لفتت الوكالة “المركزية” إلى أنّه مواكبة للهدنة التي تعيشها سوريا منذ نحو 10 أيام والتي سمحت باعادة اطلاق عجلة مفاوضات جنيف في مشاركة النظام والمعارضة في 10 آذار الجاري، بما يدل الى أن التسوية التي تعمل عليها الولايات المتحدة وروسيا لحل النزاع السوري عادت فعلا الى السكة، تتكثف الجهود لتبريد الاجواء المحتقنة في الاقليم بما يساعد في تدعيم قواعد الحل المرتقب وتوسيع رقعة التفاهمات حول الازمات في المنطقة وأبرزها في اليمن والعراق. ففي موازاة المسعى الكويتي لترتيب لقاء بين وزيري خارجية السعودية وايران عادل الجبير ومحمد جواد ظريف في أعقاب القمة الاسلامية التي استضافتها جاكرتا في الساعات الماضية، برز مسعى عربي آخر لجمع وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السعودي خلال قمة وزراء الخارجية العرب التي تعقد في مصر الخميس، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية “المركزية”، علّ اللقاء يشكل مناسبة لترطيب الاجواء بين الطرفين، فيشرح باسيل خلفيات مواقفه في المنتديات العربية ابان التعدي على السفارة السعودية في طهران، كما يوضح لنظيره السعودي عن كثب ما تضمنه البيان التوضيحي الذي صدر عن الحكومة اللبنانية اثر القرار السعودي بوقف هبة المليارات الاربعة للجيش والقوى الامنية، مؤكدا حرص لبنان على علاقاته المميزة مع محيطه العربي ويشدد له على ان موقف أحد الفرقاء اللبنانيين من المملكة لا يلزم أبدا الحكومة اللبنانية. والهدف الاساس من اللقاء، حسب المصادر، يكمن في تنفيس الاحتدام الذي تمرّ به العلاقات اللبنانية ـ السعودية واللبنانية ـ الخليجية، ووضع أطر للخلاف الحاصل، فيبقى محصورا في تشدد المملكة ازاء “حزب الله” من دون ان ينسحب هذا التصلب على الدولة اللبنانية.
وليس بعيداً، تعتبر مصادر وزارية عبر “المركزية” أن خروج “حزب الله” عن مندرجات “إعلان بعبدا” وضعه في موقع المستهدف من الداخل اللبناني كما من خارجه، فبات في نظر دول مجلس التعاون الخليجي كما معظم الدول العربية منظمة ارهابية، مضيفة “حبّذا لو دعم “الحزب” الاعلان ولو بالموقف، لكان وفّر عليه بعضا من الاحراج والانتقاد، لكنّه لم يكتف فقط بالانغماس في المعارك الدائرة في الاقليم، بل انتقد الاعلان ومندرجاته علنا منذ اللحظة الاولى داعيا من وضعوه الى “شرب مياهه”. وترى المصادر ان الديموقراطية التوافقية التي يتغنى بها لبنان لا يمكن ان تنجح اذا استمرّ بعض اطراف الداخل يربطون قرارهم بدول اقليمية، ويقدّمون مصلحة الخارج على المصلحة الوطنية، ذلك ان نجاح هذه الديموقراطية يتطلب حدّا أدنى من الوطنية والانتماء اللبناني”. واذ ترى ان لبنان سيستمر في التخبط في أزماته اذا لم يعد الى ميثاق العام 1943 حيث رفض اللبنانيون مشاريع الوصاية الخارجية عليهم، خاصة ان صراع المحاور مستعر اليوم في المنطقة ويكاد يطيح لبنان، تشير المصادر الى ان لا بد من العودة الى ميثاق الشرف الاعلامي الذي اقترحه الوزير السابق غسان تويني في أول جلسة حوار عقدت في بعبدا في 16 أيلول 2008، والذي ينطلق من المسلمات والثوابت الوطنية ويدعو الى الابتعاد عن مظاهر الاستفزاز السياسي والى تهدئة الخطابات ويحث على وقف الحملات التحريضية والتخوينية، معتبرة ان هذا الميثاق قد يشكّل خطوة أولى على طريق ارساء مناخات ايجابية تساهم في معالجة مشاكل لبنان الداخلية من جهة، والخارجية من جهة أخرى، وأهمّها توتّر علاقاته مع الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.