IMLebanon

هل تعود “الأيام الخوالي” بين لبنان والسعودية؟

 

 

 

كتبت ربى منذر في صحيفة “الجمهورية”:

لم يكن لشباط وقع إيجابي على الجيش والقوى الأمنية، فيومها دفعا ثمن ما اعتبرته المملكة العربية السعودية مواقف لبنانية مناهِضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظلّ ما وصفته بـ«مصادرة «حزب الله» إرادة الدولة»، فأوقفت مكرمة المليارات الثلاثة من الدولارات لشراء السلاح. أما اليوم فآمالٌ كبيرة يعلّقها المراقبون على زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للرياض، علّها تُعيد «الأيامَ الخوالي» والمياهَ الى مجاريها بين البلدين، فإلامَ تشير المعلومات في هذا السياق؟جاء إعلان القصر الجمهوري عن زيارة عون للسعودية وقطر في أولى رحلاته الخارجية، لينعش الآمال في أن تعيد هذه الزيارة «الدفء» بين بيروت والعواصم الخليجية بعد برودة طويلة.

وفيما المتوقع أن تكون لهذه الزيارة، تداعيات مهمة على الصعيدَين السياسي والإقتصادي في ظلّ جدول أعمالها المضغوط، فإنها ستعيد العلاقات الجيدة بين لبنان ودول الخليج في اعتبار أنّ المملكة تشكل مفتاحَ هذا الملف، وكذلك مفتاح عودة السياح والاستثمارات الى لبنان كما يأمل الإقتصاديون.

وكذلك ستكون لهذه الزيارة أهميتها على الصعيد العسكري، خصوصاً في ظلّ الحديث عن اتجاهٍ لإعلان السعودية تراجعها عن تعليق المكرمة الخاصة بالجيش والقوى الأمنية اللبنانية.

في هذا المجال، تقول المعلومات إنّ موعد زيارة عون حُدِّد بعد توصّل المفاوضات الفرنسية ـ السعودية الى شبه حلّ في هذه المكرمة بما أنّ فرنسا تُعتبر من أوّل المستفيدين منها، إذ إنها ستكون مصدر التسليح بموجب إتفاق ثلاثي سابق مُبرم بين فرنسا والسعودية ولبنان.

وبحسب الخطوط العريضة للإتفاق، توصّل الفرنسيون مع السعوديين الى تجزئة هذه المكرمة، ليراعوا من خلالها الهواجس السعودية، ويقدموا الحاجات اللبنانية، وتكون صفقة السلاح مؤمّنة على دفعات تشكّل مجتمعةً الصفقةَ الكبرى، حيث ستُقَدَّم في كلّ مرحلة من المراحل لوائح معيّنة يتمّ تأمينها ويُدفع ثمنها، وبالتالي تكون السعودية عالجت هواجسها واطمأنت الى أنّ «حزب الله» أو أيّ طرف ضدها في السياسة الداخلية اللبنانية لن يكون الوجهة التي ذهب إليها السلاح، خصوصاً مع اعتبارها أنها أعادت التوازن الى الساحة اللبنانية من خلال رئيس الجمهورية ودعمها للحكومة برئاسة سعد الحريري.

وعُلم في هذا المجال أنّ الدفعة الأُولى ستبلغ 300 مليون دولار ستُموّل فيها طائرات «سوبر توكانو» ومجموعة جديدة حُضّرت منذ نحو سنتين

وباتت تحتاج الى تعديل لتتماشى مع حاجات اليوم، مع الإشارة الى أنّ الجهات السعودية تقدّر تعاون الأجهزة الأمنية مع السلطات السعودية على صعيد كشف إرهابيين من «داعش» كانوا ينوون استهداف المملكة، والسفارة في لبنان وفي مجال مكافحة تهريب المخدرات و»الكبتاغون» الى السعودية، وهو ما رآه الطرف السعودي مساعداً لتسهيل إنجاز هذه الصفقة.

اللافت أنّ تحديد عون موعد رحلته الخليجية جاء عشية وصول رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علاء الدين بروجردي الى بيروت، والذي على غير عادة لم يتطرق الى موضوع تسليح الجيش أو تقديم هبة إيرانية من السلاح له.

ويُقال إنّ سبب ذلك مبادرة قد يطرحها عون في السعودية للتقريب بين طهران والرياض، وإنّ إيران تسعى الى تقديم ورقة حسن نية ولعدم عرقلة هذه الزيارة، كما أنّ «حزب الله» بدوره أبدى ليونة تجاهها نتيجة ظروف معيّنة، إضافة الى رغبة الطرفين في فتح خط مع السعودية يريح العهد بعدما أخذا ما يطمئنهما داخلياً من خلال «خطاب القسم» ثمّ من خلال البيان الوزاري، حيث لم يُذكر موضوع وجود الحزب في سوريا أو الاستراتيجية الدفاعية وسلاحه.

صفقةُ سلاح روسي

من جهة أخرى، صدر كلام عن قريبين من عون مفاده أنّ لبنان يرغب في إعادة إحياء صفقة التسليح مع روسيا لشراء دبابات وراجمات صواريخ وصواريخ وقذائف وصواريخ مضادة للدروع مع ذخائرها، وهذه الصفقة طُرحت بنحو نصف مليار دولار تُموّلها المكرمة السعودية، لكنّ اللافت أنّ الروس طلبوا مبالغ أعلى بكثير من مصادر أخرى، وهنا برزت وجهة نظر لدى القيادة العسكرية اللبنانية بأنّ تسليح الجيش وصرف مال المكرمة على جهات غير غربية سيخلق نوعاً من حساسية لدى الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة، حيث إنّ واشنطن قدّمت الى الجيش نحو مليار و600 مليون دولار خلال الفترة الماضية كمساعدات مجانية بين سلاح وعتاد وتدريب ودورات في الخارج، وبالتالي لا يستطيع لبنان نكران الجميل يوم حظي بمبلغ من المال وشراء سلاح من خارج المصانع الأميركية أو الغربية، إذ قد يترك ذلك تأثيراً على برامج التعاون اللبناني ـ الأميركي، علماً أنّ الأميركيين لم يبلّغوا الى الجانب اللبناني أيّ موقف في هذا الشأن.

وفي ما يتعلق بروسيا، تكشف مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» أنّ «هناك نوعاً من محاولة لبنانية لاسترضاء روسيا بعدما استُبعدت في موضوع النفط، إذ ستمتد المبالغ من صفقة السلاح الى النفط، حيث تشارك شركات روسية في التنقيب عن النفط وذلك لجهة ضمان سلامة هذه العملية في المناطق المحاذية لإسرائيل، لأنّ هناك وجهة نظر ترى أنه في حال كانت الشركات التي تنقّب في هذه المناطق روسية، فإنّ إسرائيل لن تضرب منشآتها، كما أنّ «حزب الله» لن يستهدفها في الجانب الإسرائيلي بموجب التعاون القائم بين الحزب وروسيا في سوريا، لذلك يعتبر لبنان أنه قد تكون لذلك ارتدادات أمنية واقتصادية على الصعيد النفطي.

معدات إسرائيلية؟

أما في جزء من الصفقة مع الفرنسيين، فاتُّفِق على تأمين مجموعة بحرية عبارة عن طرادات بحرية مجهّزة بصواريخ ورادارات ورشاشات ثقيلة لحماية المنشآت النفطية في عرض البحر من الهجمات الإرهابية، وحُكيَ عن صفقة ما وعن شكوك حول الشركة التي ستنتج هذه السفن، والتي يُقال إنّ فيها شريكاً إسرائيلياً وتستعين بأجهزة إسرائيلية في تركيب هذه السفن، علماً أنّ كلّ ذلك يعود لطبيعة عمل الشركات المتعددة الجنسيات التي تستخدم معدات من مختلف أنحاء العالم.

إذاً هل ستنجح زيارةُ عون ويتحقق هذا الخرق ويتأمّن السلاح؟

حتى الساعة كلّ المؤشرات إيجابية، والقيادة العسكرية اللبنانية تحضّر لوائحها الجديدة بموجب ما يُحكى عن اتفاق جديد أو عن صيغة وآلية جديدة لدفع هذه المكرمة أو تأمين هذه المساعدة، والأكيد أنه سيكون هناك تأثير للموقف السياسي اللبناني، لأنّ السعودية طلبت ضمانات لجهة عدم انحياز لبنان الى محور ايران.

وفي هذا الإطار تؤكد رئاسة الجمهورية ومصادرها أنّ لبنان سيكون على الحياد ولن يكون في أيّ محور إقليمي، بحسب «خطاب القسم» والبيان الوزاري، وهو ما سيسهّل هذه المساعدة وحيازة الجيش السلاح الذي يحتاج اليه في حربه ضد الإرهاب خصوصاً.