IMLebanon

تصعيد السيد ضد “أمل”: رسالة لـ”الثنائي” إيذانًا بعودة النفوذ السوري

يتكشف مع كل يوم يمر على قمة هلسنكي جديد من نتائجها التي بقيت في معظمها سرية، وقد تبقى كذلك إلى حين ترجمتها في الميدان، لاسيما ما يتصل منها بالوضع السوري الذي يشهد تطورات بالغة الأهمية توحي بتحوّل جذري في مسار الأزمة. من ملف عودة النازحين الذي تفاعل بشكل كبير في دول الجوار، لاسيما لبنان والأردن، إلى الحديث عن تفاهم أميركي – روسي على أن ينتشر الجيش السوري على طول الحدود السورية ـ الأردنية ـ اللبنانية من الجهة السورية، على طول 80 كلم لضمان تنفيذ اتّفاق الهدنة الموقّع عام 1974، فتحافظ إسرائيل بذلك على استمرار حرّية القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية ضد إيران وأذرعها العسكرية مع تحييد قوات النظام السوري، بناءً على طلبٍ روسي، في حين تحافظ الولايات المتحدة الأميركية على وجودها في شمال شرق سوريا حاليًا في انتظار تبلُر موضوع الوجود الإيراني. وقد قادت التطورات هذه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إسرائيل في مهمة عاجلة، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنها تهدف إلى بحث الشأن السوري.

تبعًا للسيناريو المشار إليه، وإذا ما صدقت المعلومات الواردة في هذا الشأن، فإن أهم ما حققته القمة الأميركية – الروسية أنها استمالت رئيس نظام السوري بشار الأسد وأقنعته بأن بقاءه في السلطة موقتًا في إطار مهمة ودور محددين، يقابله وجوب التخلي عن إيران ومحورها وأذرعها في الداخل السوري تمهيدًا لعودتها إلى الحضن العربي، حيث موقعها الطبيعي. النتائج المسربة من القمة بلغت حكمًا مسامع الإيرانيين، كما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، وبدأت تفعل فعلها في أكثر من دولة، بدءًا من العراق حيث انقسم الشارع الشيعي بين شيعة إيران وشيعة العرب، ما أنتج موجة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ولو تحت شعارات مختلفة، فتوقفت إيران عن تزويد البصرة بالكهرباء وسارعت الكويت إلى تأمينها، مرورًا بلبنان الموضوع عمليًا تحت نفوذ طهران منذ سنوات.

وترى المصادر أن أكثر من إشارة صدرت أخيرًا في اتجاه انقسام بين شيعة إيران وشيعة سوريا، وشكّل المؤتمر الصحافي للنائب جميل السيّد بما تضمّن من سهام وجهها لرئيس النواب نبيه بري وقبله حملة السجالات بين السيّد و”الحركة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووقوف “حزب الله” إلى جانب بري، واعتباره خطًا أحمر، دليلًا ساطعًا إلى الواقع المستجد وانعكاسه في الميدان بحيث اعتبر تصعيد السيد رسالة إلى ثنائي “أمل” – “حزب الله” تؤذّن بعودة النفوذ السوري بدل الإيراني وقد تلقفها سريعًا “الحزب” ودخل مباشرة على خط التهدئة بعيدًا من الأضواء لمنع انكشاف أهدافها الحقيقية للرأي العام الشيعي الذي سجل نقمة واضحة على الحزب وممارساته وانخراطه في حروب الخارج بإيعاز إيراني إبان مرحلة الانتخابات النيابية.

ومحاصرةً لمفاعيل النقمة وامتصاصها، يركز الثنائي الشيعي جهوده في المرحلة الراهنة على الشق الإنمائي والخدماتي ومكافحة الفساد وقطع الطريق على عودة نفوذ سوريا على حساب إقصاء إيران التي يبدو القرار الدولي اتخذ بمنع تواجدها في كل المناطق القريبة من إسرائيل في سوريا ولبنان ودول المتوسط عمومًا.

ومواجهةً لهذا الواقع، تشير المصادر إلى أن حضور “أمل” و”حزب الله” سيزداد فاعلية في مناطق البقاع تحديدًا، مرجّحة أن يحضر الرئيس بري شخصيًا مهرجان الإمام موسى الصدر نهاية آب المقبل ويمكث هناك أيامًا عدة، من دون أن تستبعد توجه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى المنطقة أيضًا، بما يقطع الطريق على أي محاولة سياسية للجم نفوذ المحور الإيراني، من بوابة الانتفاضات الشعبية، إفساحًا في المجال لعودة السوري.