IMLebanon

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

 

كتب د. ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

التدبير الفوري الذي اتخذه المجلس الدستوري في وقف تنفيذ القانون 45/2017 الذي يتضمن تحصيل ضرائب جديدة، اربك القوى السياسية اللبنانية، ووضع دوائر الدولة كافة امام احراجات كبيرة، لأنها كانت قد بدأت تنفيذ الإجراءات الذي ينص عليه القانون، لناحية استيفاء الزيادات التي طرأت على معدلات الضريبة في العديد من السلع الاستهلاكية والخدماتية، وعلى فوائد الودائع وأرباح المصارف.

طعن نواب حزب الكتائب الخمسة اضافة الى خمسة نواب آخرين بالقانون، ركز على عدم دستورية فرض بعض الضرائب، لأنها في رأيهم تتضمن ازدواجا ضريبيا، لاسيما فيما يتعلق بالضريبة على فوائد الودائع التي ارتفعت من 5 الى 7%، بينما تدفع المصارف في نفس الوقت ضريبة على الارباح تبلغ 17%.

وإذا طعن المجلس الدستوري في هذه المادة 17 من القانون، تكون المصارف استفادت دون غيرها من الطعن المقدم، وهذا ما يجر الى ازمة سياسية واسعة، لأن إنصاف المصارف بهذا الشكل، لا يحظى بتأييد الاغلبية الساحقة من الشعب اللبناني واحزابه السياسية، والازدواج الضريبي في هذا المجال لايقع في محله، لأن الضريبة على ارباح عمل المصارف شيء، والضريبة على توظيف الودائع شيء آخر.

أما المسألة الأخرى التي قد يطالها الطعن، فهي التي ربطت بين الضرائب الجديدة والسلسلة، وهذا الامر يتعارض في رأي مقدمي الطعن مع مبدأ شمولية الموازنة التي تنص عليها بالمادة 83 من الدستور، علما ان عائدات الضرائب ستدخل بمجملها في صلب الموازنة، دون تخصيص عائدات محددة لمصارفات محددة، وهي ممنوعة في القانون.

مهما يكن مضمون القرار النهائي للمجلس الدستوري الذي سيصدر في 18 سبتمبر، لن ترتاح القوى السياسية من تداعياته، ذلك ان الاضطرابات التي نتجت عن قانون السلسلة وقانون الضرائب الملحق به، كبيرة جدا، تبدأ من اعتراضات اصحاب المدارس الخاصة الذين يحظون بتأييد واضح من البطريرك بشارة الراعي، ولا تنتهي بالإحتجاج الذي يقوم به القضاة واساتذة الجامعة اللبنانية الذين لم تشملهم الزيادات، وبعض مواد القانون تنسف مكتسباتهم التاريخية، خصوصا في موضوع التقديمات الاجتماعية.

ويدور جدل واسع في الاوساط الاقتصادية، وعند الكثير من الفئات الواسعة التي لم تشملها تقديمات السلسلة حول مدى حرفية مندرجات القانون الجديد، ويطالب البعض بفصل تقديمات القطاع العام عن تقديمات القطاع الخاص، ووراء هذا الطلب مخاطر كبيرة تنسف كل مبادئ المساواة التي تنص عليها المادة 7 من الدستور، كما تلغي جوهر قانون العمل الصادر في العام 1947 وتعديلاته، والذي يعطي الدولة حق تحديد الحد الادنى للأجور في القطاعين العام والخاص.

تأخذ بعض الاوساط المراقبة على صناع مندرجات السلسلة نقصا في الخبرة والإحتراف، لأنهم لم يراعوا الوضع العام في البلاد عند صياغة بنود السلسلة التي كانت ضرورية مجملها.

ويقول هؤلاء المراقبون: ألم يكن افضل للدولة اليوم تقديم زيادات غلاء معيشة على الرواتب، تأخذ بعين الاعتبار الفوارق الوظيفية ودرجاتها، من دون الدخول في هيكلية ملزمة ومقيدة لبعض التوصيفات الوظيفية، والتي تخلط بين الخدمة المدنية والتربوية وبين القطاعات العسكرية والامنية، بمن فيهم المتقاعدون؟ الارباك السياسي سيلاحق النواب والوزراء والاحزاب، مهما كانت نتائج مداولات اعضاء المجلس الدستوري، وقانوني السلسلة والضرائب، قد لا يصنعان الهدوء السياسي المنشود.