IMLebanon

الحريري “يُحْبِط” محاولة تحميل السعودية مسؤولية تأخير ولادة الحكومة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

عَكَس البيان الذي أَصْدَرَه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري أمس ونفى فيه أي تدخُّل سعودي في هذا الملف مثبّتاً معاييرَه لـ «حكومة وفاق وطني متوازنة سياسياً»، جانباً أساسياً من الصراع الذي يدور على جبهة التأليف الذي دَخَل في الأسبوعيْن الأخيريْن مرحلةً من الجمود الذي يُخشى أن يستولد أزمة دستورية بحال طال أمد «التمتْرس» خلف الشروط والشروط المضادّة.

وجاء بيان الحريري رداً على ما نشرتْه بعض الصحف أمس نقلاً عن مصادر سياسية رفيعة «وضمّنتْه معلومات فحواها ان القصد من الزيارة التي قام بها الرئيس المكلّف لفرنسا أخيراً هو الطلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التدخل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان»، وانه تلقّى نصائح فرنسية «بأن عليه ألا ينتظر الضوء الأخضر الأميركي والمبادرة سريعاً لتفعيل أقنية الاتصال مع الجانب الروسي المؤثر في المعادلة الإقليمية لتسريع تأليف الحكومة الجديدة».

وحسب البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي للحريري، فإن «الزيارة التي قام بها للخارج كانت محض عائلية ولم يتخللها أي اتصالات او لقاءات مع أي مسؤولين في الخارج. وفي جميع الأحوال فإن علاقته مع القيادة السعودية عموما وسمو ولي العهد خصوصاً هي علاقة أخوية ممتازة ومباشرة لا تحتاج إلى وساطة من أحد»، لافتاً الى «ان ترويج مثل هذه الأخبار الملفّقة والصادرة عن ذات الجهة والمصدر تهدف إلى تشويه الوقائع وإلقاء مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة على الخارج وتحديداً المملكة العربية السعودية، بينما يعرف القاصي والداني انها لا تتدخل ولم تتدخل في هذا الشأن اللبناني الداخلي المحض، وأقصى ما تعبّر عنه وتتمناه هو أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت للمساهمة في دعم لبنان ودولته واقتصاده، كما بدا ذلك جليا من موقفها خلال مؤتمر(سيدر)».

وانطلاقاً من هذا الأمر، جدّد الحريري تأكيده أن المساعي والجهود المستمرة التي يقوم بها«لتقريب وجهات النظر وتضييق شق الخلافات بين مختلف الأطراف بتأن وروية، تهدف في النهاية الى تشكيل حكومة وفاق وطني متوازنة سياسياً تشارك فيها جميع القوى بمعزل عن أي تدخلات خارجية».

واستوقف أوساط سياسية بيان الرئيس المكلف الذي ظهّر بما لا لبس فيه أحد خفايا«الكباش القاسي»في عملية التأليف التي تتصاعد فيها وتيرة«التصويب»من فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«حزب الله»على دورٍ سعودي في تأخير ولادة الحكومة، عبر تَمسُّك الرئيس المكلف بشروط حليفيْه حزب«القوات اللبنانية»و«الحزب التقدمي الاشتراكي»لجهة حجمهما الوزاري، الذي يَعتبر الحريري أن مراعاته تشكّل حجر الزاوية لتشكيلةٍ متوازنة تُبقي«الخيط»الفاصل بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»في لحظة الاندفاعة الأميركية على الحزب من ضمن المواجهة مع إيران، وفي الوقت نفسه تحافظ على الواقع اللبناني بترسيمات خط التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي وليس بنتائج الانتخابات النيابية التي أعلنت طهران ان«حزب الله»وحلفاءه فازوا فيها ممهِّدةً لـ«حكومة مقاومة». ورغم اقتناع الأوساط السياسية بأن اتهام الرياض بالوقوف وراء تأخير تأليف الحكومة هو في سياق الضغط على الرئيس المكلف من باب وضْعه في«موقع دفاعي»يجعله أكثر قابلية لتقديم التنازلات، فإن أسئلة بدأت تُطرح في بيروت حول إذا كان إقحام السعودية في هذا الملف يرمي إلى محاولة استدراج تفاوُض إقليمي حول الوضع اللبناني العالق عند أزمة تأليف الحكومة التي انكشف أيضاً أن أحد عناصرها الخفية يتّصل بمستقبل العلاقة مع النظام السوري الذي يريد فريق عون و«حزب الله»التطبيع المبكّر معه.

وتخشى الأوساط من تداعيات سلبية لاستمرار مراوحة أزمة التأليف في«الدائرة المقفلة»، لا سيما أن عون يستعدّ لمحطات خارجية بدءاً من زيارة بروكسيل ‏في النصف الأول من سبتمبر المقبل تلبية لدعوة البرلمان الأوروبي ليترأس أواخر الشهر نفسه وفد لبنان إلى أعمال الجمعية ‏العمومية للأمم المتحدة، قبل أن يشارك أوائل أكتوبر الثالث في القمة الفرنكوفونية السابعة‎ في يريفان، وهي محطات ستطلّ على الواقع اللبناني وأزمة النازحين وسط قلقٍ من أي مقارباتٍ قد يعتمدها رئيس الجمهورية لملفات داخلية خلافية.