IMLebanon

بئس إعلام الابتزاز وحفنة الدولارات (بقلم طوني أبي نجم)

أسوأ ما نشهده في معركة الانتخابات النيابية الجارية ليس نوعية المرشحين، ولا أداء السلطة ولا تسخير مقدراتها لخدمة أطراف ضد أطراف آخرين، ولا كل مل يُحكى عن شراء أصوات وذمم… فكل ذلك لطالما شهدته كل انتخابات نيابية في لبنان منذ فجر الاستقلال وحتى اليوم، وذلك لا يعني بالطبع أن نقبل بها أو نسكت عليها.

ولكن الكارثة التي نعيشها أن يبلغ بعض الإعلام في لبنان، وخصوصا ما يجري على بعض المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مستوى من العمل لم يصل إليه الإعلام حتى في بلاد “الماوماو” (بلاد وهمية للإشارة على أسوأ الدول على كل المستويات).

الكارثة أن يعمل بعض الإعلام وبعض الإعلاميين وبعض المواقع الالكترونية مع المرشحين على قاعدة: “تدفع لنا فنمدحك، وترفض أن تدفع فنهاجمك ونبتزك لتدفع”.

هذا ما يحصل بشكل فجّ ووقح على سبيل المثال لا الحصر مع المرشح سركيس سركيس، الذي للمناسبة لا أعرفه شخصياً ولم ألتقه في حياتي ولا تربطني به أي علاقة، ولا يعنيني أكان أمّياً أم لم يكن فللناخبين وحدهم أن يقرروا من يمثلهم، وكم من متعلمين مرشحين حاولوا شراء الذمم بملايين الدولارات، ولكم من متعلمين صوّتوا على قوانين من دون أن يقرأوا سطراً واحداً منها، بدءًا بقانون الانتخاب الحالي!

ولكن أن يعمد موقع إحدى الصحف المعروفة بأنها “صحافة صفراء” بالتهجّم على سركيس سركيس بشكل شبه يومي والافتراء عليه بهدف الابتزاز المادي، فهذا ما أصبح فاضحاً وغير مقبول، ولكم من مثال يعرفه اللبنانيون والصحافيون عن شخصيات هاجمتها الصحيفة نفسها من التسعينات من القرن الماضي وحتى الأمس القريب، قبل أن يحصل المعلوم ويعود ناشر الصحيفة ويعتذر فجأة!

وهذا ما يحصل اليوم مع عدد من المواقع الالكترونية التي تهاجم سركيس سركيس بطريقة معيبة و”مقرفة” فقط للابتزاز المادي حتى تقبض منه و”بيمشي الحال” يصبح بطلاً!

والقصة لا تنتهي مع سركيس سركيس، بل الأمثلة لا تنتهي، من التهجم الذي لا ينتهي على المرشح عن المقعد الكاثوليكي في زحلة ورجل الأعمال الناجح والعصامي ميشال ضاهر الذي يعمد أحد المواقع الالكترونية إلى محاولة التشهير به لغايات لم تعد خافية على أحد، وبـ”أجرة مدفوعة” سلفاً!

وكما ضاهر كذلك تعرّض مرشح “القوات اللبنانية” في زحلة جورج عقيص إلى حملة تشهير شعواء و”مدفوعة التكاليف” بهدف الإساءة إلى سمعته ومسيرته الناصعة.

ولم يسلم المرشح عن المقعد الأرثوذكسي في زحلة المدير العام لشركة كهرباء زحلة والذي أشاد بإنجازاته جميع اللبنانيين طوال أكثر من 15 سنة، من حملات التجريح والتجني، وهدف بعض “المرتزقة في الإعلام” أن يقبضوا!

والأمثلة لا يمكن أن تنتهي… فبربّكم كفى!

من المعيب والمخزي أن يتحول الإعلام إلى صفحات مأجورة لشتم فلان أو غيره مقابل أجر من منافسه. يحق للمؤسسات الإعلامية أن تروّج لمن تشاء من المرشحين الذين يدفعون الأموال الطائلة للترويج لأنفسهم، لكن الترويج يتم عبر عرض البرامج للمرشحين وإظهار نقاط قوتهم وتفوقهم، وليس عبر التجريح، المدفوع الأجر مسبقاً، التجريح المعيب والمسيء إلى المنافسين!

فلتكن الانتقادات في السياسة قدر ما تشاؤون، لكن الانحدار الذي وصلنا إليه غير مسبوق… فبربّكم كفى!

من سابع المستحيلات أن يرتقي وطننا والمستوى السياسي فيه ما لم يرتقِ إعلامنا إلى مستوى المواكبة الحقيقية، لا أن يتحول بعض الإعلام والإعلاميين، وسط الفوضى العارمة التي تضرب بنا، إلى صفحات شتائم لا تنتهي مقابل حفنة من الدولارات.