IMLebanon

أسبوع محاولةِ إخراج تأليف الحكومة من الـ”كوما”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: ينطلق في بيروت أسبوع محاولة «تدليك» مسار تأليف الحكومة الجديدة بعدما دَخَل في الأيام الأخيرة في ما يشبه الـ «كوما» تحت وطأةِ «انفجار» العلاقة بين «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وحزب «القوات اللبنانية» حول عقدة تمثيل الأخيرة وزارياً، وعدم نجاح المَساعي لفكّ الاشتباك حول التمثيل الدرزي، واستمرار التراشُق حيال إشْراك النواب السنّة الموالين لـ «حزب الله» في الحكومة.

وفيما يُنتظر ان يعود في الساعات المقبلة الى بيروت الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي يُمضي إجازة عائلية في الخارج، وكذلك رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، تقف مهمّة إزالة التعقيدات الحكومية أمام منعطف حقيقي بعدما بدا وكأن إزالة السرية عن مضمون اتفاق معراب بين «التيار» و«القوات» في يناير 2016 والذي مهّد الطريق لانتخاب عون رئيساً (في 31 أكتوبر من العام نفسه) وضعتْ علاقة هذين الحزبيْن على حافة «حرْق مراكب العودة»، مع ما يعنيه ذلك من استيلاد عقبات جديدة يمكن ان تُدخِل البلاد في مأزق حكومي – سياسي.

وحَمَل يوم أمس إشاراتٍ واضحة الى ان «عضّ الأصابع» على جبهة التيار – القوات بلغ ذروته مع نشْر الأول النص الحرفي لاتفاق معراب رداً على كشْف «القوات» الجوانب الرئيسية منه، بالتزامن مع «هجوم صاعق» من مصادر في «التيار» عبر صحيفة بيروتية اتّهمت رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع بأنه «إلغائي لا يمكن الاتفاق معه، ويمارس الاغتيال الجسدي في الحرب، والاغتيال السياسي في السلم»، فيما سألت قناة «او تي في» (التابعة للتيار) «كيف تتوقع القوات اللبنانية بعد اليوم أن يُصدق الناسُ طوباويتَها، وترفعَها عن المحاصصة، في وقتٍ كشفت بنود الاتفاق المسربة مدى اهتمامِها بالحصص الوزارية والادارية، كمعبرٍ الزامي لإنهاء الشغور الرئاسي؟ وهل هناك من وراء الحدود من يدفع بها وبسواها الى التصعيد لمنعِ التشكيل»؟

ولم تتوان «القوات» عن الردّ مؤكدة انتهاء الهدنة التي كانت أعلنتْها من جانب واحد مع «التيار»، ولافتة عبر مصادرها الى «ان أولوية باسيل الرئاسية اصطدمت بأولوية الحفاظ على الشراكة والتفاهم وإنجاح العهد، وبدأ يعدّ العدة للتخلّص من التفاهم والشراكة، تمهيداً لأحادية تحقق هدفه بخلافة العماد عون»، قبل ان يشير رئيس جهاز الاعلام والتواصل في ‹›القوات» شارل جبور الى أن «هدف باسيل شدّ العَصَب لإخفاء مشاكله الداخلية وتقديم صورة بأنه الأقدر على المواجهة اعتقاداً منه أن تثبيت الوراثة يكون بالمشكل والفصل (…) والناس ملّوا السياسة العبثية والفوضوية».

وعلى وقع تَبادُل الاتهامات بين التيار والقوات حول المسؤولية عن الخروج على اتفاق معراب وخرْق بنوده، ترى أوساط واسعة الاطلاع ان عدم احتواء الاحتدام على خط الحزبيْن المسيحييْن يشي بمتاعب إضافية في مسار التأليف وفق الآتي:

ان ما كَشَفَه رفْع السرية عن اتفاق معراب المكتوب والموقّع من باسيل وجعجع وتحديداً في شقه المتعلق بتوزيع المقاعد الوزارية المخصصة للمسيحيين مناصفةً بين التيار والقوات والتوافق على التعيينات الإدارية الرفيعة، بدأ يثير انتقاداتٍ من أحزاب وشخصيات مسيحية أخذت على هذا التفاهم «منحاه التقاسمُي للساحة المسيحية وإلغاء الآخرين»، وهو ما عبّر عنه أمس النائب طوني سليمان فرنجية معتبراً ان «اتفاق معراب يتضمن ضرباً للدستور والمؤسسات ويشكل محاولة جديدة للالغاء ولضرب التنوع الذي يشكل ميزة هذا البلد».

ان القوات التي عادت مصادرها لتؤكد تَمسُّكها بحصة من 4 وزراء في الحكومة من ضمنها حقيبة سيادية، تدرك ان حكومة من دونها لن تبصر النور لاعتبارات داخلية وخارجية، أبرزها ان الرئيس المكلف ليس في وارد دخول الحكومة «مكشوف الظهر سياسياً» وبتوازنات مختلّة، وان الخارج يتعاطى مع المشاركة الوازنة للقوات، كما جنبلاط في الحكومة على انه، اضافة الى وجود الحريري على رأسها، معيار التوازن في حدّه الأدنى بوجه تحالف التيار الحر و«حزب الله» وحلفائه الآخرين.

إن بلوغ العلاقة بين حزب الرئيس وبين القوات حليفة الحريري طريقا مسدودا وارتسام معادلة «لا حكومة من دون القوات ولا حكومة معها»، من شأنه وضع البلاد أمام مأزق ولا سيما في ظل علامات استفهام تُرسم حول مدى إمكان ألا تصيب تشظيات معركة التيار – القوات، علاقة الرئيسيْن عون والحريري المحكوميْن بضرورة تفاهُمهما على أي تشكيلة لا تولد دستورياً من دون توقيعهما.