانون المشار اليه في فقرتها «د» على انه تطبق احكام هذا القانون على دعاوى الاسترداد العالقة التي لم يصدر بها قرار مبرم قبل تاريخ نفاذ هذا القانون،
وحيث يتبين للوهلة الاولى وجود ت ناقض بين النصين الآنفي الذكر لجهة تحديد النص الواجب التطبيق، ولكن وفقاً لقواعد التفسير، فانه يتبين ان نص المادة 55 الآنفة الذكر يعتبر نصاً عاماً في النطاق المتعلق بالنزاعات المقامة والمرتبطة بعقود الايجار الممددة قانوناً، بينما نص الفقرة «د» من المادة 32 المذكورة سابقاً تتعلق فقط بالنزاعات المرتبطة بالاسترداد وتعتبر خاصة لهذه الجهة،
وحيث ان قواعد التفسير القانونية توجب تفضيل تطبيق النص الخاص على تطبيق النص العام فيما يتعلق بنطاق النص الخاص، وتبعاً لكون نص المادة 32 فقرتها «د» تعتبر نصاً خاصاً بالنسبة للقانون الجديد فانها واجبة التطبيق على طلبات الاسترداد التي لم تفصل بقرارات مبرمة، مما يتوجب معه تطبيق الاسس المحددة في القانون الجديد للتعويض عند اقرار حق المالك باسترداد المأجور، فضلاً عن المواد 55 و22 و32 من القانون الجديد انما تراعي كل منها مسألة سريان التعويض الجديد على العاوى التي لم تفصل بقرار مبرم،
وحيث انه تطبيقاً لما سبق نصت المادة 22 من القانون الجديد للايجارات الصادر بتاريخ 8/5/2014 على انه عند الاسترداد للضرورة العائلية يدفع المالك للمستأجر تعويضاً يوازي بدل ايجار اربع سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده،
وحيث ان المادة 20 من القانون الانف الذكر تحدد بدل المثل بنسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور في حالته القائمة في ما لو كان خالياً،
وحيث على ضوء عدم توافق المالك والمستأجر واختلافهما حول تحديد قيمة المأجور تمت الاستعانة بالخبرة في المرحلة الابتدائية من النزاع، وحددت قيمة المأجور بنتيجتها بمبلغ /113900/ دولار اميركي، الا ان القاضي المنفرد الناظر في النزاع حدد في الحكم المستأنف قيمة المأجور بمبلغ /167500/ دولار اميركي.
وحيث ان المحكمة وبالنظر لموقع العقار حيث المأجور موضوع النزاع، وبالنظر لمواصفات المأجور وقدمه وحالته ومساحته البالغة 67 متراً مربعاً، ووفق ما هو مشاهد ومتعارف عليه لاسعار العقارات في المنطقة حيث موقع المأجور، ترى الاخذ بما حدده القاضي المنفرد لقيمة المأجور في حكمه، ما يتوجب معه اعتبار ان قيمة المأجور تبلغ 167500 دولار اميركي.
وحيث يكون مقدار بدل مثل المأجور وفق المادة 20 الآنف ذكرها قدره /8375/ دولار اميركي، ويكون التعويض نتيجة الاسترداد موضوع الدعوى مقداره: 8375 د.أ. × 4 = /33500/ دولار اميركي،
وحيث سنداً لما تقدم يقتضي قبول استئناف المالكة جزئياً في الاساس لجهة التعويض المحدد للاسترداد، وفسخ الحكم المستأنف في بنده الثاني، وروية النزاع انتقالاً لهذه الجهة وتحديد التعويض لقاء الاسترداد بمبلغ /33500/ دولار اميركي.
وحيث بوصول المحكمة الى النتاذج المثبتة آنفاً في متن هذا القرار، يقتضي رد سائر ما اثير من اسباب ومطالب، سواء لعدم الفائدة او لكونها لاقت رداً ضمنياً،
لذلك،
تقرر بالاجماع:
1ـ قبول الاستئنافين الاصلي والمضموم شكلاً.
2ـ قبول الاستئناف المقدم من المالكة المستأنفة السيدة اساساً بشكل جزئي، وفسخ الحكم المستأنف في بنده الثاني، ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً لهذه الجهة وتحديد التعويض لقاء الاسترداد بمبلغ /33500/ دولار اميركي او ما يعادله بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع، وتصديق سائر ما تضمنه الحكم المستأنف.
3ـ حفظ حق المستأجرة السيدة بالحصول على المساعدة نتيجة استرداد المالكة للمأجور موضوع النزاع، بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها لها بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع لها عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية.
4ـ رد الاستئاف المضموم المقدم من السيدة اساساً.
5ـ رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
6ـ اعادة التأمين الاستئافي للمستأنفة نظمية سليمان وتضمينها مع المستأنف عليها مناصفة بينهما رسوم ومصاريف استئنافها، وتضمني المستأنفة رسوم ونفقات استئنافها ومصادرة التأمين المودع منها.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2/7/2015.