IMLebanon

العِناق يزيدكم سعادة!

كتبت سابين الحاج في “الجمهورية”: يحتفل العالم غداً بيوم العناق العالمي. هل تتخايلون رجلاً يقف في الشارع، يحمل في يديه يافطة كبيرة كتب عليها: «عناق ببلاش»! سيبدو الأمر غريباً، وقد ينظر إليه المارّة وكأنه زائر من المريخ، بينما ينفجر آخرون ضحكاً عليه، فيما سيتقدم غيرهم للاستفادة «من خدماته» فيرتمون في أحضانه ويقومون بعناقه. نعم، إن الاحتفال بيوم العناق العالمي في الغرب وخصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية يشهد أجواء مماثلة، علماً أنّ الهدف الأساسي لهذا اليوم هو تسليط الضوء على الفوائد العجائبية للعناق بالنسبة للكبار والصغار.

فكرة هذا اليوم أبصرت النور في أوستراليا، وتبنّاها أفراد وجماعات كثر من حول العالم. فالفترة بين عيدي الميلاد والعشاق تشهد مللاً وركوداً وحالات اكتئاب… ويظهر هذا اليوم بمثابة مطرقة لكسر الضجر بمنح العناق، والارتماء بين أحضان الغير عفوياً!

كيف؟

لا حاجة لأن يستمر العناق لساعات، فالهدف منه ليس دخول مجموعة غينيس للأرقام القياسية بأطول عناق في التاريخ، بل إنّ تبادل العواطف لعشرين ثانية يكفي لإرضاء الأحبّاء، وإسعادهم.

دراسات عديدة حول العالم تناولت التأثير الإيجابي للعناق على حياتنا. فهو بحسب الخبراء، يخفف القلق، ويقلّص خطر الأمراض القلبية، كما يحارب التعصيب ويجنّبنا الاكتئاب، فضلاً عن أنه يقوّي نظام المناعة في الجسم ويحدّ من مخاطر إصابتنا بأيّ مكروه! ولا تنسوا فوائده العاطفية، خصوصاً أنه يحفّز الجسم على إفراز هورمون الأوسيتوسين، ما يزيد تعلّقنا بالغير ويقوّي روابط الحب، ويسعدنا.

عجائبه على الصغار

وللعناق فوائد جمّة بالنسبة للصغار أيضاً. لم تعرف أجيال كثيرة قيمته، فارتكزت التربية لفترة طويلة على القسوة، حين كان الأهل يضربون أولادهم لأتفه الأسباب بدل ضَمّهم إلى صدورهم وتبادل الحنان ومشاعر الحب معهم. ولكن، تكشف الدراسات الحديثة أنّ العناق أساسي لنمو الطفل بشكل سليم.

فالطفل الذي يتلقّى المداعبة والعناق في صغره يصبح أكثر ميلاً لأن يكون راشداً ومتّزناً عاطفياً. كما تثبت دراسة كندية أنّ الأطفال الأكثر تلقياً لمبادرات الحب، ومن بينها العناق، هم أكثر استيعاباً، فيتعلمون بشكل أسرع ويتمتعون بغِنى لغوي لافت.

وعلى الصعيد النفسي تشير الدراسات إلى أنّ العناق طريقة لطمأنة الطفل أو الولد ومواساته إذا كان غاضباً أو تعيساً. إنّ الشعور بحضور جسدي محبّب ومقرّب يُشعر الطفل بالأمان.

ولكن، هذا لا يعني أنه يجب ضمّ أطفالنا إلينا رغماً عنهم، معتقدين أنّ ذلك يفيدهم حكماً. تذكروا أنّ الطفل هو من يحدد حاجته للعناق مع الوقت، وإذا لم يكن يطلب أو لم يرحّب بذلك، على الأهل ألّا يُجبروه.

إحتفلوا بالعناق يومياً

يتجنّب كثر عناق غيرهم، لأنّ الارتماء في حضن الآخر ليس مسألة سهلة دائماً، خصوصاً أنّ كثيرين يخشون أن يتعرّضوا للصَد. ولكن، لا ينفع الاحتفال ومنح العناق للغير بحجّة حلول اليوم العالمي ونسيانه في باقي أيام السنة، باستثناء المناسبات. فلم لا تبادرون يومياً لمعانقة أزواجكم وأطفالكم وحتى أهلكم؟ ما يعزّز روابط المحبة والعاطفة والتعلق والانسانية بينكم ويمنحكم راحة نفسية لا تتوقعونها.

ولكن طبعاً، لا تبالغوا، فلا داعي لممارسة هذه العادة على الغرباء وعَيشها إلى حد البدء بمعانقة من لا تعرفون أو حتى زملاء المكتب يومياً… ضاربين بعرض الحائط خصوصية الآخرين ورغباتهم، فما ينطبق من تعابير على هذا اليوم العالمي لا ينطبق على الحياة اليومية. علماً أنّ العديد من علماء النفس في الغرب يردّدون أنّ أخذ الآخر بين أحضانكم ليس مبادرة ذات طابع جنسي، لكنّ الهدف منها الالتقاء على الآخر والشعور بدفئه إلى جانب قلبه.