IMLebanon

عهد فرنجية في زغرتا… فشل إنمائي وسياسي ولا رؤية انقاذية! (تحقيق رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

تعيش زغرتا والزاوية منذ فترة من الزمن حالا من النسيان الإنمائي والسياسي، ترسخت أكثر بعد انتخابات 2009. الإهمال والنسيان ساكنا سنواتها الـ28 المنصرمة، من العام 1990. مع بداية الجمهورية الثانية، بدل أن تسير زغرتا وقضاؤها في ركب السيادة والحرية والاستقلال والحداثة، أُخضعت لمنطق السمسرة والتجارة والاحتكار من قبل “تيار المردة”. فطبع عهدَه الفشلُ السياسي والانمائي.

الإهمال في الانماء

بدعم سوري مطلق تربّع سليمان فرنجية على السلطة منذ الـ1990. كان “الوزير الملك” في كل الحكومات التي تعاقبت بعد الطائف. بمعنى آخر، كان “ميني رئيس جمهورية” أو بالأحرى “سوبر وزير”.

من العام 1990 حتى اليوم، شغل شخصياً أو بالوكالة مناصب وزارية عدة، باستثناء الفترة بين الـ2005 – 2009، عند خروج جيش النظام السوري من لبنان وقيام ثورة الأرز التي أطاحت بكل رموز سوريا في الحكم في لبنان، وكان فرنجية أحدهم.

رغم ذلك، عانت زغرتا والزاوية من الـ1990 الحرمان والإهمال الإنمائي لأقصى الدرجات. فلا مشاريع إنمائية سجلت في عهده إلا بشكل خجول قياساً مع السلطة والقدرات المالية التي كان يملكها. فلا نهضات زراعية، أو صناعية، أو تربوية أو اجتماعية، تحققت، بل بطالة متفشية بين صفوف الشباب الزغرتاوي. وعندما كانت توجد أي خدمات من قبل فرنجية و”تيار المردة” على مستوى زغرتا الزاوية تحديداً، لم تكن من أجل المصلحة العامة أو من اجل زغرتا الزاوية تحديدا، بل كانت خدمات وتنفيعات زبائنية لحالات خاصة ولأتباعهم في البلدة.

في عهده، بقيت مياه رشعين مثلا ملوثة حتى اليوم، إلى حين طلب رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض من وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل معالجة هذه المشكلة، فتم الاتفاق على ان تتولى وزارة الطاقة والمياه مسؤولية معالجة التلوث، وقد بدأ العمل فعلاً في النهر.

في ما خص التخطيطات، بقيت طرقات قضاء زغرتا على ما كانت عليه في الستينات، وفق الخطط التي كانت مرسومة آنذاك، يوم كان الرئيس الشهيد رينه معوض وزيراً للأشغال العامة. فلم يتم تعديلها او تغييرها. فعلى سبيل المثال، طريق مزيارة  – بحويطة – بشماتا السواقي كان الرئيس رينه معوض من استحصل على مرسوم شق الطريق. حتى اوتوستراد اهدن وهو انجاز يتغنون به، تم التوقيع عليه في الستينات بجهود الرئيس رينه معوض أيضاً، في عهد الرئيس شارل حلو، أي بين الـ1964 والـ1970.

سراي اهدن – زغرتا وثانوية زغرتا، ايضاً وقع مرسومهما في العهد الشهابي.

شبكات الصرف الصحي في زغرتا الزاوية أصابها الصدأ إضافة إلى شبكات الريّ.

عدم تحديث البنى التحتية، ما سبب تلوثاً في المياه الجوفية للعديد القرى والبلدات.

الزفت في زغرتا والزاوية كان موسمياً، فالناس لا تراه إلا في فترة الانتخابات فقط. كما هو الأمر اليوم.

لا فرص عمل للشباب والشابات، وخصوصاً في القطاع العام، حيث قلة قليلة من الشباب الزغرتاوي دخل إلى القطاع العام.

تربوياً، بقيت زغرتا من دون جامعة لسنوات طويلة، ولولا مشروع إنشاء الجامعة الأنطونية في مجدليا من قبل الرهبان الأنطونيين، لما كان هناك أي جامعة في زغرتا وقضائها حتى اليوم.

المشروع الوحيد الذي وجد على عهد سليمان فرنجية، هو بحيرة بنشعي، لكن المفارقة، أن هذا المشروع نفذ على حساب مالكي كل العقارات المجاورة لعقار المشروع من دون أي استملاكات. ولم يقم أحد من الأهالي بالادعاء على فرنجية خوفاً من السطوة الأمنية لديه.

أما في ما خص أموال المهجرين. فالكل في زغرتا يعلم ان هناك قرى وبلدات على اطراف زغرتا الزاوية اصابها التهجير وأحرقت بيوتها في الحرب في الـ75، كبلدة كفريا وغيرها. لكن المعلوم أيضاً أن مهجري هذه البلدات لم تنصفهم عدالة المردة.

فالتعويضات التي حصل عليها اهالي البلدات مثلا لم تتجاوز 3 آلاف دولار أميركي للبيت الواحد، في وقت توزعت التعويضات بشكل محسوبيات، على أتباع تيار المردة الذين حصلوا على أموال بعشرات الملايين، وحتى لمواطنين لم يلحق بهم التهجير. مع العلم، أن أهالي كفريا، لم يعودوا حتى اليوم إلى بلدتهم. وفي زيارة للمنطقة، يمكن رؤية مآسي أهل هذه البلدة، فأوجاعهم يمكن لمسها من خلال صورة البيوت التي ما زالت محروقة ومهجورة.

في السياسة

معلوم أن زعيم “المردة”، هو سوري الهوى. فاذا دخلت على وسائل البحث على الانترنت، يٌعرّف فرنجية بالتالي: حليف وثيق لعائلة الأسد في سوريا”. وهو يفاخر بذلك. حتى عندما رشّح نجله طوني فرنجية للنيابة، كان سليمان فرنجية واضحا، أنه لو لم يكن طوني من الخط السياسي نفسه لما كان رشحه إلى النيابية”.

هو أحد صقور فريق 8 آذار الموالي لنظام البعث في سوريا، وكان إلى جانب حزب الله من الأكثر دفاعا عن سوريا عندما اتهمت باغتيال عدد من شخصيات سياسية وصحافية تنتمي إلى خط 14 آذار وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهو الذي وصف رفيق الحريري قبل اغتياله بـ”أفعى قريطم”. علماً انه في فترة اغتيال الحريري كان فرنجية وزيراً للداخلية.

شهد عهده كوزير للداخلية في حكومة عمر كرامي الثانية أي في الـ2005 انفلاتا أمنيا، فاستباح حلفاؤه من النظام السوري وأتباعه في لبنان من أمنيين وسياسيين، رجال الاستقلال الثاني، فتعرض مروان حمادة لمحاولة اغتيال، ووقعت سلسلة تفجيرات في المنطقة الشرقية وصولا إلى عاليه، وتم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ظل يجاهر بوقوفه مع الأسد، حتى بعد رحيل جيشه من لبنان. وكان من المدافعين عن دور “حزب الله” في سوريا، الأمر الذي أثار نقمة الطائفة السنية التي كانت تتعرض لظلم الرئيس السوري وللموت، فعرّض، في موقف غير مسؤول وغير وطني، مسيحيي زغرتا للخطر.

مؤسسة رينه معوّض شمعة في ظلمة!

في مقابل سياسة “المردة” الزبائنية، والكيدية، المصلحية والشخصية، عملت مؤسسة رينه معوض بصمت. فإضافة إلى حل مشكلة تلوث مياه رشعين كما ذكرنا سابقا، قامت المؤسسة بمشاريع إنمائية وتربوية واقتصادية واجتماعية عدة، لترسيخ أهل زغرتا والزاوية بأرضهم، علما ان المشاريع التي نفذتها لصالح زغرتا وقضائها تمّت بالتنسيق مع البلديات التي كان يسيطر عليها “تيار المردة”.

وهذا “غيض من فيض” مما قامت به مؤسسة رينه معوض:

وزعت مولدات الكهرباء على القرى والبلدات التي وفرتهم المؤسسة من Usaid، إضافة إلى دعم زراعة التفاح وخلق أسواق لتصريفه، داخلياً وخارج لبنان.

استحدثت شبكات الري في تولا والبحيري وغيرها من البلدات.

برامج من أجل التنمية الاقتصادية وإعادة إحياء قطاعات الصناعة والزراعة (سيدرز)

انشاء مجمعات رياضية، مجمع مار آسيا الرياضي في تولا مثلا، وجاري تنفيذه حاليا وكلفته تصل الى نصف مليون دولار. ملعب رياضي في سرعين.

معظم المدارس في قضاء زغرتا استفادت من تقديمات المؤسسة. وهذا كله، بامكانات معدومة. انشاء معهد رينه معوض التقني.

تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية في عدد من بلدات زغرتا الزاوية كأرده وكفردلاقوس.

مستوصف نقال يجول على كل القرى الشمالية.

توفير الخدمات الصحية لأكثر الفئات حرمانا وأولئك الذين يعيشون في أفقر القرى وأبعدها، من خلال عيادات مجتمعية ومستوصفات متنقلة.

انطلاقا مما تقدم، اليوم لن يكون كما الأمس. زغرتا الأبية، العاصية، اليوم، تحمل صرخة حرية، لاعادتها إلى مجدها ولاعادة السيادة اليها. هي اليوم بين مشروعين وخطين متناقضين، خط سليمان فرنجية الذي هو خط ايران و”حزب الله” والسلاح غير الشرعي والقضاء على الدولة، وخط ميشال معوض، خط الانماء المتوازن والشراكة الحقيقية والسلاح الشرعي وقيام الدولة.

وأمام أبناء زغرتا والزاوية أن يختاروا، فإما تستمر مستباحة، مقهورة، خائفة، تبكي على رصيف الوطن، وإما يجعلوا رنين الحق يضيء في السادس من أيار، وعطر الحرية يسود في زوايا البيوت، والشوارع، فتقرع في 6 أيار أجراس عودة السيادة والحق إلى زغرتا والزاوية، وكسر الاحتكار والأحادية وعودة التوازن إلى زغرتا والزاوية.