IMLebanon

مهادنةٌ سياسية في لبنان لكسْر مأزق تشكيل الحكومة

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: نَجَحَتْ الحركةُ الجديدةُ التي أَطْلَقَها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري في تغييرِ «المناخ السياسي» الذي يحوط بمسار التأليف نحو الأفضل من دون أن يعني ذلك أن ولادة الحكومة باتت قاب قوسيْن.

فغداة اللقاء – الغداء بين الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ثم اللقاء – العشاء بين الرئيس المكلف ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، بدا واضحاً أن ملف تشكيل الحكومة دَخَل مرحلة جديدة عنوانها «تنقية» أجواء التأليف المزروعة بـ«ألغام» تتعلّق بالأحجام ولا تنقصها «صواعق» سياسية يمكنها أن تطيح بـ «صمامات الأمان» التي حمت الواقع اللبناني حتى قبل التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي.

وتشير أوساط سياسية الى أنّ ما شهده الخميس لجهة «طلب المساعدة» من بري الذي أعلن عنه الحريري قبل ان يستقبل ليل الخميس باسيل في لقاء «كسْر الصمت» بين الرجلين الذي استمرّ أسابيع، يَعْكس عملياً قراراً من الرئيس المكلف بالانتقال، استناداً لاقتناعه الراسخ بأن عقد التأليف داخلية بحتة، إلى محاولة جديدة لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم بالمساعدة في بلوغ مساحة مشتركة تتيح استيلاد حكومة الوفاق الوطني بتوازناتٍ تراعي نتائج الانتخابات لجهة إشراك القوى الأكثر تمثيلاً بما يريحها وفي الوقت نفسه يأخذ في الاعتبار «العين الحمراء» الخارجية على لبنان في غمرة اشتداد المواجهة بين واشنطن وطهران والتي تحتاج إلى «دراية» في مواكبتها بما يجنّب «جذْب» البلاد الى «عيْنها» انطلاقاً من كون «حزب الله» أحد أبرز عناصر «بنك الأهداف» الأميركي.

وإذا كان تفعيل «قناة بري» في مسار التأليف يشي تلقائياً بأن له ارتباطاً بمحاولة تدوير زوايا مطالب «حزب الله» وحلفائه في ما خص العقدة السنية (تمثيل النواب السنّة الموالين للحزب) وإيجاد مَخْرج يُرضي زعيم «الحزب التقدمي الاشتركي» وليد جنبلاط في ما خص حصرية التمثيل الدرزي به وفي الوقت نفسه لا يُغْضِب فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فإن سكْب «مياه باردة» على علاقة الحريري – باسيل اللذين وُصف اللقاء بينهما بأنه كان «جيداً وإيجابياً» من شأنه فرْملة ملامح انزلاق العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى مستوى يهدّد التسوية السياسية في البلاد.

وتبعاً لذلك، ترى الأوساط أن «حِراك الخميس» يؤسس لمناخٍ من «الارتخاء السياسي» يفترض أن يمهّد بحال كان ثمة نية جدية بالوصول لتسوية حكومية إلى تُراجِعات متبادلة بين مختلف الأطراف انطلاقاً من «الأفكار الجديدة» التي يعمل عليها الحريري وتقوم على عدم إعطاء «التيار الحر» (مع حصة رئيس الجمهورية) الثلث المعطّل وهو ما ينسحب أيضاً على الآخرين، ومحاولة جعْل «القوات اللبنانية» تقبل بالحصول على 4 وزراء بينهم حقيبتان وازنتان إحداهما «بمواصفات السيادية» وأهمّيتها، والسعي لإقناع جنبلاط بالسير بوزيرين درزييْن «صافييْن» من حصته على ان يكون الثالث مشتركاً بينه وبين كل من بري والحريري ولا يعارضه عون، على ألا يعود بأي حال النائب طلال إرسلان وزيراً في الحكومة العتيدة.

وفي رأي الأوساط نفسها، ان مفتاح الحديث عن كوّةٍ في جدار التأليف يبدأ بقبول باسيل بالتخلي عن «الثلث المعطّل»، فإذا كان هذا الأمر حصل، لن يكون مستحيلاً إقناع «القوات» بتمثيلٍ وازن يرضيها ولو بلا حقيبة سيادية من الأربعة المتعارَف عليها أو جعْل جنبلاط يقبل بوزير درزي ثالث «يتشاركه» مع صديقه بري وحليفه الحريري.

وتعتبر هذه الأوساط ان الأسبوع المقبل يفترض أن يشهد بلورة أكثر للأفكار الجديدة وقابليتها للحياة، علماً أن «التيار الحر» كرّر عبر أوساطه أمس أنه لا يتدخل في حصص الآخرين وأنه يتعاطى بما هو لتكتله، وسط تقارير أشارت الى ان باسيل سلّم بحصول «القوات» على 4 وزراء بعدما كان يشترط أن يقتصر تمثيلها على 3.

وترى الأوساط نفسها أنه بحال أفضتْ الاتصالات، التي شملت أمس زيارة مستشار بري وزير المال علي حسن خليل للحريري، الى تَفاهُم على «بازل الأحجام»، فإن كباشاً لن يقلّ صعوبة منتظَر على صعيد الحقائب وتوزيعها قبل إسقاط الأسماء عليها، معتبرة أنّ الأيام المقبلة ستكون كفيلة بإثبات إذا كانت الحركة المتجدّدة في ملف التشكيل كما سابقاتها «بلا برَكة»، أم أنها هذه المرة قد تسمح بالإفراج عن الحكومة.