IMLebanon

مسلخ بيروت: “هنغار نفايات” إلى العمل في أيام العيد!

 

maslakh-beirut

 

 

كتب أدهم جابر في صحيفة “السفير”:

بعد 22 شهراً على إقفال «مسلخ بيروت» لعدم استيفائه الشروط الصحية، قرر محافظ بيروت القاضي زياد شبيب إعادة فتحه هذا العام.. والمناسبة: عيد الأضحى.

توجه شبيب بكتاب إلى مصلحة المسالخ في البلدية طالبا إليها «إعداد ما يلزم لفتح المسلخ موقتا لمدة أربعة أيام اعتبارا من يوم الاثنين المقبل، إضافة إلى يوم الأحد للإجراءات التحضيرية».

القرار الذي مُرِّر على مرحلتين، وفي جلستين (الثلاثاء والأربعاء) للمجلس البلدي لمدينة بيروت، أثار الاعتراضات من قبل أعضاء في المجلس نفسه، حول «كيفية فتح المسلخ بمواصفاته الراهنة وعدم استيفائه الشروط الصحية، وحول مبلغ الأربعين مليون ليرة الذي خصص لأعمال النظافة لأربعة أيام فقط.

يروي أحد أعضاء المجلس البلدي المعترضين أن مؤيدي فتح المسلخ لم يتمكنوا من تمرير القرار في جلسة الثلاثاء لعدم اكتمال النصاب، فعملوا على استقدام أحد الأعضاء إلى الجلسة (بلال المصري الذي كانت متغيبا) التي كانت في مرحلة التصويت، لكن عندما رأى رئيس البلدية جمال عيتاني أن الموضوع قد يثير حالة من «البلبلة» قرر تأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء «فتمكنوا من الوصول إلى مرادهم ونال القرار 13 صوتا في مقابل 10 معترضين.

يفيد محضر جلسة المجلس أن القرار نص على «إعطاء سلفة مالية بقيمة 20 مليون ليرة لبنانية لأحد الموظفين تمثل كلفة نقل مخلفات بقايا ذبحيات المسلخ الناتجة خلال أيام عيد الأضحى المبارك إلى مصنع نفايات صيدا I.B.C وذلك بعد الاتفاق الشفهي مع I.B.C على استقبال النفايات من دون مقابل في فترة عيد الأضحى فقط». كذلك «إعطاء سلفة مالية بقيمة 20 مليون ليرة لأحد الموظفين لتأمين عمال لزوم القيام بالأعمال المطلوبة خلال أيام العيد». كما ورد في المحضر انه «بعد الاطلاع على كتاب مدير مصلحة المسالخ بالتكليف المحال إلينا من قبل محافظ مدينة بيروت، تقرر بالأكثرية الموافقة على إعطاء السلفتين المذكورتين والطلب من الإدارات المعنية الالتزام بكل الشروط الصحية والسلامة العامة للذبحيات والتأكيد على إعادة إقفال المسلخ بعد انتهاء الأربعة أيام لاستكمال كل الأعمال الفنية المطلوبة لتجهيزه وفق المعايير

المشار إليها في قرارات المجلس البلدي السابقة بهذا الخصوص والوزارات المعنية والمتعلقة بالمواصفات التي يجب أن تتطابق مع المسالخ الحديثة».

مسألة افتتاح المسلخ موقتا «لا يمكن تبريرها تحت أي خانة»، لأنه لا ينسجم مع القرار البلدي رقم 53/2016 الصادر في 18/2/2016، والمؤكد بالقرار رقم 116/2016 والقاضي بالطلب إلى الإدارة المختصة (مصلحة المسالخ) التنسيق مع الوزارات المعنية لتفقد الأعمال المنفذة في الهنغار المتواجد في منطقة الكرنتينا والتأكد من أنه بوضعه الحالي أصبح مطابقا لمواصفات المسالخ الحديثة، وتقديم تقرير بذلك إلى المجلس البلدي بهدف اتخاذ القرار المناسب، مع التأكيد على استمرارية أعمال وقرارات المجالس البلدية المتعاقبة. لكن بعد مرور ستة أشهر على القرار، لم يرد أي تقرير في هذا الخصوص، علما أن التقرير العلمي الوحيد الصادر حتى اليوم هو التقرير الصادر بتاريخ 20/8/2016 من قبل الجامعة الأميركية في بيروت التي أجرت الفحوص المخبرية لدراسة الأثر البيئي والذي أقر بوجود جراثيم خطيرة وقاتلة. كذلك لم يلق طلب وزارة الزراعة، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية في 27/2/2015، من ثلاثة خبراء دوليين تقييم وضع الهنغار وتقديم المشورة الفنية في هذا الخصوص، إلا أنه لم يرد أي تقرير أيضا ردا على الطلب.

وعلى هذا الأساس، علل المعترضون رفضهم، إضافة إلى رفضهم لمبدأ السلفتين « بسبب موقع المسلخ الموجود في بيئة غير صحية وغير صالحة نهائياً لأعمال الذبح، وعدم مطابقته للمواصفات الفنية والبيئية والصحية وأدنى معايير السلامة العامة، وعدم تنفيذ كل البنود الواردة في كتاب مدير مصلحة المسالخ بالتكليف لغاية تاريخه وعدم ورود التقارير الإيجابية التي تجيز فتح المسلخ من وزارات الصحة والزراعة والبيئة».

يؤكد عضو المجلس البلدي المحامي راغب حداد لـ «السفير» أن «الهنغار بوضعه الحالي لا يمكن أن يكون مسلخا حتى ولو بصورة موقتة»، مشددا على «أن الهنغار غير مطابق للمواصفات الصحية وشروط السلامة، ولأنه موجود في مكان ترمى فيه عشرات الأطنان من النفايات يوميا، ما يجعله مرتعا للذباب والحشرات السامة». ويتساءل: «كيف يمكن لمسلخ سيعمل على تأمين الذبائح للاستهلاك في ظل مثل هذه الظروف؟».

في المقابل، يوضح عضو المجلس البلدي مغير سنجابة، الذي أيد المشروع، لـ «السفير» أن «ظروف المسلخ الصحية أفضل من ظروف صبرا على سبيل المثال»، مشيرا إلى أن هناك نحو «30 ألف رأس غنم للذبح في العيد وكنا أمام خيار إما أن تذبح في الشوارع أو في المسلخ تحت رقابة البلدية». ويشدد سنجابة على أن «المسلخ أصبح جاهزا للعمل مع بعض النواقص التي سنعمل عليها لاحقا. وأننا لا نريد إقفال المسلخ بسبب بعض الأمور».

ويرفض سنجابة اعتبار الموضوع طائفيا، موضحا «ان القرار كان من محافظ بيروت، وقد طلب إلينا العمل على تأمين المال اللازم للعمل ونقل النفايات إلى الجنوب وهذا ما حدث».

لكن ما قاله سنجابة لا ينفي أن بعض المؤيدين لفتح المسلخ حاولوا أن يلبسوا الموضوع عباءة طائفية، وبأن الاعتراض موجه ضد المسلمين في عيدهم. وذلك ما يرفضه حداد، مشددا على أن «الاعتراض ليس ضد طائفة معينة، بل من منطلق علمي بحت، لكن المؤسف أن الطرف الآخر حاول التلطي بالعيد لتمرير مشاريع هي أبعد بكثير من الافتتاح الموقت، لان هذه العملية قد تفتح باب المطالبات بفتح المسلخ في شكل دائم».

ويبقى السؤال الأبرز موجها إلى وزارة الصحة العامة، وموقفها من إعادة فتح مسلخ في ظل ظروفه الراهنة، من دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية صحة المواطنين وسلامتهم؟