IMLebanon

مقاتل في “النّصرة” يروي تفاصيل رحلته إلى عرسال وقتل العسكريين!

روى أحد مقاتلي “النّصرة” الذي واكب “الجبهة” من أيّامها الأولى في قرى القلمون السّوري بعد أن نقل بندقيّته من القتال تحت لواء “حركة أحرار الشّام” ليُصبِح من مقاتلي “جبهة النّصرة”. أبو ياسر الفليطي لقبه “الجبهوي” شابّ ثلاثيني من “فليطة” يروي بعض التفاصيل عن بداية القتال في القلمون مرورًا بعرسال وصولًا إلى إدلب التي يقيم بها حاليًا بعدالاتفاق الذي قضى بخروج مقاتلي الجبهة جرود عرسال إلى المدينة في الشّمال السّوري.

ويتحدّث أبو ياسر عن بعض التفاصيل، راويا بدايةً عن القتال في القلمون، وكيف مع سلسلة الهزائم التي تلقّتها فصائل المعارضة في معارك قرى القلمون مع الجيش السّوري و”حزبِ الله” انسحبوا جميعًا من قرى القلمون إلى جرودها المحاذية لجرود السلسلة الشّرقية اللبنانية.

يتحدّث الفليطي عن ما أسماه خيانة “جيش الأفلام” قاصدا جماعة زهران علوش- في معارك القلمون، ملمّحًا إلى ما أسماه صفقة أُبرِمَت مع “الجيش النّظامي” أدّت لإنسحاب “جماعة علّوش” بسلاحهم الخفيف والمتوسط والثقيل فجأة من القلمون إلى الغوطة الشّرقية، ما أدّى لضعف فصائل المعارضة في قُرى القلمون، لكن الفليطي لا يُنكِر شراسة القتال في قرى القلمون، مؤكّدًا أن تدخّل “حزب الله” في معارك القلمون كان العامل الأبرز في هزيمة فصائل المعارضة هناك، قائلًا: لولا تدخّل الحزب لنزلنا من القلمون إلى قصر الأسد في المهاجرين. بعد الخروج من القلمون ومبايعة أكثر المقاتلين لـ”النّصرة” و”داعش”، كانت المحطة في الجرود وتحديدًا إلى جرود فليطة وعرسال وقارّة والقاع ورأس بعلبك.

بحرقةٍ، وندمٍ يتذكّر الفليطي يوم الثاني من آب عام 2014، يقول: يومها كنت في الجرود ما دخلت بلدة عرسال إلّا مرّات قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ومنها يوم طلبت منهم قيادة الجبهة التوجّه إلى البلدة في الثاني من آب 2014. يصف أبو ياسر الوصول إلى البلدة من الجرود بالصّعب والشّاق والمحفوف بالمخاطر على حد تعبيره.

يوم أوقِف المدعو عماد جمعة يقول الفليطي أنّ قيادة “الجبهة” طلبت منهم التوجه إلى بلدة عرسال بكامل السّلاح بشكلٍ فوري، والسّبب كما قيل له حماية المدنيين لأن “داعش” إشتبكت مع الجيش اللبناني كنّا ضحية لخدعة يقول الفليطي، مؤكّدًا أنّ إتفاقًا ما أُبرِم يومها من تحت الطاولة بين أبو مالك التلي وقيادة “داعش” لكن كعنصر لا علم له بالتفاصيل… “كلّ التفاصيل مع أبو مالك”.

يروي الفليطي ما حصل داخل عرسال يومها: “كان القرار منذ البداية أن لا تحتك الجبهة أو أي مقاتل فيها مع الجيش اللبناني، لأنّ ذلك سيسبب خروجنا في النهاية من كامل المنطقة وهذا ما حصل قبل أشهر، لكن تفاجأنا يوم طُلِبَ منّا التوجه إلى داخل عرسال، وكانت الصّدمة عندما طُلِبَ منّا الإنسحاب إلى الجرود وعلمنا أنّ هناك أسرى من الجيش اللبناني مع “الجبهة” كانت قد أخذت القسم الأكبر منهم من منزل المدعو مصطفى الحجيري الملقّب بـ”أبو طاقية” بعد أن لجؤوا إليه بعد نفاذ ذخيرتهم في سرايا عرسال أثناء حصار داعش للسرايا.

خرج الفليطي ورفاقه الجبهويين برفقة العسكريين إلى المحطة الأولى في وادي حميّد، حيث مكث العسكريين في منزل خالٍ تحت حراسة مشددة من عناصر “النّصرة” لعدّة أيّام. لا يذكُر أبو ياسر المدّة بالتحديد لكن يؤكّد أنّها أكثر من 4 أيّام وكان الطعام فيها قليل جدًا، لحين تأمين ملجأ محصّن لنقل العسكريين إليه. بعد تأمين “الملجأ” الذي هو مغارة كبيرة وواسعة فيها ما يشبه الغرف يمينًا ويسارًا، تبعد عن بلدة عرسال ما يقارب الـ45 دقيقة بالسّيارة ويجاورها بستانٌ كبير وواسع. لم يقبل الفليطي أن يقول إسم المنطقة الجردية التي فيها المغارة، لكنّه قال الوصف “بكفّي وبيوفّي” ملمّحًا أنّها قرب منطقة تسمّى “تلّة الحصن”.

يسرُد الفليطي عن إيصال العسكريين إلى المغارة قائلًا 5 كانوا من الجيش و13 من قوى الأمن الدّاخلي، أوصلناهم إلى المغارة بأمر من “أبو مالك”، وكانوا لا يزالون بلباسهم العسكري و”الرينجر”، وعند وصولهم إلى المغارة أعطاهم بعض عناصر “الجبهة” ثيابًا جديدة عبارة عن “عبايات أفغانية” كحليّة اللون مع “لفّات سوداء”.

يتفاخر عنصر “جبهة النّصرة” بما أسماه المعاملة الحسنة التي عاملوا العسكريين فيها عكس “داعش” كانوا يأكلون ويشربون ويستحمّون وكانوا يلتقون بأهلهم حين تسنح الفرصة برفقة “أبو طاقية”. لا ينفك الفليطي بوصف أسر العسكريين بالخطأ الفادح لكن يزعم أنّهم أصبحوا تحت أمرٍ واقع ولا بدّ لهم أن ينتهوا من الملف بأقل خسائر ممكنة على حد وصفه.

وقال أبو ياسر أنّ عناصر “النّصرة” كانوا يحضرون الشّوكولا والحلويات لأبناء العسكريين الذين زاروا أباءهم أثناء الإعتقال وكان التّلي يسلمهم إيّاها. فعلّق المحاور بإستنكار وإستهجان: “حنون!” فأجاب الفليطي لو لم يكن حنونًا لقتل الأباء تحت أعين الأبناء!

تطرّق الفليطي لقضيّة إعدام العريف بقوى الأمن الدّاخلي الشّهيد علي البزّال، والعريف بالجيش اللبناني الشّهيد محمّد حمية. قائلًا أنّ أمر القتل جاء من أمير “جبهة النّصرة” في القلمون وجرود عرسال “أبو مالك التّلي” وما يسمّى شرعي “جبهة النّصرة” الذي لم يكشف عن اسمه. ويزعم الفليطي أنّ كلًّا من البزّال وحميّة قتل لرفضه دعوة الإسلام على حد تعبيره!

فقال الفليطي: قلنا لهما أنّكما عناصر في الدّولة اللبنانية التي تحكم بقانونٍ شركيٍّ وعليكما أن تدخلا بدعوة الإسلام فأبيا فقُتِلا، وباقي العسكريين، على ذمّة الرّاوي، قبلوا الدّعوة الجبهة لهم ودخلوا بالإسلام وكانوا يصلّون مع عناصر الجبهة جماعةً!

ما غفل عنه الفليطي أنّ عند بثّ الشريط لإعدام الشّهيد محمّد حميّة كان الهدف الضّغط على الدّولة اللبنانية للتفاوض للإفراج عن معتقلين خطرين لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، وكذلك كان الأمر عند إعدام الشّهيد علي البزّال.

ولدى سؤاله عن دور أمير جبهة النّصرة “أبو محمّد الجولاني” في ملف العسكريين، أجاب الفليطي أنّ “أبو مالك التّلّي” كان له الكلمة الفصل في كلّ الملفات التي تتعلّق بأمور القلمون والجرود، بتفويضٍ تام من “الجولاني” الذي لم يتدخّل يومًا بأي ملف بيد “التلي”.

إبراهيم ريحان – “الهديل”