IMLebanon

أرمن لبنان… التصقوا بأحزاب السلطة والتزموا موالاة الدولة

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

لم يخالف أرمن لبنان في الانتخابات النيابية المقبلة، تجربتهم السياسية القائمة على الالتصاق بالدولة، حيث كانت أصواتهم الانتخابية رافعة رئيسية لأحزاب السلطة، من خلال تحالفات تركزت مع «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل».

وأرمن لبنان، الذين تفوق أصواتهم الانتخابية المائة ألف صوت، يتصدرهم حزب «الطاشناق».

ولطالما مثل تصويت الأرمن، دفعاً كبيراً للقوى التي يتحالفون معها في الانتخابات، وفيما كانت أصواتهم وفق النظام الانتخابي الأكثري تمثل رافعة للأحزاب التي يتحالفون معها، فإن النظام النسبي ألزمهم بالعمل على إنجاح مرشحيهم، ولو أن تصويتهم سيوفر حظوظاً لتحصيل حاصل انتخابي مرتفع في لوائح يترشحون عنها، وفي مناطق يتواجدون فيها من غير أن يكونوا ممثلين عنها، بالنظر إلى أن تمثيلهم النيابي يقتصر على دائرة بيروت الأولى (4 نواب)، ودائرة المتن في جبل لبنان (نائب واحد)، ودائرة زحلة (نائب واحد).

ولم يخالف حزب الطاشناق، الذي يعد أكبر الأحزاب الأرمنية وأكثرها تأثيراً، استراتيجية دأب عليها منذ الاستقلال، بالتحالف مع أحزاب السلطة واتخاذ موقف قريب جداً من رئيس الجمهورية، باستثناء تغيير بسيط طرأ في العام 2009. حين أحجم عن التقرب من الرئيس السابق ميشال سليمان، لصالح «التيار الوطني الحر» الذي كان رئيسه العماد ميشال عون آنذاك، وهو كان مشروع مرشح لرئاسة الجمهورية وانتخب رئيساً في العام 2016. كما كان الحزب حليفاً لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وحليفاً لنائب رئيس الحكومة ميشال المر في مرحلة سابقة.

يقول الباحث السياسي كريم بقرادوني بأن الخيار الذي اتخذه الطاشناق منذ استقلال لبنان «ناتج عن قرار بعدم التداخل في الصراعات السياسية اللبنانية، والوقوف إلى جانب الدولة، وليس إلى جانب الأحزاب»، وهو ما تم التعبير عنه «بالابتعاد عن النزاعات الحزبية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على بلورة علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية جيدة لهم». وأوضح بقرادوني لـ«الشرق الأوسط» أن، الأرمن «اتخذوا قراراً من الأساس بأن لا يكونوا فريقاً، والتزموا بموالاة الدولة، ولا تزال هذه الفلسفة السياسية قائمة، علما بأنهم حققوا نجاحاً في الاندماج أكثر في الدولة والحياة السياسية اللبنانية».

ويفسر هذا الجانب من التجربة السياسية لأرمن لبنان، عزوفهم عن الترشح إلى جانب حليفهم الأبرز منذ مطلع التسعينيات الوزير الأسبق ميشال المر، والتصاقهم بتحالف قوي مع «التيار الوطني الحر» في دائرة المتن، إضافة إلى تحالفهم مع «الوطني الحر» و«المستقبل» في دائرة بيروت الأولى، ومدينة زحلة (البقاع).

فقد ترشح النائب بقرادونيان مع «الوطني الحر» في المتن، وأعلن أمس عن أسماء 3 مرشحين آخرين، ثلاثة منهم في دائرة بيروت الأولى وهم هاغوب تارزيان، والمحامي سيرج شوكاداريان وأليسكاندر باتوسيان، فيما أشار إلى أن «المقعد الأرمني الأرثوذكسي في زحلة ما زال ضمن المناقشة» مع تيار المستقبل والتيار الوطني الحر.

ويشكل الصوت الأرمني الآن رافعة لتحصيل حاصل انتخابي مرتفع، بالنظر إلى أنهم يقترعون بكثافة، لكن النظام النسبي أفقدهم صفة «المقرر» في اللوائح وترجيح فوزها، حيث يحتاج كل مرشح لتحصيل أصوات تفضيلية. ويقول كريم بقرادوني، وهو وزير لبناني أرمني أسبق، أنه في ظل القانون النسبي «لا تزال أصوات الأرمن مؤثرة، لكنها لم تعد رافعة كما كانت في السابق، فالمسائل هنا أكثر تعقيداً وفق القانون النسبي، وصار التأثير أقل»، لافتاً إلى أن «الدعم في دوائر أخرى لا يتمثل فيها الأرمن، يذهب إلى أحزاب الدولة وحلفائها».

ويسجل وجود أصوات أرمنية في دوائر كسروان – جبيل، وبعبدا، والشوف – عاليه، والزهراني – صور وطرابلس.

ويشير خبراء انتخابيون إلى إمكانية كبيرة بأن يتمكن رئيس حزب «الطاشناق» من الحصول على أصوات تفضيلية في المتن، تؤهله للفوز، وأن يحصل ثلاثة آخرين على الأقل من المرشحين الأرمن الأربعة في بيروت في تحالف (الطاشناق – الوطني الحر – المستقبل) على أصوات تفضيلية تؤهلهم للفوز، علما بأن «المستقبل» يدعم مرشحاً ليكتمل ترشيح المقاعد الأرمنية الأربعة في دائرة بيروت الأولى، هو سيبوه قالبكيان، رئيس حزب الهانشاك ثاني أقوى الأحزاب الأرمنية في لبنان.

وخلافاً لدائرة بيروت، تفيد التقديرات «بأن يكون مرشح حزب القوات اللبنانية في زحلة هو الأقوى»، كون «القوات» يعتبر من أكثر الأحزاب المسيحية المؤثرة في هذه الدائرة، بينما يعد تيار «المستقبل» أكبر قوة ناخبة، لكنه يضطر لتوزيع أصواته التفضيلية على المرشح السني عاصم عراجي، والمرشح الشيعي نزار دلول، ما يقلص حظوظ المرشح الأرمني الذي من المرجح أن يكون مدعوماً من «التيار» على اللائحة الانتخابية، بالفوز.