IMLebanon

مجلس 2018: “ناس بتجي… ناس بتروح”

ناضل كثير من القوى السياسية لإنجاز قانون انتخابي قائم على النسبية، بوصفها فرصة لضخ بعض التجديد في البرلمان بعد ثلاثة تمديدات لولايته النيابية. غير أن إدخال “الصوت التفضيلي” إلى لعبة التصويت الشعبي، جعل النسبية مطعمة بنكهة أكثرية، ما يفرض حسابات متأنية غرق في دهاليزها مختلف الفرقاء قبل حسم تحالفاتهم. لكن هذه الحسابات هي نفسها التي دفعت عددا من الوجوه النيابية المعروفة، وصاحبة المواقف الكبيرة، لا سيما في عدد من المحطات السياسية المفصلية، إلى العزوف عن الترشح لاستحقاق 6 أيار المقبل، تاركة فراغا قد لا يسهل ملؤه في المرحلة المقبلة، التي ينتظر أن تكون حافلة بالتحديات.

ويبقى أبرز الغائبين في هذا الاطار الرئيس فؤاد السنيوزرة، الذي شكل عددا من الحكومات التي واكبت أصعب مراحل تاريخ لبنان السياسي الحديث، ورسم الخطوط العريضة لسياسات تيار المستقبل وخياراته، في مرحلة غياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان لأسباب أمنية، وهو المعارض الشرس لـ “حزب الله”، و”سلاحه غير الشرعي”. وأعلن عدم خوض الانتخابات  في مؤتمر صحافي عقده غداة زيارة الرئيس الحريري إليه لحضه على الترشح، في وقت كثر الكلام عن اختلاف في الخيارات بين الرجلين منذ إبرام تسوية 2016 الرئاسية.

كذلك، أبعدت الإختلافات ذات الطابع الانتخابي بين حزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي في دائرة الشوف-عاليه النائب الكتائبي فادي الهبر عن حلبة المنازلات، في افتراق هو الأول بين الحزبين منذ تكريس مصالحة الجبل عام 2001. وفي السياق نفسه، يصب خروج النائب أحمد كرامي من البرلمان، بعدما شكّل الرئيس نجيب ميقاتي لائحة طرابلسية  خلت من اسم كرامي، سليل العائلة السياسية العريقة، في وقت أقصت الخيارات الجنبلاطية النائب علاء الدين ترو عن المنافسات في دائرة الشوف-عاليه، بعدما شغل أحد مقاعدها السنية، عن برجا الشوفية.

استبدالات: وفي مقابل الغياب، تبدو القوى السياسية حريصة على تشكيل لوائحها بوجوه جديدة تحل محل عدد من تلك التي تصدرت المشهد النيابي على مدى عقود. وفي هذه الخانة، يصب غياب النواب: عاطف مجدلاني (تيار المستقبل، الذي استبدل بنزيه نجم)، خالد زهرمان، نضال طعمة (كلاهما من تيار المستقبل أيضا)، نوار الساحلي (الذي يحكى عن استعداده لتولي حقيبة وزارية في الحكومة المقبلة، علما أن الأمين العام لـ “حزب الله السيد حسن نصرالله خصصه بكلمة شكر في خلال إعلان ترشيحات الحزب)، حسين الموسوي، عبد المجيد صالح (الذي استبدلته حركة أمل بوزيرة التنمية الادارية عناية عز الدين)، والوزير محمد فنيش من حزب الله أيضا . ويضاف إلى هذه اللائحة النواب القواتيون شانت جنجنيان، طوني أبو خاطر وايلي كيروز، وذلك إنطلاقا من حرص معراب على عدم خوض المنازلة بالمرشحين أنفسهم لأكثر من دورتين انتخابيتين، وإن كانت النائب ستريدا جعجع تشذ عن هذه القاعدة.

الأصوات الاعتراضية: على أن الحسابات الانتخابية لن تكون وحدها سبب عزوف نواب الأمة عن الترشح مجددا. ذلك أن كتلا نيابية عدة اختارت خوض استحقاق 2018 النيابي، بعيدا من الأصوات التي رفعت لواء الاحتجاج على بعض الخيارات السياسية التي ركنت إليها أحزابهم، وإن كانت جهود كثيرة بذلت سريعا لتطويق ذيول هذه الأصوات وتأثيرها على المشهد السياسي. وهنا يبقى النائب البتروني القواتي أنطوان زهرا مضرب المثل، خصوصا أن الكواليس السياسية تحفل بكلام عن عدم رضاه على تفاهم معراب الذي أبرمته القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر، تماما كما لم يتوانَ النواب المستقبليون محمد قباني، عمار حوري، أحمد فتفت، إضافة إلى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عن التعبير الصريح عن معارضتهم الخيار الحريري لجهة تأييد تيار المستقبل ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، في موقف قد يدفعون ثمنه غيابا عن الندوة النيابية.

إشارة إلى ان القانون الانتخابي الجديد أثار زوبعة من الاعتراضات في الشكل والمضمون، كان أبرزها من عضو تكتل التغيير والاصلاح فريد الياس الخازن الذي أعلن من ساحة النجمة عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، بعدما كسب مقعدا مارونيا كسروانيا في دورتي 2005 و2009 .  وينطبق الأمر عينه على النائب الكسرواني الآخر نعمةالله أبي نصر.

انسحابات: إلى هذه اللائحة، تضاف أسماء آثر أصحابها من تلقاء أنفسهم الانسحاب من الحياة السياسية، بعد عقود طويلة أمضوها في الشأن العام، وتحت الأضواء الاعلامية. ويبرز هنا اسم رئيس السن النائب عبد اللطيف الزين (86 عاما)، والنائب فؤاد السعد ومروان فارس لأسباب صحية، إضافة إلى النواب: روبير غانم، محمد الصفدي، غازي العريضي، نبيل دوفريج، سليم سلهب، بلال فرحات، جان أوغاسبيان، أرتور نظاريان، كامل الرفاعي.

الوراثة: وأخيرا لا يغيب عن بال كثيرين أن ظاهرة الوراثة السياسية ستطيح ، هي الأخرى، بعدد من الوجوه النيابية، لمصلحة الجيل الجديد. ونذكر في هذا السياق، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية (الذي يحل مكانه نجله طوني)، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط (الذي ترك مقعده لنجله تيمور)، وزير العمل محمد كبارة (الذي يحل محله نجله كريم) والنائب نايلة تويني التي أتاحت لشقيقتها ميشيل الترشج لاستحقاق 6 أيار، تماما كما هي حال رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، الذي من المفترض أت يسلم الأمانة إلى ابنه كميل.