IMLebanon

تأجير السيارات… المغتربون يعوضون غياب السياح

RentACar3

سلام طرابلسي
أرخت الاحداث الامنية التي شهدها لبنان في السنوات الاخيرة بثقلها بشكل مباشر على القطاعات الاقتصادية والانتاجية كافة، وبات قطاع تأجير السيارات، الذي يعتبر ركناً اساسياً من اركان قطاع السياحة، يعاني كغيره من القطاعات، بعد أن عاش عصراً ذهبياً بين عامي 2000 و2005، نتيجة الاستقرار الامني والسياسي.
ويتخبّط هذا القطاع بين مدّ وجزر، فحتى حزيران من العام 2009، سجّلت نقابة أصحاب وكالات تأجير السيارات 15000 سيارة معدّة للتأجير. اما في حزيران 2013 فتدهور القطاع، لا بل كان على شفير الانهيار بحيث أصبح عدد السيارات المهيئة للايجار 2800 سيارة فقط.
تراجع هذا القطاع بفعل الخضات السياسية والتفجيرات المتنقلة التي عاشها لبنان بواسطة السيارات المفخخة، وارتفعت في موازاة ذلك سرقة السيارات تلبية لهذه المهمّة. كما أسهمت التطورات الاقليمية، تحديدا تداعيات الحرب السورية، بتراجعه.
لكن الوضع عاد وتحسن نوعاً ما في حزيران 2014، حيث توقفت التفجيرات، ما شجّع المغتربين اللبنانيين على زيارة لبنان، ليسدوا بذلك العجز الذي نجم عن حظر قدوم الخليجيين. اما العام 2015 فقد شهد تحسنا ملحوظا وصل الى ما بين 10 -15%. وسجلت النقابة نحو 7000 سيارة للتأجير، إلاّ أن مكاتب التأجير ما زالت تتريث قبل توسعة “أسطول السيارات” لديها خوفا من هزات أمنية جديدة أو أي أمر طارئ قد يحصل. وطالب أصحاب شركات التأجير الدولة بخفض الضرائب والاعفاء من رسوم الميكانيك أو تخفيضها وحل مشكلة مخالفات السير التي يتحملها مالك السيارة، للمساعدة في إنماء هذا القطاع.
وعما يمكن أن تُقدّمه وزارة السياحة لتطوير هذا القطاع وتفعيله يقول وزير السياحة ميشال فرعون في حديث لـ”المدن”، “ممّا لا شكّ فيه أنّ هذا القطاع بات يعتمد، بنسبة كبيرة، على المغتربين اللبنانيّين في ظلّ تراجع عدد السيّاح. كما باتت تقتصر نسبة التشغيل المرتفعة على فصل الصيف ومواسم الأعياد، وهو أمر منطقي جداً في ظل الظروف التي شهدها لبنان، والتي تأثّر بها الوضع الاقتصادي بشكلٍ مباشر. إلا أنّ هذا الأمر له دلالات إيجابية، لجهة قدرة اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، على الإبقاء على حيوية هذا القطاع وتأمين استمراريته، على عكس قطاعاتٍ سياحية أخرى تعاني من تراجع عدد السياح”.
ويضيف فرعون: “وإذا كنّا نتمنى عودة السياح الخليجيين بأعدادٍ كبيرة الى لبنان، إلا أننا ننظر أيضاً بإيجابية الى قدرة اللبنانيين على إنعاش قطاع تأجير السيّارات وتحقيق الشركات لأرباح مقبولة إذا ما قيست بالظروف الحاليّة”.
وحرصاً على متابعة أحوال الشركات المتخصّصة، تعمل الوزارة بحسب فرعون “عبر التواصل مع نقابتهم، لحماية حقوقهم من جهة ولتطوير خدماتهم من جهة أخرى. وأطلقنا منذ تولّينا حقيبة وزارة السياحة، أكثر من خطّة لتفعيل القطاع السياحي، بمختلف مكوّناته، إلا أنّ أحداً لا يمكن أن ينكر أننا نعمل في ظروف أمنية وسياسية صعبة، وقد انعكست الأزمة السوريّة سلباً علينا لجهة التراجع الكبير في عدد السيّاح الوافدين براً، كما ترخي أزمة النفايات الأخيرة بثقلها أيضاً على هذا القطاع”.
نقيب أصحاب وكالات تأجير السيارات السياحية الخصوصية محمد دقدوق يؤكد لـ”المدن” أن “قطاع تأجير السيارات منتج وفاعل، فهو يضم 9000 سيارة و200 شركة تأجير ونحو 2000 موظف وكل هذا يساهم بتنشيط القطاع السياحي. إلاّ أن السياحة ترتكز على أعمدة أساسية وهي الفنادق، تذاكر السياحة والسفر، تأجير السيارات والمطاعم، وإذا اهتز عمود من هذه الأعمدة يختل القطاع السياحي”. ويضيف، “حركة التشغيل تبدأ من 1/1/2015 حتى 30/3/2015، حيث بلغت نسبتها نحو 25%. ومن 1/4/2015 حتى عيد الفطر بلغت النسبة 90% للسيارات الكبيرة و70% للسيارات الصغيرة”. هذه الحركة “نشطت قبل عيد الفطر، وأصبحت نسبة التشغيل حوالي 95% للسيارت الصغيرة و75%– 80% للسيارات الكبيرة، لكن المشكلة أن أسطول شركات تأجير السيارات حوالي 9 آلاف سيارة فقط، في حين أن حاجة السوق في الموسم تتخطى الـ15 الى 20 ألف سيارة”.
دقدوق يشرح أن هناك طلباً “غير طبيعي” على تأجير السيارات، لكن الشركات لا يمكنها شراء سيارات لتغطية شهري عمل أو ثلاثة في السنة فقط، “إذ أننا نشتري السيارة ونخسر من قيمتها 10% TVA و10% تسجيل. هذا يُكبّدنا خسائر سنوية حوالي 15 – 20 %. وإذا أعفتنا منها الدولة ينخفض السعر التأجيري، ويتم تحديث أسطول السيارات بشكل سنوي، ما يساهم في تطوير القطاع”. وبرغم هذا الحال، فإن “شركات تأجير السيارات مستعدة لشراء 20 ألف سيارة الآن، لكن من يضمن تشغيلها في ظل غياب خطة سياحية حقيقية عند الحكومة؟”. وعلى ضوء هذا الواقع، يشير دقدوق الى ان “المغترب اللبناني يحتل الصدارة حاليا في التشغيل بنسبة بلغت 80% من المستأجرين، 2 أو 3% أوروبيين وباقي النسبة للعرب، وهناك نسبة من العراقيين لا بأس بها”. يؤكد أنه “لا غنى عن أي مكون عربي خليجي أو أجنبي”.
الدولة غائبة عن قطاع تأجير السيارات، برغم انه قطاع سياحي نشيط وفعال، اذ لا خطط واضحة لتنميته، ولا تسهيلات لأصحاب المكاتب، ولا حتى للسياح والمغتربين. والتسهيلات تعتبر من أبسط واجبات الدولة، اذا ما تغاضينا عن الحديث حول امكانية وضع مشروع نقل سياحي متكامل، يعود بالفائدة المادية على الدولة مباشرة.