IMLebanon

«زيكا» يحبس أنفاس قطاعي الطيران والسياحة

 Zika-Brazil
سامانثا بيرسون وأوليفر رالف

بالنسبة لباولو جيرا، المدير الإداري لمختبر أوسلر في البرازيل، 28 تشرين الثاني (نوفمبر) كان يوما لن ينسى أبدا.

حينها أكدت وزارة الصحة في البرازيل للمرة الأولى وجود صلة بين فيروس زيكا الذي ينتقل عن طريق البعوض، وبين تشوهات الدماغ في الأطفال، الأمر الذي سبب ذعرا بين الأمهات الحوامل وأدخل الشركة الفرنسية غير المعروفة، التي تنتج مواد طاردة للحشرات، في مركز أزمة صحية دولية.

يقول جيرا: “كنا من قبل في المكتب ننتظر الإعلان وبعد ذلك بدأت جميع الهواتف بالرنين”.

أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية يوم الإثنين الماضي، بعد الإبلاغ عن ارتفاع حالات مواليد برأس صغير في البرازيل أكثر من 20 ضعفا في غضون أربعة أشهر. وفي حين أن العلماء لا يزالون يحاولون فهم الفيروس، إلا أن الشركات، بدءا من مجموعات الأدوية إلى مشغلي الرحلات البحرية، بدأت للتو بفهم تأثير الوباء على أعمالها.

بسبب رائحته الكريهة وثمنه الباهظ، لم يكن “إكسبوزيس” – طارد الحشرات الذي ينتجه مختبر أوسلر – شائعا أبدا في البرازيل، البلد الأكثر تضررا من تفشي فيروس زيكا. وهذا كان الحال حتى بعد أن أوصى الأطباء بأنه أفضل دفاع ضد الفيروس، فضلا عن أمراض استوائية أخرى مثل حمى الضنك وشيكونجونيا. إنه طارد الحشرات الوحيد الموجود في السوق الاستهلاكية في البرازيل، الذي يحتوي على مادة إيكاردين، المكون الفعال الذي تنتجه “لانكسيس”، مجموعة المواد الكيماوية التي انفصلت عن مجموعة باير.

لكن بالنسبة للشركات الأخرى، موجة تفشي الفيروس كان لها تأثير معاكس، لإخافتها الزبائن في وقت تتعرض فيه الإيرادات للضغط بسبب التباطؤ. ولأن عملات أمريكا اللاتينية في أدنى مستوياتها مقابل الدولار، كان قطاع السياحة في المنطقة يستعد لاستقبال الزوار الأجانب. وبالنسبة للبرازيل كان من المتوقع أن يكون عام 2016 واحدا من أفضل الأعوام على الإطلاق ـ مع قرعة دورة الألعاب الأولمبية التي ستجري في ريو دي جانيرو.

لكن في الوقت الذي تحذر فيه الحكومات النساء الحوامل من السفر إلى البلدان الـ 20 المتأثرة بالفيروس، تتزايد المخاوف بشأن تأثيره.

بعد بيان أصدرته منظمة الصحة العالمية يوم الخميس من الأسبوع الماضي عن “الانتشار الهائل” للفيروس، انخفضت الأسهم في شركات الطيران الدولية، مثل “يونايتد كونتيننتال” و”دلتا” بنسبة تزيد على 3 في المائة. كذلك تضررت شركة رويال كاريبيان وغيرها من مشغلي الرحلات البحرية. وفي الأسبوع الماضي وجدت دراسة أجرتها شركة إدارة مخاطر السفر “أون كول إنترناشونال” أن نحو 64 في المائة من الأمريكيين سيلغون سفرهم إلى البلدان المتأثرة بفيروس زيكا. ومن المرجح أن يرتفع الرقم بعد أن أعلنت “المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض” يوم الأربعاء عن إصابة مؤكدة بفيروس زيكا في دالاس، مبينة أن الفيروس انتقل إلى المريض المصاب عن طريق الاتصال الجنسي.

لكن مع انطلاق احتفالات كرنفال ريو السنوي في البرازيل يوم السبت الماضي، ليس هناك دليل يذكر حتى الآن على أن السياح يبتعدون. ونحو نصف مليون أجنبي يحضرون الكرنفال كل عام. وفي ريسيفي، المدينة الساحلية الواقعة شمال شرقي البلاد، التي ابتليت بهجمات القرش والآن تجد نفسها في مركز موجة فيروس زيكا، فإن الفنادق لم تتأثر نسبيا.

يقول كاميلو سيموس، وزير السياحة في ريسيفي: “إن مستويات الإشغال في الفنادق تبلغ 90 في المائة، وهي النسبة نفسها التي كانت خلال الكرنفال الماضي”.

شركات الطيران العالمية، والعديد منها تعرض إعادة قيمة التذاكر إلى النساء الحوامل، تقول إنها تعاني أيضا القليل من تداعيات الفيروس حتى الآن.

من بين شركات الطيران الكبرى في الولايات المتحدة، لم تتحدث “يونايتد” ولا “دلتا” عن أي تهديد من فيروس زيكا في آخر إعلان عن أرباحها. “أمريكان إيرلاينز” التي تعتمد أكثر على رحلات أمريكا اللاتينية، قالت “من السابق لأوانه قليلا” معرفة ما إذا كان هناك أي تأثير، مضيفة أن من الصعب عزل أي تأثير لفيروس زيكا عن الأزمات الاقتصادية في المنطقة.

يقول سكوت كيربي، رئيس “أمريكان إيرلاينز”: “نحن بالتأكيد لا نستطيع رؤية أي شيء في بياناتنا حتى الآن”. ويشير إلى أن الإيرادات لكل ميل مقعد متاح إلى ومن البرازيل كانت قد انخفضت بنسبة 40 في المائة بالمعدل السنوي حتى قبل تفشي الفيروس.

في قطاع السيارات، أصبحت شركة تاتا الهندية واحدة من أكبر الضحايا غير المتوقعين للفيروس. فبعد ترويج سيارتها “زيكا هاتشباك”، اضطرت إلى تغيير اسم السيارة يوم الثلاثاء “تعاطفا” مع أمريكا اللاتينية.

في المقابل، مختبر أوسلر واحد من عدد قليل من المستفيدين بشكل واضح. ففي كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير)، باع من منتج إكسبوس 28 ضعف ما باعه في الفترة نفسها من العام الماضي. ونفدت الإمدادات من الصيدليات في أنحاء البرازيل كافة.

وفي حين أن مختبر أوسلر يكافح لتجديد المخزونات، تتسابق مجموعات فرنسية زميلة للعمل على لقاح. وأصبحت “سانوفي” يوم الثلاثاء أول شركة لصناعة الأدوية تعلن عن خطة لصناعة لقاح، تلتها شركة فالنيفا التي يوجد مقرها في ليون، إلى جانب شركات أخرى.

لكن بالنسبة لجيرا، فإن تأثير فيروس زيكا على أعمال أوسلر سيعتمد إلى حد كبير على الفيروس. يقول: “الأمر يبدو تماما مثل بداية وباء الإيدز عندما اعتقد الجميع أن المثليين فقط كانوا في خطر. ما نعرفه عن فيروس زيكا يكاد ألا يذكر”.

وتحتل إنفلونزا الطيور، وسارز، وإيبولا، والآن زيكا مواقع على جدول الأعمال بالنسبة لشركات التأمين في الوقت الذي تجري فيه مسحا للمخاطر العالمية.

هذه الشركات تعتبر أن احتمال التعرض لزيكا يقتصر على عدد قليل من المناطق. سياسات السفر والتأمين الصحي، وسياسات إلغاء المناسبات، بما في ذلك إلغاء دورة الألعاب الاولمبية، وربما حتى سياسات الإهمال الطبي، يمكن أن تستخدم جميعا نتيجة لتفشي فيروس زيكا.

وترتفع مخاطر التأمين في الوقت الذي ينتشر فيه الفيروس. وفي أمريكا اللاتينية يعتبر معدل انتشار التأمين بين الناس منخفضا نسبيا. لكن هذه ليست هي الحال في الولايات المتحدة، حيث كثير من الناس لديهم تأمين على نطاق أوسع.