IMLebanon

موقع ثان لمطمر البقاع.. تعميق للأزمة لا إنهائها

waste
حنان حمدان

يبدو أن لغة التشاور والإقناع التي إعتمدتها اللجنة الفنية الموكلة إيجاد حلول لأزمة النفايات، لم تسفر عن حل توافقي لأزمة النفايات حتى اليوم. فبعد مرور قرابة الشهر على إطلاق “خطة (الوزير أكرم) شهيب”، طرأ تبدلاً ملحوظاً في كيفية طرح الأمور ومعالجتها. وهذا ما بدا جلياً، من خلال التصاريح الإعلامية التي أطلقها رئيس الوزير شهيب في الآونة الأخيرة، إذ جرى التلميح مراراً، إلى أنه في حال عجزت اللجنة من خلال مشاوراتها عن التوصل الى حلول توافقية مع المعترضين، فإنها سترمي الكرة في ملعب مجلس الوزراء، الذي سيكون مضطراً لاتخاذ القرار المناسب، إن لناحية تنفيذ الخطة بالقوة أو طرح بدائل يمكنها أن تكون غير مقبولة بيئياً.

فبعد أن شكلت المطامر سبباً أساسياً في تبلور المواقف الرافضة لتنفيذ الخطة المطروحة، أعلن شهيب بعد إنتهاء الإجتماع المخصص للبحث في ملف النفايات، والذي ترأسه رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي، اليوم الثلاثاء، أنه “تم تحديد موقع ثان لإقامة مطمر في البقاع عند السلسلة الشرقية”، وقال: “لن يتم الكشف عن هذا الموقع قبل أن يصبح جاهزاً لنقل النفايات إليه، لتفادي ردات فعل المعترضين الخنفشارية”. ما يعني أن الموقع سيبقى مجهولاً، إلى حين نقل النفايات إليه لكي لا يسمح بتسجيل مواقف معارضة له، كما حصل مع الموقع الذي تم تحديده سابقاً. ولكن هل هذا يعني أنه سيتم نقل النفايات إليه بغض النظر عن قبول أو رفض أهالي المنطقة هناك؟ لاسيما أن الإعتراضات التي سجلها الأهالي قبلاً، إنطلقت من مخاوف بيئية بسبب إمكانية وصول عصارة النفايات التي يتم طمرها الى المياه الجوفية، ما يتسبب في تلوث المياه في المنطقة. فهل عدم الإعلان عن الموقع الجديد، يجعله موقعاً سليماً بيئياً؟ وهذا يثير التساؤلات حول الآلية التي اتبعت في تحديد الموقع الجديد اليوم، فهل إنطلقت من معايير بيئية لتفادي تلوث المياه الجوفية هناك، أم بنيت على أسس مذهبية– مناطقية، على قاعدة التوازن الطائفي المناطقي المعمول بها في مختلف الأمور الحياتية في لبنان؟

جميع تلك الأسئلة تبقى بلا أجوبة واضحة إلى حين الإعلان عن الموقع الجديد لمعرفة ما إذا كان يتمتع بالمواصفات البيئية السليمة. إلا أن “عدم الإعلان عن الموقع الجديد بحد ذاته، يشكل إثباتاً على عدم إختيار المكان السليم بيئياً، أو وجود شكوك حول توافر الشروط المطلوبة بيئياً فيه”، وفق ما رآه الخبير البيئي ناجي قديح في حديث لـ”المدن”، مطالباً بـ”إعتماد الشفافية المطلقة في التعاطي مع ملف النفايات”، ومتسائلاً: هل يصبح الموقع سليماً بيئياً إذا تم التعتيم عليه؟ وهل يكون الحل في إرتجال إختيار المواقع من دون الإستناد إلى أي دراسات بيئية؟”.

من ناحية أخرى، فإن ما جاء على لسان شهيب، يثبت أن اللجنة قد إستنفذت مختلف أساليب الإقناع لتذليل العقبات أمام تنفيذ خطتها، لاسيما المشاورات التي اعتبرتها اللجنة مفتاحاً أساسياً لحل أزمة النفايات الراهنة. فرغم إجماع مختلف اللبنانيين على ضرورة إزالة النفايات المتراكمة في الشوارع والمكبات العشوائية وضفاف الأنهر، إلا أن المواقف التي تم تسجيلها حيال الخطة، لاسيما في مرحلتها الإنتقالية، لا تزال تتأرجح بين مواقف ثلاثة: مواقف مفاوضة تسعى لإدخال بعض التعديلات على الخطة، ومواقف معارضة لتنفيذها بسبب رفض المطامر، ومواقف أخرى مؤيدة لتنفيذ الخطة، بعد أن وجدتها “أفضل الحلول الممكنة” في الوقت الراهن.

وفي قراءة مختصرة، لما آلت إليه المشاورات حول المطامر المقترحة، نجد إن بند إعادة فتح “مطمر الناعمة” لسبعة أيام، لا يزال يواجه إعتراضاً من قبل “حملة إقفال مطمر الناعمة”، في حين لم يحسم “حزب الطاشناق” أمره بالنسبة إلى مكب برج حمود، أما في سرار– عكار فإن العمل جارٍ على تجهيز المطمر لكي يتم نقل النفايات إليه، وفق ما أكده شهيب، الذي أعلن إثر إنتهاء الإجتماع اليوم، أن “هناك مرسوماً تم التوقيع عليه، وآخر حاضر، يتعلقان بأموال البلديات”.