IMLebanon

المرارة ليست حالة مرضية… لكن إهمالها قد يكون قاتلاً

كتبت جنى جبور في صحيفة “الجمهورية”: 

كثيرة هي عوارض المرارة التي قد نشعر بها من دون أن نعيرها اي اهمية جدّية، ما يؤدي الى تفاقمها. وفي وقت يعتبر علاجها فعالاً جدّاً، يسبب إهمالها المضاعفات الخطيرة. فما هي دلالات الاصابة وأنواع العلاجات؟

تعتبر المرارة واحدة من الأمراض الشائعة جداً بين الناس والتي تصيب جميع الفئات العمرية، وأسبابها متعددة ما يفسّر أهمية التعرّف إليها للحد منها. في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع اختصاصي الجهاز الهضمي والتنظير خليل الشدياق الذي استهلّ حديثه معرّفاً المرارة بـ«العضو الملتصق بالكبد، والذي يعمل على تخزين إفرازات الكبد لتسهيل عملية الهضم».

البحص هو السبب!

لا تعتبر المرارة حالة مرضية بحدّ نفسها، فهي موجودة في كل الاجسام، إنما تكمن المشكلة في الخلل الذي يصيب داخلها والذي يؤدي الى التهابها. ويوضح د. شدياق أن «غالباً ما يكون السبب الاساسي للمرارة الاصابة بأنواع البحص المختلفة داخلها، والتي تقسم الى نوعين؛ النوع الأول المتألّف من الكوليسترول، والثاني المكوّن من إفرازات الكبد، و كلاهما يدخل إليهما الكالسيوم.

فالبحص المكوّن من الكوليسترول يظهر عادةً عند الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة، وتشمّع الكبد والذين خضعوا الى عمليات التنحيف السريعة. بينما النوع الثاني يظهر عند الأشخاص الذين يعانون مشاكل في المصران ومشاكل تكسر الدم».

النفخة وعسر الهضم

الأكثر عرضة للاصابة بمشاكل المرارة هم الاشخاص في عمر الـ40، وخصوصاً النساء، وتنذر عدد من العوارض بالاصابة بهذه المشكلة. وبحسب د. شدياق «تكمن أبرزها في الجزء العلوي من البطن، فيشعر المريض بالغثيان، التقيؤ، الألم في الجهة اليمنى من بطنه والذي يمتد إلى الكتف والظهر، اضافةً الى النفخة وعسر الهضم. هذه العوارض قد يشعر بها الكثير من الناس، الّا انها لا تؤشّر دائماً على الاصابة بالتهاب المرارة».

بين البحص والالتهاب

من المهم التمييز بين عوارض البحص والتهاب المرارة؛ فالأول لا تفوق نسبة الالم فيه النصف ساعة، أما الثاني فيمتد فيه الوجع الى اكثر من 4 ساعات، ويرافقه ارتفاع في الحرارة. وفي الحالتين يجب التوجّه عند الطبيب العام او المختص للتشخيص.

في هذا الاطار يقول د. شدياق إنّ «الفَصل اساسي بين التهاب المرارة وتحرّك البحص. لذلك نقوم أولاً بالصورة الشعاعية، واذا لاحظنا وجود البحص من دون أن يسبّب أي عوارض جانبية، عندها لا تُصنّف هذه الحالة على انها مشكلة طبية.

بينما اذا اشتكى المريض من الآلام فيكون التدخّل الجراحي هو العلاج المناسب. في المقابل، اذا لم يتم اكتشاف ايّ نوع من البحص داخل المرارة، فنقوم بالصورة الشعاعية بواسطة المنظار، واذا لم نتمكّن من اكتشاف المشكلة، عندها علينا القيام بصوَر طبية أخرى، لمعرفة السبب الفعلي وراء هذا الألم الحاد».

تغيّر لون المريض

إهمال المؤشرات يؤدي إلى تفاقم الحالة المرضية، ويوجد الكثير من الاشخاص الذين لا يعيرون العوارض اي اهمية، فتتطوّر ويصعب علاجها. ويوضح د. شدياق أنّ «إهمال البحص في المرارة قد يسد مجرى الكبد مُسبّباً الالتهاب فيه. وهذه الحالة تسبب أيضاً تغيّر لون المريض (إصفراره) وفي انزيمات الكبد، ما يستدعي التدخل بالمنظار لفتح هذا المجرى. وتجدر الاشارة الى انّ هذه المضاعفات تشكل خطراً على صحة الانسان».

الإستئصال سهل وفعّال

يعتبر العلاج الذي يختلف بين القضاء على البحص او التخلص من الالتهاب فعّالاً جدّاً. ولكل مشكلة من الاثنين، اي البحص او الالتهاب في المرارة، علاج خاص يشير اليه د. شدياق قائلاً: «اذا كانت المرارة ملتهبة جداً، يكون التوجّه الفوري الى الجراحة أمراً ضرورياً بغية استئصالها في مدة اقصاها 24 ساعة قبل أن تسبّب عوارض جانبية اخرى.

أما إذا كانت ملتهبة لكنها لم تصل الى مرحلة متقدمة جداً، فيمكن الانتظار اكثر من هذه المدة لإجراء العملية. من جهة اخرى، اذا كان المريض يعاني البحص من دون أن يرافقه التهاب المرارة، يُفضّل استئصالها قبل تطورها، وتكون هنا العملية الجراحية سهلة جدّاً.

ويهمني ان أشدد أنّ العلاج فعّال جدّاً لا سيما اننا نستئصل المرارة كلياً، وفضلاً عن المعدّات الحديثة التي سَهّلت كثيراً العمل الجراحي. وبعد الجراحة يمكن أن يعاود المريض حياته طبيعياً من دون اي قيود طبية. ومن النادر جدّاً تسجيل المضاعفات، وفي حال حصولها تقتصر على الإسهال لفترة ستة أشهر».

الثآليل المسرطنة

الى ذلك، يسجّل في بعض الاحيان نشوء الثآليل داخل المرارة. فهل تكون مسرطنة؟ يلفت د. شدياق الى أنّه «في حالات نادرة نكتشف عبر فحص الإيكو الثآليل المسرطنة التي نجهل سبب تكوينها. واذا كانت اقل من 5 ميليمتر، من الضروري الالتزام بالصور الشعاعية المخصّصة للكشف عنها مرتين في السنة، لأنها في حال تطوّرت يجب استئصالها فوراً».

الإبتعاد عن الدهون

تشبه المرارة الكثير من الامراض التي قد يكون سببها وراثياً، وبالتالي لا يوجد طرق وقائية يمكن اتّباعها للحد من الاصابة، ولكن ينصح د. شدياق «باتّباع حمية غذائية صحية، لا يتخللها الكثير من الدهون التي تزيد من نسبة الاصابة. ويبقى الحل الأنسب لجوء المريض الى الطبيب واستشارته عند اكتشاف أيّ عوارض جديدة في جسمه، قبل أن تتفاقم حالته وتسوء».