IMLebanon

إنخفاض النفط حاجة إقتصادية عالمية

oil
طوني رزق
ليست الصدف أو قوى السوق المرتبطة بالعرض والطلب هي التي حدَّدت اتجاهات اسعار النفط في الاشهر الماضية. إذ يبدو أنّ هناك إرادة دولية عليا قررت خفض الاسعار لدعم النموّ الاقتصادي العالمي بعد محاولات قوية من خلال السياسات النقدية وضخّ السيولة وخفض أسعار الفائدة وأسعار العملات.
تعدّدت اسباب تراجع اسعار النفط هذا العام ليقارب الاربعين دولاراً اميركيا للبرميل وسط توقعات باستمرار تراجعه حتى دون مستوى العشرين دولاراً. وبحسب الظاهر والمعلن فإنّ تراجع اسعار النفط يأتي مع زيادة المعروض والانتاج النفطي العالمي مقارنة مع تراجع الطلب عليه.

ولتباطؤ الاقتصاد العالمي دور اساسي في تراجع حجم الطلب امام زيادة حجم المعروض في الاسواق العالمية، اضافة الى انطلاق انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الاميركية وتوقع دخول اوسع للنفط الايراني الى الاسواق العالمية بعد استكمال رفع العقوبات الدولية عليها على خلفية الاتفاق النووي. أضف الى كل ذلك رفض منظمة اوبك واكبر مصدر للنفط في العالم خفض انتاجها النفطي حفاظاً وتدعيماً لحصتها في الاسواق العالمية.

لكنّ ثمّة مَن يقول إنّ تراجع اسعار النفط العالمي يعود في الاساس وبشكل رئيس الى ضغوط دولية كبرى لخفض الاسعار في مساهمة ضرورية في إعادة تحريك العملية الاقتصادية في مختلف انحاء العالم ذلك بعد أن اظهر الاقتصاد الدولي تباطؤاً بعد 7 سنوات من الازمة المالية العالمية في العام 2008.

إذ إنّ جدوى السياسات النقدية ومنها التيسير الكمّي في كبريات الدول مثل الولايات المتحدة واليابان واوروبا وغيرها لم تكن بالمستوى المطلوب فكان القرار في خفض اسعار النفط العالمي لتحفيز الحركة الاقتصادية ودعم النموّ الاقتصادي.

وهذا السبب الرئيس وراء التوقعات بالمزيد من تراجع اسعار النفط خصوصاً بعدما اظهر الاقتصاد في الصين تراجعاً متواصلاً في النموّ الاقتصادي وما زال. ويُعتبر الاقتصاد الصيني ثاني اكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية وهو مرشح ليكون اكبر مستورد للنفط في العالم بعد بضع سنوات. كما أنّ لتراجع اسعار النفط في العالم أثره الواضح في اعادة توزيع الثروات العالمية لصالح الدول المستوردة للنفط على حساب الدول المنتجة.

ومع استمرار تحذيرات صندوق النقد الدولي من ضعف نموّ الاقتصاد العالمي ومطالبته بتأجيل أيّ رفع لاسعار الفائدة الاميركية يبدو أنّ الخطة الدولية المتفَق عليها وراء الكواليس تبقى في إبقاء اسعار النفط منخفضة ودفعها للتراجع اكثر اذا لم يبدِ الاقتصاد العالمي أيّ اشارات الى التحسّن بما
فيه الكفاية.