IMLebanon

الجرد تحت المقصل… هل يُسقط “حراس تنورين” المؤامرة؟ (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

“جرف الصخور من بعض العقارات التابعة لمشاع بلدة تنورين وتفتيتها ونقلها لزوم تنفيذ سد بلعة في قضاء البترون”. بكلمات قليلة، وبشطبة قلم، أعطيت رخصة من قبل وزارة البيئة واستنادا اليها وقعت الداخلية بالموافقة على “تدمير” جرد تنورين، علماً أن هذه المنطقة تشكل خزان منطقة البترون وجبيل في المياه الجوفية.

الأهالي يقولون إن المسؤول الاول لما وصلنا إليه هم من وقفوا وراء دعم مشروع سد بلعة من دون دراسات ومن دون الوقوف على رأي الناس، وهم الوزير جبران باسيل وفريقه وكل من يدعمه، وهم حاولوا بالأمس القريب استغلال الحراك على انه تصفية حسابات شخصية بين النائب السابق بطرس حرب وبهاء حرب رئيس البلدية.

اهالي تنورين يطالبون القوى السياسية كافة الوقوف إلى جانبهم ودعمهم بشكل واضح لأن اعتراضاتهم محقة ومبنية على أسس علمية ثابتة.

الناشط البيئي يوسف رامي فاضل يقول لموقع IMLebanon: “رفْضُنا مبني على القانون وحرصنا على جردنا”.

فاضل عدّد الحالات التي تخالف بها القرارات الصادرة عن كل من وزارتي الداخلية والبيئة والبلدية القوانين، فقال: “إن قرار وزارتي البيئة والداخلية مخالف للقانون بشكل صريح، كما أن قرار بلدية تنورين والعقد الموقع بينها وبين شركة إدة- معوض، مخالف لقانون حماية البيئة رقم 444/2002 الذي يجبر بدراسة الأثر البيئي والإجتماع مع المجتمع المحلي والأخذ برأيه، وهذا ما لم يحصل على الإطلاق، إذ إن الدراسة التي يستند عليها رئيس بلدية تنورين بهاء حرب هي مسح أعدته البلدية مع جامعة البلمند للجرد، وليست دراسة أثر بيئي، وللعلم فإن هكذا مشروع يستوجب دراسات عدة منفصلة، دراسة خاصة لكل طريق منوي شقها، ودراسة خاصة لكل مقلع وكسارة.

كما أن القرار المتخذ من مجلس بلدية تنورين والقرار الصادر عن وزارة البيئة يخالفان مرسوم تنظيم عمل المقالع والكسارات رقم2009/1735 في مادته الأولى، التي تقول: “تعتبر مقالع جميع الأماكن الصالحة لاستخراج الأتربة والصخور والمواد المعدنية أو المتحجرة أو الرملية، الكائنة على سطح الأرض أو في جوفها. وفي مادّته الثالثة منه التي تقول: “يخضع إنشاء واستثمار المقالع والكسارات العائدة لها لترخيص مسبق يصدر بقرار من المحافظ بناء على موافقة المجلس الوطني للمقالع”. وهذا ما لم يحصل على الإطلاق في حالة جرد تنورين”.

وأشار إلى أنه في المرسوم أيضاً مادة تنص على أنه “لا يجوز منح مهلة مرحلية من قبل وزارة البيئة في الأراضي البكر وفي الأماكن التي توقف استثمارها كمقالع من فترة طويلة”، مؤكداً أن الأرض في الجرد هي أرض بكر، وبالتالي تنطبق عليها أيضاً هذه المادة.

كما أن القرار يخالف القانون ويخضع لعقوبات المادة 25 من مرسوم تنظيم المقالع والكسارات والتي تنصّ على الآتي: “يعاقب مستثمر كل مقلع دون ترخيص أو بعد صدور قرار انتهاء مدة الترخيص أو بعد صدور قرار انتهاء الأشغال واقفال المقلع، أو رغم صدور القرار بالتوقيف المؤقت عن العمل، بالحبس بين شهرين إلى سنة وبغرامة تتراوح بين خمسين مليون ليرة ومئة مليون ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حال التكرار تضاعف العقوبة.”

ويخالف القرار الخطة الشاملة لاستعمالات الأراضي الصادرة بالمرسوم رقم 2009/2366 والتي أُعِدَّت في العام 2005 حيث تصنِّف جرد تنورين والعاقورة والمناطق العليا من حوضي نهر الجوز ونهر ابراهيم كمنطقة بيئية حساسة ينبغي حمايتها وهي تحت صفة (parc regional) بالتالي فإن المساس بها ممنوع، حتى أن المجلس الوطني للمقالع لا يملك حق الموافقة على إقامة المقالع في هذه المنطقة.

واوضح فاضل أن الإستخراج السطحي للصخور الذي تتحدث عنه البلدية والذي نصَّ عليه العقد بين بلدية تنورين وشركة إدة-معوض، هو حقيقة إقتلاع للصخور على عمق مترين، وهذا يعرِّض الثروة النباتية إلى الإنقراض وبشكلٍ خاص أشجار اللزاب التي عادت إلى الظهور من جديد، ويعرِّض الثروة الحيوانية والطيور المقيمة إلى الإختفاء من جردنا، كما يعرِّض المنطقة إلى السيول والفيضانات بالإضافة إلى تشويه المنطقة.

فاضل أشار إلى أن اللجنة التي أنشئت بتاريخ 14-6-2018 وهي لجنة المتابعة المنبثقة عن اعتصام أهالي تنورين، تتابع بشكل دقيق مسار الأمور، وهي راجعت كل الأوراق التي صدرت عن وزارتي البيئة والداخلية، وتبين أنه لا يوجد دراسة الأثر البيئي التي من المفترض أن تكون موجودة.

الرأي البيئي

وفيما يؤكد فاضل ان تحركاتهم مستندة على دراسات علمية وتقارير الخبراء البيئيين، شدد رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد أن ما ما قام به وزير البيئة سوء استخدام للسلطة، و”تمريقة” غير قانونية.

وأوضح لـIMLebanon أن منح رخصة إقامة مقالع وكسارات يتطلب مساراً محدداً، يجب أن تتوفر فيه كل الشروط اللازمة والقانونية للحصول على الرخصة، كما يتطلب موافقة المجلس الوطني للمقالع والكسارات، وبالتالي ما سمح به وزير البيئة بتوقيعه غير صالح وغير قانوني. فاما اننا نعيش في “الهيبة” او نعيش في دولة كما قال أبي راشد.

وطمأن إلى ان الحركة البيئية اللبنانية تعترض بشدة على قرار وزير البيئة وعلى إقامة مقلع في جرد تنورين، وستسلك الطرق القانونية وكل الطرق الأخرى عبر الاعلام او الشارع لابطال مفعول قرار وزير البيئة.

وذكّر بان كل ما يسمى بـ”الجرد” هي الامكنة التي تشكل خزانات مياه لبنان، لذلك فان قانون المقالع والكسارات أبعد عن جبال لبنان “المقالع والكسارات”، لأن الجرود مهمة وضرورية لناحية سلامة المياه الجوفية.

أمام هذا الكم الكبير من المخالفات، يطالب أهالي تنورين البلدية التراجع عن قرارها، خصوصاً أن العديد من فاعليات تنورين عرضوا على البلدية تسديد المبلغ المنصوص عنه في العقد بالإضافة إلى كلفة الطرقات المنوي شقّها، اذا كان هذا التراجع يرتب عليها مسؤوليات مالية، وذلك للمحافظة على طبيعة الجرد ووضع الخطط لكيفية الإستفادة منه بشكل مستدام ودون تشويه أو تغيير في المعالم.

فاضل الذي اكد لـIMLebanon أن لا جهة سياسية تقف وراء التحركات التي يقومون وينوون القيام بها، كشف بدوره أنهم بصدد التصعيد شعبياً وعبر الاعلام، في حال لم يتم التراجع عن القرار، وبصدد رفع دعوى قضائية امام مجلس شورى الدولة ضد وزارتي البيئة والداخلية لأنهما خالفا القانون. كما طلب من البلدية سحب الآليات من الجرد، محذرا من أي مناورات لأن عيون الحراس ستبقى ساهرة على الجرد، وعلى هذا الأساس تم إطلاق هاشتاغ #حراس_القمم، للتفاعل والحصول على تأييد رأي العام اللبناني.

نحن مرتبطون روحياً بهذه الأرض التي وفَّرت لنا الحرية والكرامة والتي هي أعمق وأغلى بكثير من الفائدة المالية الناتجة عن هذا المشروع، كما يقول فاضل، وحراسنا ساهرون، لن يتعبوا، لن يكلّوا، ولن ينعسوا، ستبقى عيونهم ساهرة في الجرد وفي أعلى القمم، حفاظاً على كل حبة تراب من أرض تنورين.

من جرد العاقورة إلى جرد تنورين، قصة واحدة، هدف واحد، وفاعل واحد. العاقوريون أسقطوا مؤامرة “عين الدب”، فهل يسقط التنوريون المؤامرة على جردهم؟