IMLebanon

كارين رزق الله: الجدلُ مقصود وهذه دراما “مش طبّ”!

كتبت رنا أسطيح في صحيفة “الجمهورية”:

تخوض الكاتبة والممثلة اللبنانية كارين رزق الله من خلال مسلسل «لآخر نفس» تحدّيَين الأوّل ضمن السباق الرمضاني الحالي في ظلّ وفرة الإنتاجات التي تتنافس على مختلف الشاشات اللبنانية، والثاني ضمن حالة جدَلية استطاع المسلسل أن يخلقها لدى الجمهور الذي انقسم بين مؤيّد ومعارض إزاء الصراع الذي تعيشه بطلةُ العمل بين ولائها لزوجها من جهة والمشاعر التي تجتاحها إزاءَ رجل آخر من جهة ثانية. وفيما لا يقتصر المسلسل بتاتاً على هذه الإشكالية وحدها يبدو أكيداً أنّ «لآخر نفس» يحمل نفَساً جديداً على صعيد الدراما اللبنانية ويجازف في الأماكن المحظورة سواءٌ على صعيد المشاعر الإنسانية وتركيبتها السايكولوجية المعقّدة أو على صعيد مسائل إجتماعية وسياسية وهموم وطنية لا تخلو بدورها من البُعد الجدَلي.

بعد سلسلة من الأعمال الدرامية التي حملت توقيعَها ككاتبة، تبدو كارين رزق الله في مسلسل «لآخر نفَس» ما زالت قادرةً على ضخّ نفَس مختلف وجريء في نصوص الدراما اللبنانية، حيث تراها في الحلقة الواحدة لا بل المشهد الواحد تطرح إشكالياتٍ جمّة من الخيانة إلى الحب فالشيخوخة والوحدة والبيئة والمسؤولية الاجتماعية وغيرها، ما يعبّر بشكل واضح عن همّ لدى الكاتبة بتقديم نصّ دسم يطرح قضايا شائكة وإنما بقالب رومانسي- إجتماعي سلس لا يخلو من الكوميديا.

وفي حديث خاص لـ«الجمهورية» تؤكّد كارين أنّ الحالة الجدَلية التي خلقها المسلسل بطرحه موضوعَ الخيانة من زاوية جريئة «متوقّعة ومقصودة لأنها تدفع الناس إلى إعادة النظر في معتقداتهم ومسلّماتهم.

يجدون أنفسهم متعاطفين مع الخطأ ولكن غير قادرين على تقبّله أو متعاطفين مع الصح ولكن غير راضين به وهذا في صلب المعضلة التي يطرحها العمل والتي تتلخّص بسؤال واحد: ما هو الصحّ وما هو الخطأ؟ وفي حين لا أدّعي أنني أملك الجواب القاطع، أكتفي بدعوة الناس الى التفكير بالأمور من زاوية نظرة جديدة بعيداً من الموروثات الاجتماعية والأحكام المسبَقة، وبعيداً من التصنيفات والمنظار الأخلاقي البحت.

الإنسان أكثر من مجرد منظومة خلقها بشرٌ مثلنا ووجدنا أنفسنا شيئاً فشيئاً مقيّدين فيها. المسلسل هو مجرّد نفَس من الحرّية ودعوة لإعادة التفكير بالمسلّمات».

بين الخيانة والولاء

وعما إذا كانت تشجّع على الخيانة كما يسأل كثر اليوم تردّ: «الإجابة على هذا السؤال غير ممكنة قبل عرض الحلقة الأخيرة من المسلسل». تقولها كارين مبتسمةً كمَن يعِد بحبس الأنفاس حتى «آخر نفس».

وتضيف: «بغض النظر عن الخيانة أو غيرها. أنا أضع المسألة برمّتها تحت سؤال: إلى أيّ درجة مؤسسةُ الزواج هي مؤسسة صحّية، وإلى أيّ مدى الالتزام بعلاقة واحدة تجعل الفرد على المدى البعيد يفقد الشغف ويفقد تلك الشرارة التي تجعله يشعر أنه على قيد الحياة.

وبعيداً من التعميم، معظم الـ couples، يعيشون ليكملوا الحياة سوياً، أو حفاظاً على العشرة والذكريات ولمصلحة الأولاد، ولكن من دون شغف وهذا يقتل شيئاً داخل الإنسان، فهو يشعر أنه يُكمل حياته بشكل طبيعي ولكن تنقصه أمورٌ كثيرة، وفي الوقت نفسه إن اختار أن يعيش حياته ملاحِقاً شغفه وخارج مؤسسة الزواج، فهو يفقد الأمان. وهذه مسألة معقّدة ومفتوحة على كل الاحتمالات».

هذا ما يستفزّني

وتعترف: «يستفزّني عندما يسألونني «كيف تحب زوجها وتحب هذا الرجل الآخر في الوقت نفسه؟ فالمسالة هي هنا تحديداً فهي تكنّ المودّة والحب لزوجها بعد عِشرة سنين طويلة ولكنها فقدت الشغف الذي هو وقود الحياة لأنها تعيش الروتين والبرودة.

وهناك فارقٌ شاسع بين الحب والمودّة من جهة وبين العشق والغرام المجنون من جهة أخرى، فمسألة الخيانة لطالما طُرِحت في الأعمال الدرامية ولكن لم يعالج أحدٌ عمقَ المسألة الأساسية وهو عندما لا تكون المشكلة في الثنائي نفسه وإنما في الروتين والتعوّد وفتور المشاعر وهذا ما يجعل الإنسان يشتاق للشعور بالشغف، وهو قد يصادفه أو قد لا يصادفه في حياته، ولكن في حال قابله، ماذا سيفعل؟ هذا هو السؤال».

حذّروني من خطورة الموضوع

وتشدّد: «أنا لا أعطي حلّاً سحريّاً، الدراما «مش طبّ أو علم حساب» أنا أعرض قصة تطرح وجهة نظر مختلفة للأمور التي نتناولها دائماً بالقفازات، ومَن يرى يجب أن يفهم أنه في حال خالجته هكذا مشاعر هو ليس الشخص الوحيد الذي قد يشعر بذلك. هذا هو الإنسان.

هو كتلة مشاعر وعواطف وأفكار وأحاسيس معقّدة ومتناقضة. أحياناً هناك أحاسيس تسلك اتجاهَين متعارِضين في الوقت نفسه ما من خطأ بالمطلق ولا حقيقة مطلقة في مشاعر الإنسان.

وأنا كنت على دراية بمدى خطورة الموضوعات المطروحة، وكنتُ أعلم أنّ في الأمر مجازفة كبيرة لأني أطرح موضوعات، الناس غير مستعدّين ليتحدثوا عنها ومواجهتها، موضوعات نفضّل أن نختبِئ خلف إصبعنا على أن نواجهها. الناس يطمرون المشاكل ويظهرون للآخرين أنهم يعيشون حياةً ورديّة. وهذا ليس صحيحاً».

إيقاع منطقي

وعمّا قيل عن إيقاع المسلسل الذي انطلق ببطء توضح: «لو لم تنطلق القصّة على مهلها لما كانت منطقية، فبقدر ما أكتب بعاطفة كبيرة غبر أنني أكتب بمنطق أيضاً. هناك امرأة متزوّجة عن حب وتعيش مع عائلتها، فحتى وإن أحسّت بانجذاب الى شخص آخر، ليس من الممكن بسهولة أن تختار.

في الحياة لا تحصل الأمور بغمضة عين. أفهم مَن اشتكى ولكن لو شئت أن أعيدَ كتابة المسلسل لما غيّرت فيه حرفاً، لأنّ الأمور تحصل وفقاً لمنطق معيّن، فلا يمكنها الاختيار من دون عيش الصراع أوّلاً ولو كان زوجها سيّئاً لما كان الخيارُ صعباً بالنسبة إليها».

ليس مقتبَساً وأتحدّاكم

وعما إذا كان المسلسل مقتبساً عن قصة أجنبية تجيب: «مَن قرأ القصة فليخبرني إن كان لها علاقة بالمسلسل. فالشخص الذي تحدّث في هذا الموضوع عاد واستنكر وقال إنه غير صحيح. وأنا أريد أن أطلب من الناس أن يقرأوا قبل أن يتكلّموا. فهذا كلامٌ عارٍ تماماً عن الصحّة. وأنا أساساً لا أعرف هذه القصة ولم أقرأها ولن أقرأها لأنّ الموضوع لا يعنيني.

هذا المسلسل ليس مقتبَساً ولا ومستوحى من أيّ شيء آخر ولا بأية كلمة أو حرف أو موقف، وأتحدّى أيّاً كان أن يُريني مشهداً واحداً مأخوذاً من عمل سابق روائي أو تمثيلي أو سواه…».

ثلاثة «وحوش»!

وعن التريّو التمثيلي بينها وبين بديع أبو شقرا ورودني حداد تقول: «مهمّة الممثل أن يبرز النص والشخصية التي يقدّمها وأن يُدخل إضافةً من عنده إلى العمل لكي يقدّمه بأجمل صورة ممكنة. لذلك في المسلسلات التي كانت لي يد في اختيار ممثليها وهي «قلبي دق» «مش أنا» و«لآخر نفَس» نرى ممثلين أعتبرهم من أهم الممثلين.

كلهم خريجو جامعات وحتى الشباب الصغار في السن كذلك الأمر، لأنني أعرف جيداً قيمة أن يكون الممثل قادراً على إيصال الإحساس وما يوجد خلف الكلام وبين السطور وأن يسكب في شخصيّته من موهبته ومن روحه. بديع أكيد شهادتي مجروحة فيه، ورودني تعرّفت اليه هذا العام وعملنا سوياً للمرة الأولى. وأنا أعتبر هؤلاء الثلاثة وحوشاً. والآتي من أحداث ومفاجآت أكيد أعظم»!