IMLebanon

جدولة ديون المؤسسات المتعثّرة يعكس خطورة الوضع الإقتصادي

Debt2
رنا سعرتي
تتّبع المؤسسات في القطاعات الاقتصادية كافة في لبنان، طريقة الدولة اللبنانية في إدارة الدين من خلال استبدال الديون، اي إعادة جدولتها عند كلّ تاريخ استحقاق، وبالتالي زيادة حجم الدين العام والخاص، وإغراق المؤسسات في ديون ستُبقيها رهينة للمصارف، في بلدٍ تنظر المؤسسات الدولية الى مستقبله، بسلبية وتشاؤم.
بعدما أنهكت الأزمة السورية وما رافقها من اضطرابات إقليمية ومحليّة، قطاعات لبنان الاقتصادية، من سياحة، الى صناعة وتجارة، لم تعد المؤسسات قادرة على تحمّل المزيد من التراجع باضطراد منذ العام 2011، من دون أي بصيص أمل في مستقبلٍ مشرق قد ينتشلها من محنتها.

وبما أن القطاع المصرفي، كان وما زال رافعة الاقتصاد اللبناني، عمد مصرف لبنان مؤخرا الى إصدار تعميم يجيز للمصارف إعادة هيكلة ديون المؤسسات المتعثرة، وذلك منعاً لإفلاسها الذي سيبعث حتماً بمزيد من الرسائل السلبية الى مؤسسات التصنيف الدولية التي عدّلت أصلاً نظرتها المستقبلية للبنان من «مستقرّة» الى «سلبيّة».

وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً متعلّقاً «بإعادة هيكلة الديون» (تعميم أساسي رقم 135 للمصارف والمؤسسات المالية)، يعتَبر فيه الديون المصنفة ضمن الفئات التالية: للمتابعة والتسوية، دون العادي، مشكوك في تحصيلها، ديوناً قابلة لإعادة الهيكلة.

وتستثنى من القروض المشار إليها القروض الخاضعة للمادة 152 من قانون النقد والتسليف والقروض التي تستفيد من دعم الدولة للفوائد المدينة والقروض غير المنتجة (الديون دون العادية، الديون المشكوك في تحصيلها والديون الرديئة) المعطاة بموجب القرض الميسّر الذي يمنحه مصرف لبنان للمصرف الدامج.

ويمكّن التعميم، المصارف والمؤسسـات المالية، وفقا لحصة كلّ منها، اعــادة الهيكلة، حسم 50% من السندات لأجل المنظمة وفقـا لأحكـام المادة 162مـن قـانون النقد والتسليف والتي تمثل السلفات في حسابات القـروض المعـاد هيكلتهـا مباشــرة لدى مصرف لبنان مع حق الرجوع وبفائدة يحددها مصرف لبنان وذلك وفقا لشروط منها:

– عدم تجاوز مدة تسديد الديون المعاد هيكلتها، سبع سنوات وعلى أن تكون الأقساط فصلية أو نصف سنوية.

– إظهار المصارف والمؤسسات المالية المعنية، مدى تأثير اعادة الهيكلة على تسديد المديونية وعلى استمرارية المؤسسة ومدى الدور الذي تقوم به المصارف والمؤسسات المالية المعنية في دعم واستمرار المؤسسة وحسن ادارتها.

– يجـب ألاّ تتعدّى الفائدة والمصاريف والعمولات من أي نوع كانت المحتســبة على المبالغ المعاد هيكلتها معدل فائدة الحسم التي يطبقها مصرف لبنان على طلب اعادة الهيكلة.

– تسـتحق جميع السـندات المحسومة لدى مصرف لبنان والتي تمثل قيمة قروض المدين المعاد جدولتها في حال تخلف المدين عن تسديد قسـطين متتاليين، على أن يقـوم المصرف أو المؤسسـة الماليـة بـإبلاغ مصـرف لبنـان ولجنة الرقابة على المصارف بذلك فوراً.

بكداش

من أبرز القطاعات الاقتصادية المتضررة جراء تدهور الاوضاع المحلية والاقليمية، قطاع الصناعة،حيث أكد نائب رئيس جميعة الصناعيين زياد بكداش لـ«الجمهورية» وجود نسبة مهمّة من المؤسسات الصناعية المتعثرة.

وشرح أن العام 2015، شهد تراجعاً ملموساً نسبة الى العام السابق، على صعيد السوق المحلي، كما على صعيد التصدير، الذي زادت كلفته بنسب كبيرة بسبب تعثّر التصدير براً نتيجة اغلاق المعابر الحدودية.

واوضح ان الصناعيين يتكبدون أعباء اضافية عن كلفة الشحن البحري، جراء بقاء البضائع في مرافق السعودية لمدة 3 اسابيع، مما يرتّب عليها مبالغ تترواح بين 2 و 6 آلاف دولار للحاوية الواحدة. واشار الى ان هذه الاعباء والمصاريف، تقلّص أرباح الصناعيين، «لا بل تعرّض بعضهم الى خسائر في طلباتهم الى السعودية».

كما لفت بكداش الى ان الصناعيين خسروا أيضا السوق الأوروبية والافريقية بسبب تراجع اليورو، وبالتالي، عدم منافسة البضائع اللبنانية المصنّعين الاوروبيين.

وفي النتيجة، اصبحت مصاريف الصناعيين اللبنانيين أكبر من مداخيلهم، في ظل تراجع المبيعات والارباح، مما أدّى الى تعثر العديد منهم وتخلّفهم عن تسديد أقساطهم المصرفية.

واعتبر ان تعميم مصرف لبنان سيريح المؤسسات الصناعية المتعثرة اذ سيمدّد أجل ديونها 7 سنوات بفوائد مدعومة، ولكن تساءل حول ضمانة تحسّن الوضع الاقتصادي في العام المقبل والسنوات القادمة، داعياً الى الحذر والدقة في هذا الموضوع.

ورأى بكداش انه على المصانع اليوم، العمل على تقليص كلفة التشغيل، من ناحية خفض ميزانية الاعلان والتسويق، وتسريح عدد من العمال، كحلّ وحيد الى حين تحسّن الظروف المحلية والاقليمية، وإعادة فتح الحدود البرية.

وقدّر بكداش نسبة تراجع الأعمال في القطاع الصناعي، بـ 15 الى 20 % على صعيد الاستهلاك المحلي، و15 % أيضا على صعيد التصدير. مشيرا الى ان القطاع الصناعي هو ثاني أكبر متضرر اليوم بعد القطاع السياحي.