IMLebanon

عودوا إلى المعارضة قبل فوات الأوان؟(بقلم رولا حداد)

في عزّ الاحتلال السوري العسكري للبنان والوصاية الأسدية على قراره السيادي تشكلت معارضة وازنة انطلقت مع لقاء قرنة شهوان، الذي توسّع لاحقاً مع تشكيل لقاء البريستول، قبل أن يصبح الجميع تحت ما سُمّي بـ”قوى 14 آذار”. وخاضت المعارضة للوصاية أشرس أنواع المعارك السياسية، وتمكنت من توجيه ضربات قاسية للمحتل أدّت ضمن مجموعة عوامل داخلية وخارجية إلى اندحاره عن لبنان في 26 نيسان 2005.

المفارقة بعد 13 عاماً على الانسحاب السوري من لبنان أن الأكثرية الساحقة من القوى السياسية باتت ترفض أن تشكل معارضة وأن تنظم صفوفها لإعادة إحياء النظام البرلماني الديمقراطي!

بعد انتخابات نيابية ادعى فيها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني أن محوره حقق أكثرية 74 نائباً في البرلمان اللبناني، تخشى قوى تعتبر نفسها سيادية أن تنظّم نفسها في معارضة جديدة لتحرير لبنان من الوصاية الإيرانية المستجدة، وخصوصاً مع عودة ملامح لتدخل أسدي جديد في لبنان.

الغريب أن الأكثرية المزعومة ترفض أن تشكل حكومة من دون الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، والسبب واضح: أي حكومة لا تكون حكومة جامعة وبرئاسة الحريري شخصياً تجعل من الحكومة الجديدة “حكومة حزب الله” بكل ما للكلمة من معنى تجاه الدول الغربية والعربية، ما يعني ذلك أن التعاطي مع الحكومة الجديدة في هذه الحال سيكون مشابهاً للتعاطي مع “حزب الله”، وفق منطق العقوبات والعزل.

وهنا لبّ الموضوع: لماذا تصرّ القوى التي تدّعي أنها سيادية على تأمين الغطاء لحكومة يملك “حزب الله” أكثرية مفاتيحها، وفي طليعتها الأكثرية النيابية اللازمة لمنحها الثقة أو حجبها عنها؟

لماذا ترفض القوى السيادية أن تسلّم الحكم إلى من يدّعي أنه نال الأكثرية، وتنتقل إلى المعارضة وتوحّد قواها وتواجه سياسياً وسلمياً الأكثرية الجديدة الحاكمة؟

لماذا هذا الخوف من العودة إلى المعارضة التي تستطيع وحدها إحياء النبض السيادي والاستقلالي في لبنان في مواجهات محاولات استلحاقه بالمحور الإيراني- السوري مجدداً؟ وهل أصبحنا نعيش في نظام ديكتاتوري حيث المعارضة ممنوعة؟ ولماذا كل الأطراف تحاول أن تبعد عن نفسها صفة “معارضة للعهد”؟ وهل أصبحت معارضة أي عهد جريمة ديمقراطية؟

يا مدّعي السيادة، لماذا لا تسلّمون الحكم إلى الأكثرية المؤلفة من “حزب الله” وحلفائه وتمارسون أنتم المعارضة الديمقراطية لإسقاط ذاك المحور في الحكم؟ سلّموهم وسيفشلون، وسيقودون البلد نحو الهاوية الحتمية ويلقون الخسارة المقابلة. لماذا تصرّون على تغطيتهم وتحمّل نتيجة فشلهم وسوء أدائهم، وأنتم تعلنون يومياً عجزكم الفعلي عن التغيير لأنكم أصبحتم أقلية؟

لماذا تصرّون على المشاركة في الحكومة بأي ثمن ولو كنتم غير قادرين على إحداث أي تغيير فعلي، وتخافون من المعارضة؟

أكسروا حواجز الخوف. عودوا إلى المواجهة. عودوا إلى الساحات وأعيدوا إليها ألقها، وخصوصاً أن مشاركاتكم في السلطة مع “حزب الله” أثبتت عقمها السياسي والاقتصادي والمالي، وخصوصاً أن كل ادعاءات محاربة الفساد أثبتت عجزها عن توقيف أي فاسد وعن وقف أي فساد، وفي الوقت نفسه خسرنا سيادتنا من جديد، وها هو لبنان يعود إلى فصول جديدة من فصول التدخل الأسدي في سياساته بعد أن توهمنا أنه خرج إلى غير رجعة!

بربّكم استفيقوا واتركوا جبنة السلطة وعودوا إلى المعارضة قبل فوات الأوان!